الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٤٠ صباحاً

اليمن وشروط النهضة

علي الويناني
الأحد ، ١٦ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ١٠:٥٥ مساءً
هل حانت الساعة التي ينساب فيه الفجر الشاحب بين نجوم الشرق وهل جاء وقتنا لكي نستيقظ وننتفض من سباتنا وملابسه الرثة هل الله سبحانه وتعالي بداء يرضي عن كفاحنا الذي استأنفناه هنا وهناك وأن للشمس ان تشرق على الارض والبلد التي نامت منذ زمن وما زالت مخدرة . أأن لتلك الاشعه اخيرا ان تحمل ظل جهدنا المبارك !! هذه كانت بعض التساؤلات التي تسائلها المفكر مالك بن نبي في كتابه " شروط النهضة " .

هنا وهناك بدأت الاصوات تتعالي وتهتف هذه الاصوات التي ايقظتها خطواتنا نحو الدولة المدنية التي غاصت الى قلوبنا تبحث عن مكان لكي تستقر به وتتحول الى ايمان قوي يصرخ ويهتف نعم للغد بعيدا عن احقاد والالام الماضي الكئيب. انها اصوات النهضة التي قدم الكثير من اجلها ارواحهم رخيصة لكي يكونوا لبنتها الاساسية ويعلموننا درسنا في التضحية والتنازل عن الطموحات الشخصية الضيقه التي اغرقت البلاد لمدة طويلة . كيف لا وهم الذين ضحوا با اغلي ما قد يقدمه الانسان وهو روحه العطره.

ولكن لكل نهضة شروط وقوانين لكي تكون قريبه من واقعنا . فكل منا يسعي الى اقتراح الحلول وكتابة التوصيات ولكن في المقابل علينا ان نكون اكثر وضوحا مع انفسنا ويجب ان نزيل كل الانقاض والتسأئلات عن سبب انحطاطنا ورواسب الفوضي والعشوائية التي عشناها منذ سنين . ليس نظاما وحده من عمل هذا بنا ولكن نحن شاركنا في رسم خطوط انحطاطنا فردا واسرة ومجتمع ايضا. فلاعيب ان نراجع انفسنا ونري المستوي الحضاري والنهضوي الذي نسكنه في ايامنا هذا لكي نبداء بخطوات واثقة الانطلاق منه نحو المستقبل المنتظر. فيقول بن نبي " لكيلا نكون مستعمرين يجب ان نتخلص من القابلية للاستعمار" وهذا الاشعاع النوراني التي بينته هذه العبارة البسيطة قد نورته لنا ايات الله سبحانة وتعالي عندما قال " إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم " . كل العوامل والشروط سوف تناقش وبشكل مختصر على ثلاثة مراحل وهي التاريخ والحاضر والمستقبل وسوف تحمل في طياتها بعض الدروس والعبر والواقع الاليم الذي نحاول ان نغطي اعيننا عنه ولو لولهه كي نهرب من ماضي كئيب.

ان مشاكلنا قد لا تختلف كثيرا عن كل مشاكل الدول العربية والاسلامية في الاونه الاخيرة وهذا ما قد يثبته التاريخ القريب الذي عشناه ولنقل ما بعد ثورتين سبتمبر و اكتوبر. كان كل الذي قمنا به في هذه الثورتين هو عبارة عن دور بطولي فقط ومن حقائق هذا الدور انه لا يلتفت الى حل المشاكل التي مهدت لما حدث سابقا من جهل وذل في عهد الامامة. لقد كان الدافع الحقيقي الذي دفع الكثير الى المشاركة في هذه البطولة هو الطموح واكتساب المجد المسلوب وارضاء العقيدة ، لم يكن الطريق قد رسم بوضوح الى تخليص مجتمع ابتلي بالجهل والفقر والبعد عن الحضارات العالمية الموجودة حينها . ان المشكلة الحقيقة لكل الشعوب ليست مشاكل انظمة وقوانين تعيق حركتها ولكن تكمن في حضارت الشعوب فكيف لمجتمع يريد ان ينهض اذا لم يرتفع بفكره ومفهمومه الى الأحداث الانسانية ولم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات او تهدمها . لقد نسينا دورنا في السلسلة التي تؤلف الملحمة البشرية منذ ان خلق الله الانسان على وجوه الارض وهذا الدور الراقي هو بذل الجهد من الاجيال المتعاقبة في سبيل الرقي والتقدم . وهذا سبب ما وصلنا له اليوم خمسين سنة وما زلنا لا نميز بين دورنا كافراد واعضاء مجتمع
مدني وبين دور حكومة وبين دور مؤسسات خاصة. اصبحنا من الذين يرمون اخطائهم على غيرهم وينسي دوره والتزاماته نحو هذا الشعب.

