الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٨ صباحاً

العجين في فن التدجين

د .مسعود عمشوش
الأحد ، ٠٦ يناير ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
اكتفى الإنسان البدائي بتدجين بعض الحيوانات لتسخيرها لخدمته دون مقابل مجز أو منصف. وفي عصرنا الراهن يصر بعض الناس على تدجين أناس آخرين لخدمته، وذلك بفضل ما وقع بين يديه من مال وسلاح ونفوذ وصلاحيات، وربما من رجال يتقنون الكلام الجميل والدجل والسحر. وبين بكرة وضحاها وفي غفلة من الزمن أصبح هو الرأس الرئيس، ثم الزعيم العظيم، والسيد الأعظم وبدأ يفكر بشكل جاد في ادعاء النبوة أو حتى.... إما الآخرون فقد أصبحوا: العبيد والرعاع الأتباع، والتنابلة البلاطجة، والقطيع المطيع.

وهناك وسائل مختلفة لترويض وتدجين الشعوب العربية وجعلها مطيعة مرنة بين الأنامل الحديدية الحنونة للحاكم/الرئيس الشرقي المستبد المعاصر. فهناك من وظف سياسة (جوع كلبك يتبعك) المغلفة بالعطاء بسخاء وإفساد الجميع بمن فيهم أولئك الذين يعتقدون أنهم ثوار نزيهون ومعصومون. وهناك من أحاط نفسه بجيش جرار من أفراد أسرته أو عشيرته أو أو أو. وهناك بعض الحكام الذين يحرصون على خلق عدو داخلي أو خارجي – وهمي في الغالب- لإلهاء الأتباع المترددين أو المتشككين وتخويفهم من هول العلمانيين الشيوعيين أو المتدينين المتشددين، أو من أهل السنة المتصوفين أو الشيعة السلفيين؛ حسب مزاج التابع ومستوى سذاجته.
وللاطمئنان على نجاح التدجين يحرص الحكام الطيبون على تجنيد نصف الشعب وتحويله إلى أنواع شتى من العسس والبصاصين والمصاصين لمراقبة النصف الآخر من الشعب. ويقال إنه حتى البسس باتت اليوم تعمل في كتيبة العسس. وفي بعض المدن انضمت الغربان لسلاح الطيران. ومنها من يقوم بطلعات ناجحة ضد القاعدة على متن طائرات كنا نعتقد إنها بدون طيار.

ولتلميع سياسة التدجين وتبرير ممارستها لكبح جماح الشعوب ودفن أحلامها بالتغيير والحداثة/ يلجأ الرؤساء والحكام في منظومتنا العربية إلى تذكيرنا بنماذج مختلفة من الحكام (الأبطال) الذين اشتهروا بالاستبداد والجنون الشرقي الذي لا يـُكتشف إلا بعد أن يتجرأ أحد أقارب الحاكم أو الأوصياء الغربيين بفضحه والانقلاب عليه.

وهكذا بات التدجين - الذي مارسه الانسان البدائي مع الحيوان- سياسة لتسخير الآدمي من قبل أخيه الإنسان، وذلك من خلال السيطرة على تفكيره وسلوكياته بطرق شتى: عسكرية وبوليسية وقسرية وترغيبية وإن استدعى الأمر: أممية،.......... ومجلس الأمن دائما على استعداد.