الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١١ صباحاً

محاولات إفشال الجامعات اليمنية (جامعة صنعاء نموذجاً) من ؟! .. ولماذا ؟!

معتصم أبوالغيث
الثلاثاء ، ٠٩ اكتوبر ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
إن للجامعات دوراً ريادياً وبارزاً في الدفع بعجلة الرقي والتقدم لأي بلدٍ يسعى للنهضة، كما أنها تساهم وبقوة في تجاوز العوائق والصعوبات التي قد يواجهها البلد أثناء تصحيحه لمساره الخاطئ، ولها نجد بان مهاتير محمد باني نهضة ماليزيا ورئيس وزراءها الأسبق قد أهتم كثيراً بالتعليم بمراحله المختلفة عموماً وبالتعليم الجامعي خصوصاً، لنجد بأنه يرجع سر النهضة الماليزية إلى الاهتمام بالتعليم.
وكذلك عصفت الثورة الفرنسية الغاضبة على الفساد بالفاسدين في فرنسا، ليتولى باني نهضة فرنسا الحديثة شارل ديجول رئاسة فرنسا بعد الثورة، والذي قيل له: بأن الفساد قد ملأ فرنسا بأكملها، ليرد مستفسراً: وهل وصل الفساد إلى الجامعات؟ فقالوا له: كلا لم يصل، ليجيبهم مطمئناً: إذا فرنسا لا تزال بخير، وبناءً على الأوضاع الراهنة في اليمن والمرحلة الصعبة التي نمر بها، فإننا أشد ما نكون بحاجة للاهتمام بالجامعات وإصلاحها، لكي تقوم بدورها الهام على الوجه الأمثل.

والمتأمل لحال جامعاتنا في السنوات السابقة يجد بأن الفساد لم يصل إليها، لأنها نفسها كانت بؤرةً وإشعاعاً للإفساد في اليمن، وبعد أن كان من المتوقع أن تأتي المرحلة الانتقالية في اليمن بإصلاح وتطوير للجامعات، نجد بأن الأحداث الأخيرة في جامعة صنعاء، قد ملأت الأخبار، والتي جعلت منها بعض الأطراف سبباً قد يقود لفشل التوافق السياسي الحاصل بموجب المبادرة الخليجية، وبغض النظر عن ذلك التوافق السياسي، فإن تلك الأحداث بما تمثله وتجمله من سلبية تمثل خطراً كبيراً على حال الوطن والمواطن، ومن هذا المنطلق فقد حاولت في مقالي هذا أن أسلط الضوء على جامعة صنعاء –كنموذج للجامعات اليمنية- وعن سبب إعاقتها عن أداءها لدورها المفترض خلال الفترة الانتقالية في اليمن.
وكانت اليمن قد دخلت مرحلتها الانتقالية في 23 نوفمبر المنصرم، وذلك بعد توقيع الأطراف السياسية للمبادرة الخليجية، لتبدأ أحداث الصراع الجامعي عقب ذلك بثلاثة أيام، عندما أعلنت نقابة أعضاء هيئة التدريس والاتحاد العام لطلاب اليمن عن استئنافهما لدراسة الترم الثاني للعام الدراسي 2010 – 2011م والذي تأخر بسبب الأوضاع التي مرت بها اليمن في ذلك الوقت، إلا أن رفض رئاسة الجامعة للعودة للحرم الجامعي واستمرارها في مواصلة العملية التعليمية في مقرات بديلة خارج الحرم الجامعي، معللةً ذلك برفضها للسيطرة العسكرية على الجامعة والمتمثلة بسيطرة الفرقة الأولى مدرع على الحرم الجامعي، بينما كانت قوات الأمن المركزي تسيطر على مقراتها البديلة مع عدم اختصاصها في ذلك، قد فند علتها المطروحة ووضع التساؤلات العديدة حول العلة الحقيقية ؟!

