الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٤ صباحاً

التغريد خارج السرب...

أنور سعيد
الثلاثاء ، ٠٦ نوفمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٥٠ مساءً
هناك نوع من الطيور يحلو لها التغريد خارج السرب وهي لا تفعل ذلك عن قصد بل هي لا تدرك ذلك وتجهل أصلا وجود سرب في الجوار، تلك طيور معذورة.

أخرى تغرد خارج السرب باستحياء إذ أنها تعرف ذلك وتعلم أن هناك من يطالعها بفتور وهو يتساءل متى ستتوقف عبثها، لهذا فهي تفعل ما تفعله باستحياء عل نقادها في المستقبل سيجدون لها عذرا وسيغفرون لها ربما لكونها كانت مستضعفة ومجبرة بالقوة.

ما يثير إعجابي حقا هو تلك الطيور التي تغرد خارج السرب بكل ما أوتيت من قوة وعن قصد ودون أدنى شعور بالحياء أو الخجل من سلوكها الشاذ، وهي – على حد علمي - واحدة من فصائل الغربان.

صدقوني من الصعب جدا أن تجد هذا النوع من الغربان في الوقت الحاضر لأن بيئة العصر الحالي فرضت عليها الأنقراض بسبب نظرية الكون الأزلية "اللي اختشوا ماتوا".

"قناة العالم" هي واحدة من القنوات الإخبارية القليلة التي تشترط على المذيعيين الذين يتقدموا للعمل معها أن يكونوا فاقدي الحياء وعديمي الخجل والضمير، وهذا شرط ضروري حتى إذا ظهر أحدهم على شاشتها بدأ وكأنه في وضع طبيعي ومندمج حتى النخاع في مسلسل الزيف والخداع الذي يقدمه، بل ويبدو أنه يقدم قضية مصيرية ومذبوح فيها من الشريان حتى الشريان كما لابد أن يقول عمنا الفقيد قباني في حالات مماثلة.

هو يعلم – أي المذيع وليس قباني - أنه يكذب ويعلم أننا نعلم أنه يكذب ومع هذا لا يزال يفعل ما يفعله بكل وقاحة، ومع علمه في قرارة نفسه أنه يغرد خارج السرب وأن قناته الموقرة تحاول "حجب الشمس بغربال" علها تنجح في تحويل الرأي العام عن قضية أخرى، إلا أنه لا يزال مصرا على التظاهر بأن لا شئ يحدث خلافا لما بين يديه، وأن الكون يدور في فلك ما تطرحه قناته من قضايا.

ألا يثير ذلك الإعجاب حقا.....

جرب - على سبيل المثال - أن تقنع صديقك أن ثمة حمامة بيضاء هي في الأصل سوداء وأخرى سوداء هي بيضاء.

وحين تشعر بصعوبة ذلك بل باستحالة الأمر أساسا ستدرك مدى براعة تلك المواهب التي أتحدث عنها في قناة العالم والتي تصل أحيانا حد السحر، مع توفر موهبة سينمائية خلابة في التقمص لدى هؤلاء لا مثيل لها من النادر وجودها حتى بين أوساط المختصين في مجال الفن والتمثيل بهوليود، حينها ستعرف بنفسك حجم المعجزات التي تقدمها لنا قناة العالم.

كوني أحمل خبرة متوضعة في المجال الإعلامي فأنا شغوف من أعلى شعرة في رأسي حتى أخمص قدمي بهذه التجربة الفريدة التي تخوضها قناة العالم، وأكثر ما يثير هذا الشغف لدي هو النهاية التي ستصل إليها ومتى ستكف هذه القناة عن هذا التغريد وكيف ستعود وستتأقلم مع الوضع عندما يحدث التغيير في بعض القضايا.