السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٥ صباحاً

«شوعي والجمّال والخبي والحيدري»

عبدالعزيز الهياجم
الجمعة ، ٢٨ ديسمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٥٠ مساءً
إذا كان هناك لقب لـ “ شخصية العام 2012 في اليمن” فإن من يستحقه بكل جدارة هم : مساعد أول غالب شوعي علي غالب الحسني ورقيب أول صالح علي محمد الجمال والعريف زايد مبارك علي مبارك الخبي والجندي كمال عبد الكريم محمد علي الحيدري , وهم أفراد النقطة الأمنية بمديرية حيس محافظة الحديدة الذين نجحوا في اكتشاف وضبط شحنة أسلحة مهربة تحوي أكثر من 7 آلاف مسدس ربع تركية الصنع.

وباعتقادي واعتقاد الكثيرين أن استقبال الرئيس عبد ربه منصور هادي لهم يوم الثلاثاء وتكريمهم بوسام الواجب وترقيتهم إلى رتبة ملازم ثاني وصرف مليون ريال لكل واحد منهم هو الحدث الأبرز للعام 2012 والذي طالما تمنى اليمنيون طويلاً مثل هذا التكريم الذي للأسف الشديد أُسقط من قاموس القيادة السياسية اليمنية طيلة عقود مضت .

قبل تكريم هؤلاء الجنود الأربعة كان اليمنيون قد كرهوا كلمة “ تكريم” وكرهوا “ الأوسمة والنياشين والقلادات والأنواط” التي ظلت تمنح لكبار الفاسدين والنافذين والناهبين والمهربين .

نحن نعرف أن مثل تلك الشحنة من الأسلحة المهربة لو كانت مرت وشقت طريقها كانت ستصل إلى قواعدها عند شخصية كبيرة، سواء كان تاجر سلاح أو رجل نفوذ كبير في البلد، وإن كنا لا نعرف الاسم بالتحديد لكن نستطيع أن نستعرض قائمة الشخصيات الكبيرة والمتنفذة في البلد وتجار السلاح المعروفين للجميع، وسنجد أن واحدا منهم هو صاحب تلك الشحنة , وقائمة هؤلاء الكبار في البلد، نتذكر جميعاً أنهم حصلوا على أكثر من تكريم طيلة السنوات الماضية ونالوا حصتهم من كل مناسبة وفي بيت كل واحد منهم متحف من أوسمة الوحدة ونياشين الشجاعة وأنواط الواجب الوطني وقلادات الثورة والجمهورية والديمقراطية وما قدموه من أجل الوطن والمواطن.

حصل على وسام الثورة أناس ولدوا بعد عام 1962 وتم تكريم نضالات ملحمة السبعين لبعض من أبصروا النور بعد عام 1968 ونال وسام الجمهورية شخصيات كانت تقف على النقيض منها , أما وسام السلام فحصل عليه تجار سلاح ومنح وسام الفضيلة لمن هربوا ونشروا الممنوعات وكان لهم حظ وافر في نشر الممارسات التي تتنافى مع الأخلاق والقيم .

كان الملتحقون بالسلك العسكري سواء في الجيش أو الأمن ينخرطون ولدى كل واحد منهم طاقة هائلة من الشعور الوطني والأهداف النبيلة والمثالية الرامية إلى خدمة مصالح الوطن والسهر على خدمة المواطن , لكن عندما يتحولون إلى الواقع العملي كانوا يجدون أنفسهم وقد أصبحوا ضحايا الإذلال والإحباط من قبل من هو أعلى منهم..إذا اعترض جندي لشاحنة مهربة قام ضابط مسئول عنه بإخلاء سبيلها واستلام رشوة , وإذا اعترض جنود لموكب قبليين مسلحين تابعين لشخصية نافذة قامت الدنيا ولم تقعد ويتكفل قائدهم بإرضاء ذلك الشيخ أو الشخصية النافذة ويأخذ أولئك الجنود إلى منزل ذلك المتهكم على النظام والقانون ليقدموا له الاعتذار وطبعاً مع اصطحاب “ أثوار” لتهجيرها .

وبالتالي فإن تكريم جنود النقطة الأمنية في مديرية حيس ينبغي أن يكون مقدمة لتكريم كل رجل أمن يحبط عملية تهريب، سواء لأسلحة أو بضائع أو مخدرات أو أي من الممنوعات ولكل موظف حكومي يُفشل فساداً مالياً أو تجاوزاً إدارياً أو قانونياً اوأي عمل من شأنه الإخلال بالنظام والدستور والقانون .

إذا أردنا أن نستعيد الأمن ونعيد للدولة هيبتها وللقانون قوته وللوطن عافيته فلا خيار سوى تطبيق مبدأ الثواب والعقاب .