ليأتي اتفاق الجميع على العودة للحرم الجامعي، مع التأكيد على مخاطبة اللجنة العسكرية برفع تواجد الفرقة من الجامعة خلال عشرة أيام، ليبادر اتحاد الطلاب بوضع حراس مدنيين على بوابات الجامعة وكلياتها تأكيداً على رفضه للتواجد العسكري، إلا أن انتماء الحراس المدنيين أنفسهم لقوات الفرقة الأولى، قد أحاط مبادرة الاتحاد بالعديد من الأسئلة، لتأتي المماطلة في رفع تواجد الفرقة من الحرم الجامعي، معللةً ذلك بتواجدها لحماية الحرم الجامعي وبتسليمها حراسة البوابات لاتحاد الطلاب، لتأتي بذلك الإجابة على الأسئلة المحيرة !!

وكان الشد والجذب بين رئاسة الجامعة وبين الأكاديميين والإداريين والطلاب حول بعض المطالب لا زال مستمراً، والذي أدى لتصاعد الاحتجاجات الطلابية والأكاديمية والإدارية ضد فساد رئاسة الجامعة، والتي أدت لتقديم خالد طميم لاستقالته من رئاسة الجامعة، ليكلف بعدها وزير التعليم العالي د.أحمد باسردة للقيام بأعمال رئيس الجامعة، إلا أن باسردة لم يكن أحسن حالاً من سابقه، فلم يصنع شيئاً سوى قيامه بالمماطلة والتجاهل.

وعندها لم تتوقف الاحتجاجات واستمرت للمطالبة بحقوقها، بدءاً بالمطالبة بحق الانتخاب بالقيادات الأكاديمية في الجامعة، والمطالبة بإلغاء النظام الموازي والمطالبة بحقوق مالية متوقفة منذ عهد طميم، لتتصاعد الأحداث بوتيرة حادة، والتي لم تجد لها سوى بعض التحركات البسيطة لرئيس الوزراء أ.محمد باسندوة والذي بدأ في التحرك باتجاه حل بعض تلك المشاكل، إلا أنه كان تحركاً ينقصه بعضٌ من القوة والحزم ليفي بغرضه، وأما عن وزير التعليم العالي د.يحيى الشعيبي فقد أستمر في تجاهله لما يحدث في جامعة صنعاء، مع تجاهله لما يحدث من احتجاجات من قبل موظفي وزارته كذلك.
إلا أن الأمر لم يكن أحسن حالاً منه عند رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي والذي تجاهل الاحتجاجات ولم يلتفت إليها إلا في قضية التعليم الموازي، والذي أصدر توجيها بتخفيض رسومها، وكأن ما دعاه لتحرك هو تذكره بأن قضية التعليم كانت شرارة الاحتجاجات الطلابية والتي تبعتها موجة الاحتجاجات الشعبية اليمنية في عامها المنصرم، والتي جعلت من الرئيس السابق لقباً لعلي عبدالله صالح، ليعود هادي بعد توجيهاته تلك إلى صمته المريب !!

ورغم بساطة التحرك الحكومي نحو تلك المطالب الحقوقية، إلا أنه زاد كثيراً من توتر رئاسة الجامعة ومن يقف وراءها، والتي كان مطلب أعضاء هيئة التدريس بحقهم في انتخاب القيادات الأكاديمية للجامعة والمؤيد من اتحاد الطلاب، هو أكثر ما يؤرقهم والذي بسببه حاربوا جميع المطالب الحقوقية الأخرى، وما كان لخوفهم ذلك أن يكون إلا لتأكدهم على عدم قدرتهم على المنافسة في الانتخابات النزيهة، وموقف رئاسة الجامعة جعل من انتخاب القيادات الأكاديمية الحل الوحيد لكونه لمفتاح لجميع الحقوق الأخرى.

