الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٦ صباحاً

العنف السوري مسؤولية من ؟؟

حسام ردمان
السبت ، ١٣ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
لازال المحيط الدولي كله تقريبا منشغلا بالملف السوري الذي ينتقل من وضع إلى آخر ويأبى أن يجد أطرافه حل سياسي يقلل من مستوى العنف المشهود هناك والذي راح ضحيته ما يزيد عن 30ألف قتيل .

اليوم نرى الثوار قد انتقلوا مرغمين إلى النضال المسلح بعد أن خذلتهم السلمية وتخلى عنهم العالم ، وأرغمهم النظام بأسلوبه القمعي على الذي دأب عليه منذ البداية على حمل السلاح دفاعا عن أهلهم وعرضهم الذي استباحه شبيحة الأسد وجيشه النظامي .

أذا فالمسئول الأول عن العنف في سوريا ليس الثوار بل هو النظام السوري الذي لم يستمع إلى نصائح جاره التركي بالدخول منذ بداية الثورة في عملية إصلاح حقيقي تمكنه من امتصاص غضب الشارع وقرر المضي في حله الأمني والاستخباراتي عوضا عن ذالك .. وقد أقدم على ذالك بدعم روسي صيني قوي بينما كان الغرب يظهر مناوئته ورفضه لنظام الأسد ،وقد أدى هذا التجاذب إلى إحداث شرخ حاد في الأسرة الدولية وزاد من عقم مجلس الأمن وكبله بالفيتو مع كل محاولة منه لإيجاد حل حقيقي في سوريا ..هذا العقم الدولي أدى إلى جانب القمع الاسدي إلى تفاقم العنف في سوريا بالشكل الذي نراه اليوم .
العنف في سوريا تتحمل مسؤوليته بنسبة ما المعارضة السورية في الخارج حينما عجزت عن ترتيب صفوفها والتوحد لتكون قوة ضغط حقيقية على النظام السوري لإرغامه في الدخول بتسوية سياسة على غرار النموذج اليمني الذي لعب فيه توحد المعارضة دورا كبيرا في إرباك النظام .

المعارضة السورية تلقت دعما دوليا مهيبا ولكنها لم تقوى إلا على إقامة المؤتمرات التي لم تقدم لثوار الداخل شيئاً يذكر برغم أنهم فوضوها رسميا منذ بدايات الثورة بجمعة أسموها (المجلس الوطني يمثلنا ) ، ولكنهم اكتشفوا فيما بعد أن الممثل الحقيقي لهم هو الجيش الحر ولا أحد سواه .
إذا يمكننا القول أن النظام السوري نجح خلال الفترة السابقة بتحويل الثورة السورية السلمية إلى صراع مسلح مع جماعات مسلحة ( كما كان يدعي مرارا ) .. هذا النجاح الاسدي لم يتحقق حينما بدأ الجيش الحر بترتيب نفسه تنفيذ علميات نوعية وضربات قاسية ضد الجيش النظامي ، بل تكلل هذا النجاح عندما بدأت الجماعات الجهادية الراديكالية بالتوافد إلى الداخل السوري والتأسيس لعدد من الكتائب التي تعمل معظمها اليوم خارج مظلة الجيش الحر.

وجود هذه الجماعات هو ما يفسر الخوف الإسرائيلي من الثورة وتمسكها بالأسد ، وهو ما يفسر كذالك تأخر الدعم الأمريكي لثوار المقاتلين والقيام بتدخل عسكري على غرار ما حدث في البوسنة .

يخشى العديد من المتابعين اليوم أن تتحول الثورة السورية إلى مشروع جهادي لتكوين إمارة إسلامية وتكرر ما حدث سابقا في أفغانستان وهذه المخاوف لم يعبر عنها الساسة الدوليين بل عبر عنها الثوار السورين نفسهم ، حيث ذكرت فرنس برس أن هناك خلافات بين الإسلاميين الأصوليين -المتواجدين بكثرة في سوريا – وبين الليبراليين المعتدلين الذين أشعلوا الثورة بمطالبهم المنادية بالديمقراطية والحرية والدولة المدنية ، والكثيرين يخافون على علمانية الدولة المهددة في المستقبل.

في المجمل يمكننا القول أن جميع الأطراف مشتركة في زيادة مستوى العنف في سوريا إلا أن النظام السوري يبقى وحده أول واكبر المتسببين ، وهو الطرف الذي جر البلاد إلى ما هي عليه اليوم من دمار ،كما انه الطرف الذي لا يمكن لسوريين أن يغفروا له أبدا .. ولكن يبقى التساؤل الأبرز في ذهني يدور حول مستقبل كل الجماعات الجهادية التي دخلت سوريا ، وكيف ستقوى المعارضة والثوار على التخلص منها و بناء الدولة المدنية التي يحلمون بها ؟؟