إلا أن الاستفهامات بدأت تهاجم، فالهيئة الإدارية للنقابة مضى على شرعيتها الانتخابية عدة أشهر، والمكتب التنفيذي لاتحاد الطلاب مضى على شرعيته الانتخابية عدة سنوات، فكيف يمكن لهما أن يطالبوا بحق الانتخاب للقيادات الأكاديمية للجامعة؟!

مما دفع المكتب لتنفيذي للاتحاد لإصدار بيانها عن بدء التجهيز والاعداد للانتخابات الطلابية، ليتحول المكتب التنفيذي للاتحاد إلى لجنة تحضيرية للانتخابات، إلا أن الغريب العجيب هو بيان الاتحاد الصادر في الاسبوع المنصرم، والذي أعلن فيه عن بدء التحضير والاعداد للانتخابات، ليكون بذلك نسخة نصية من بيان الاتحاد السابق والصادر في أوائل مايو المنصرم، وكأن هذا البيان هو مجرد ورقة لعب بأيدي القيادات الثلاثينية العمر في المكتب التنفيذي للاتحاد!! ، كذلك جاء اعلان الهيئة الادارية للنقابة عن جدولها الزمني لانتخابات اللجان النقابية في الكليات، والذي سيتبعه انتخاب هيئة إدارية جديدة للنقابة، والذي بدأت النقابة في تنفيذه فعلياً.

إلا أن تلويح رئاسة الجامعة بانتهاء شرعية الهيئة الادارية للنقابة والمكتب التنفيذي للاتحاد، لم يكن مجدياً بما يكفي لإيقاف هيئة التدريس والطلاب عن احتجاجاتهم، وذلك لأن المطلب قد صار مطلباً لأغلب أعضاء هيئة التدريس وللكثير من الطلاب، بغض النظر عن وجود الهيئة الادارية للنقابة والمكتب التنفيذي للاتحاد أو عدم وجودهما.

عدها لجأت رئاسة الجامعة للعديد من الأساليب الهادفة إلى جمع التأييد من حولها وكسر التأييد عن بقية الأطراف المواجهة لها، ومن ذلك ما قامت به رئاسة الجامعة من إحداثها للصدام بين أعضاء هيئة التدريس والموظفين في الجامعة، عن طريق إيعازها لإدارة نقابة الموظفين للمطالبة ببعض المطالب والتي ستحققها لها، إلا أن الأهم هو إيعازها بمطالب مرفوضة من أعضاء هيئة التدريس لعدم موضوعيتها، وعلى سبيل المثال طلب نقابة الموظفين للمساواة في المطالب والحقوق بين هيئة التدريس والموظفين، وطلبهم كذلك لدمج نقابتي هيئة التدريس والموظفين في نقابة واحدة !!

والصحيح أن تلك المطالب غير موضوعية، فالموظفين أعضاء في الجهاز الإداري الحكومي، وعمله الاداري الذي يؤديه بمقدور أي موظف في أي مرفق حكومي آخر أن يؤديه، بينما ينحصر أعضاء هيئة التدريس بالعمل الاكاديمي في الجامعات، وبالتالي فإن مطالب موظفي الجامعة وحقوقهم يجب أن تتساوى بطالب وحقوق الموظفين في الجهاز الاداري الحكومي، لا بأعضاء هيئة التدريس في الجامعات !!

ومع تواصل الصراع المحتدم بين الاطراف، وازدياد وتيرة حدته يوماً بعد يوم، دفع ذلك برئيس الوزراء للتحرك بصورة أثر فاعلية من ذي قبل، وقد أصدر العديد من التوجيهات والتي كان للدكتور الشعيبي وزير التعليم العالي نصيب منها، إلا أن د.الشعيبي فاجأ الجميع برسالة تناقلتها العديد من المواقع الاعلامية، والتي بين فيها إرساله لاستقالته من منصبه للرئيس هادي، مكملاً رسالته بأسباب استقالته.

ليصدر الرئيس هادي بعد فترة من ذلك قراراً جمهورياً بتعيين هشام شرف وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، وقراراً آخر بتعيين أحمد دارس وزيراً للنفط والمعادن، هنا أتذكر ما قرأته عن ذلك الروسي الذي كان يشغل منصب مستشار الرئيس السوفيتي في أواخر عهد الاتحاد السوفيتي قبل تفككه، والذي أمسكت به المخابرات السوفيتية بتهمة العمالة للولايات المتحدة، وعند سؤالهم له عن المطالب التي حققها للمخابرات الأمريكية، قال لهم: لم يطلبوا من شيئاً غير أن أضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب، لأن ذلك يكفيهم لتدمير الاتحاد السوفيتي، أي أنه كان يضع الرجل الكُفء في مكان في غير اختصاصه، وكان ذلك كفيلاً بتدمير الإمبراطورية السوفيتية.


وهنا أقول إن هذه الفترة تشهد الكثير من الاضطرابات والمشاكل والحاجة للإصلاح في وزارة التعليم العالي وفي الجامعات الحكومية، والوزارة بأشد ما تكون بحاجة لشخص يجمع ما بين النزاهة والخبرة، فهل يكون الحل بمهندس مدني يجمع حوله العديد من فضائح الفساد الكبرى، هل يكون حل تطهير وزارة النفط من فساده، بترحيل الفاسد إلى وزارة التعليم العالي، هل يكون الحل بالرجل غير المناسب في المكان غير المناسب.

كذلك كانت المواقع الاعلامية التابعة لاحزاب اللقاء المشترك قد رحبت سابقاً باستقالة د.الشعيبي، وذلك لعدم قدرته على ادارة الوزارة، ورحبت لاحقاً بقرار هادي بتعيين دارس وزيراً للنفط وبتخليص الوزارة من فساد وزيرها السابق هشام شرف، إلا أنهم صمتوا عن الحديث عن تعيين شرف وزيراً للتعليم العالي، فيا ترى هل كان ترحيبكم باستقالة د.الشعيبي لأنه لم يكن قادراً على ادارة الوزارة كما وصفتم، أم لأنه ذكر في أسباب استقالته عدم قدرة باسندوة على ادارة الحكومة، وكذلك لذكره عدم وجود الرؤية الواضحة لدى حكومة الوفاق، فإن كان أمر الوزارة يهمكم فلماذا كان الصمت ردكم، على تعيين شرف وزيراً للتعليم العالي.

إلا أن تعيين شرف وزيراً للتعليم العالي لم يغير من تجاوب الوزارة مع توجيهات باسندوة، ولم يكن هناك سوى تجاهل الوزير الجديد لتوجيهات رئيس الوزراء، ورغم ذلك ظل باسندوة صامتاً عن ذلك ولا يحرك ساكناً، ليأتي تمادي باسردة في أفعاله بعزله لقيادات منتخبة في الكليات وتعيينه في أماكنهم لأشخاصٍ من المؤيدين له، ليتبعها بالكثير من التماديات التي لا مبرر لها سوى الخوف الذي يملأه.

إلا أن إعلان الهيئة الإدارية للنقابة عن بدء التجهيز لانتخابات رئاسة الجامعة (رئيس الجامعة ونوابه)، وعن فتح باب الترشيح للأساتذة الراغبين في ذلك، وكذلك تحديدها لموعد اليوم الانتخابي، والمدعوم بتأييد ضمني لباسندوة، هو ما جعل تجاهل وزير التعليم العالي وصمته يتحول إلى النطق بعدم شرعية الانتخابات لعدم وجود قانون بذلك، وهو نفسه ما تحدث به باسردة، كذلك كانت رسالة يحيى الراعي رئيس مجلس النواب والتي وجهها إلى رئيس الوزراء، والتي يطلب فيها عدم إقامة الانتخابات لعدم وجود قانون يسمح بذلك، إلا أن الأغرب هو أن من أرسل الرسالة يدافع فيها عن القانون، تناسى بأنه قد أنتهك القانون بتذييله للرسالة باسم مجلس النواب ككل، رغم عدم مناقشة المجلس لتلك القضية، فيا ترى لماذا نسي من يدافع عن القانون أن يلتزم بما يدافع عنه ؟!
ومن الصحيح بأن القانون لا يقول بالانتخابات، إلا أن نفس القانون كذلك لا يقول بالتعيينات، وبالمقارنة بين الانتخاب والتعيين من حيث أقربهما للقانون فستكون المقارنة لصالح الانتخابات وذلك لاعتماد المجلس الاعلى للجامعات لمبدأ الانتخابات في القيادات الاكاديمية للجامعات، والذي لم يتبقى سوى صدور قانون بآلية العملية الانتخابية، كما أن المقارنة بين أفضلية الانتخاب أم التعيين، ستقود إلى أفضلية الممارسة الديمقراطية بكل تأكيد.

لتواصل النقابة التجهيزات الانتخابية وصولاً إلى يوم الانتخابات، والذي كان أول القلق فيه تواجد د.أحمد باسردة رئيس الجامعة وبرفقته د.خالد طميم رئيس الجامعة السابق أمام مبنى كلية التجارة والتي من المقرر إقامة الانتخابات في احدى قاعاتها، ليبدأ القلق في الزيادة بعد وصول مظاهرة لمجهولين يطالبون بتطبيق القانون، ويمنعون أعضاء هيئة التدريس من دخول الكلية، ليتطور الامر لاعتدائهم على بعض أعضاء هيئة التدريس، وهذا ما فسر تواجد طميم وباسردة أمام الكلية، وذلك ليتابعوا بأنفسهم ما دبروه من تلك الأعمال التي حدثت، وإلا فما سبب تواجدهم مع عدم اعترافهم بالانتخابات ؟!

إلا أن الرد الغاضب للهيئة الادارية للنقابة بإعلانها للإضراب الشامل، هو الرد الخاطئ على تلك الاحداث، فلا يمكن لمن يبحث عن حقوقه أن يأخذها بمنعه لحقوق آخرين، فالإضراب في إطار ترم استثنائي يزيد من معاناة الطالب ويسلبه حقه التعليمي، كما أن الاضراب الشامل لا يتخذ في الظروف الاعتيادية إلا بعد العديد من الاجراءات السابقة كرفع الشارات الحمر والاضراب الجزئي وغيرها، فما بالك بإضراب شامل في إطار ظروف استثنائية !!

ليزيد اتحاد الطلاب الطين بلة، فهو اتحاد لا يطالب إلا بما يتفق معه قيادات المكتب التنفيذي (الغير شرعيين)، وأما ما لا يتفقون معه من مطالب الطلاب الأخرى فمصيره المحاربة من قبلهم، مما سبب تفرقاً للطلاب ما بين طلابٍ التزموا الصمت في كل شيء خوفاً من استغلالهم من أي طرف، والبعض الآخر ما بين معارضٍ ومؤيدٍ للاتحاد، وتفريق الطلاب بتلك الطريقة هو ما زاد الجامعة فشلاً فوق الفشل !!

ولعل مطالبة الكثير من الطلاب بإخراج قوات الفرقة الاولى مدرع من الحرم الجامعي ورفض الاتحاد لذلك، بل ومحاربة من يطالب به والالتواء عليهم، هو أبرز تلك المشاكل ما بين الاتحاد والطلاب، كما أن رفع تلك القوات كان قد بُدء به في شهر أبريل المنصرم، إلا أنه وبعد مرور ستة أشهر نأتي لنجد بأن الوضع لا زال على ما هو عليه، فيا ترى لماذا لا زالت قوات الفرقة متواجدة رغم خطأ ذلك، ورغم أن تواجدها أحد أسباب النزاع ليس في إطار من ينتمون لجامعة صنعاء فقط، بل أنه يمتد إلى نزاعٍ أوسع من ذلك، فلماذا التمسك بأسباب النزاع رغم أننا في إطار مرحلة حوارٍ توافق على حسب ما أظن ؟!

وواصلت نقابة هيئة التدريس ومؤيديها فعالياتها الاحتجاجية مع استمرار الاضراب، وكان آخرها الوقفة الاحتجاجية أمام مكتب رئاسة الجامعة في الجامع القديمة، والتي قام فيها أحد مرافقي باسردة بإطلاق النار في الهواء، وتكسير قطع من الزجاج وإلقاءه على الأكاديميين والطلاب المتواجدين في الوقفة، لتقوم قوات النجدة والفرقة الأولى بإخراج باسردة من باب خلفي لمكتبه، وذلك هرباً به من غضب الطلاب المتواجدين في الوقفة.

ليأتي توجيه باسندوة لوزير التعليم العالي بتكليف أ.د/ مجدي عقلان للقيام بأعمال رئيس الجامعة ونوابه إلى حين عودة رئيس الجمهورية وذلك بهدف انهاء الاشكاليات القائمة في الجامعة، ليكون الرد برفض وزير التعليم العالي للتوجيه، ليصدر باسندوة قراراً بتكليف أ.د/ مجدي عقلان والذي أعتذر عن التكليف، ليصدر باسندوة بعدها قراراً بتكليف أ.د/ عبدالحكيم الشرجبي.

وقد رحبت نقابة هيئة التدريس بالقرار معلنةً رفع الاضراب، ليعلن باسردة وهشام شرف عن إيقاف الدراسة الجامعية، وعن بقاء الحال كما هو عليه حتى عودة الرئيس هادي للبلاد !!
بعدها أصرت الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام بياناً استنكرت فيه ما وصفته باعتداء ميليشيات الاصلاح على رئاسة الجامعة حسب قولها، واستنكارها لقرار باسندوة وتجاوزه لصلاحياته، وبأن تجاوز باسندوة يعد خرقاً للمبادرة الخليجية، وبأنها ستتواصل مع رعاة المبادرة لبحث الأمر، ليقوم الميثاق نت الموقع الالكتروني لصحيفة الميثاق الناطقة باسم حزب المؤتمر الشعبي العام بنشر صورة لمسودة قرار لم يكتمل بتعيين باسردة رئيساً للجامعة، واصفةً للمسودة بأنها قرار جمهوري لتعيين باسردة !!

وهنا تطرح الأسئلة نفسها لماذا تزييف الحقائق واستغباء الآخرين؟! ، ولماذا ردة الفعل الشديدة تلك والغير مناسبة للموقف الحاصل؟! ، والمتأمل في الأسماء التي صرحت في إطار بيان الأمانة العامة للمؤتمر، سيجد بأن فساد تلك الأسماء في عهد الرئيس السابق هو ما يجمعها، فيا ترى هل يكون ذلك محاولةً للحفاظ على بقاء الأسماء الفاسدة كتلك وغيرها بافتعالهم للأزمات، أم لأجل إخفاء فسادٍ ليس له أول من آخر والذي يختفي خلف منصب رئاسة جامعة صنعاء ؟

أخيراً .. لقد اجتمعت العديد من الافعال، والتي قام بها العديد من الاطراف، وتلك الافعال هي من كانت السبب في وصول الحال إلى هذا المنحى الذي لا ينبغي السكوت عنه، لأن السكوت عنها سيؤدي ما لا ينفع الندم عليه في ذلك الوقت، ولن يكون الحل إلا بتظافر الجهود وتعاونها، لتقول للمصيب أصبت وتعينه على عمله، ولتقول للمخطئ أخطئت وتجبره على إصلاح خطأه.