ولكن في المقابل نري ما يحدث اليوم من اثر للسياسة والكلمة ودورها في خلق الظاهرة الاجتماعية فتدخل الى سويدا القلوب وتستقر معانيها وتخلق اناسا ذوي مبادئ وقيم حضارية . كان في الماضي الانسان يناجي نفسه بالتغيير واذا ظهرت هذه الاصوات كانت تظهر على شكل افراد قله ولكن ما يحدث اليوم من فعل كلمة تثير العواصف في النفوس وتسعي الى تغيير مفاهيم باليه ورأينا كلمة " ارحل " كم تجاوب معها من الشعب هذه ظاهرة جديدة لو قارنها بتاريخنا وهي اكبر دليل على ان الحاسة الاجتماعية قد تجلت في ثورة شعب واصبح المعني يتجلي من جديد وبداء الشعب يفهم ان له رسالة لا بد ان استأنافها ويبدا يمهد لمن ياتي من بعده. وبسبب الاثر الكبير للكلمة فعلي رواد الكلمة في بلادنا ان يبتعدوا عن المصالح والاهداف الضيقة وعليهم ان يتفقوا على نقطة معينه وهي إرادة الحركة والتجديد والنهوض والفرار بنا من واقعنا الذي نعيش فية الى الحلم الكبير الذي نسعي اليه وان يسخروا كلماتهم لهذا الهدف العظيم هذا اذا كنا نريد ان نحصل على بلد نفتخر به كغيرنا من البشر. يجب ان تكون الكلمات محدده ويجب ان تحدد معالم طريق المجد. ومن اثر الكلمة السلبية ما يحدث الان في الجنوب ، فالبرغم من ايما
ني با احقية القضية الجنوبية ومعاناتها الا ان الكلمات قد انحرفت عن مسارها واتجهت الى خلق اجواء من الكراهية والحقد بين ابناء الشعب اليمني الواحد، فنشاهد الايمان القوي ببعض المفاهيم التي تودي يوميا الى توسيع الجرح وشق الدولة الى نصفين . ليس هناك فقط ولكن ايضا ما يحدث بين افراد القاعدة من استخدام خاطي للكلمة فازداد العدوان والقتل في بلد عرف بالحكمة والقلوب الرقيقة ولكن لا عجب من هذا الان وذلك لان الحكمة قد تركت مكانها للانتهازية السياسية التي ليس لها قيود ومعالم واضحة ومفهوم ضيق لها من قبل البعض.

ما زلنا امام شروطا جمة تتلخص بين ثلاثة عناصر ولكن اهمها هو الانسان نفسه وكل ما يؤثر به من كل الجوانب . واهم الاشياء التي قد تؤثر على نهضة الامم هي الثقافة وطريقة توجيهها وماهي الثقافة بالتاريخ لاخذ العبر والثقافة التربوية والتوجيه الاخلاقي للامم. هذا النوع من الثقافة مهم جدا ولكن لا سبيل لعودة الثقافة ونجاحها في وظيفتها الحضارية الا بعد الهروب من الحشو والانحراف الذي احدثته السنوات الماضية والثقافات المغلوطة التي تكونت بسبب التوجية الخاطي لها. وعلى مجتمعنا ان يؤمن ان الثقافة هي الجسر الوحيد له لكي يعبره ويصل الى الرقي والتمدن الذي يطمح له وهي ايضا حاجز لمجتمعنا من السقوط الى الهاوية.

ايضا مهارات المجتمع في الفنون وغيرها وهي ما يطلق عليها بالصناعة وطريقة توجيهها وايضا راس المال وهنا يكون الربط بين مؤسسات الدولة بمختلف جوانبها وانتمائاتها وهي الربط بين عمل حكومة ومنظمات مجتمع مدني او العمل التطوعي وايضا الجانب الخاص الممثل برأس المال والاستثمار وكيف با امكاننا ان نتوجه بكل هذه القوي الى خط واحد وهدف واحد. مشكلتنا هو اننا ننتظر من الاخرين ان يقومون با ادوارنا ونتناسي اننا لا بد ان نشارك في مشروع النهضة وليست مناطة بمجموعة دون غيرها .

هذه كانت اهم الشروط التي أطلعت عليها وما زال هناك الكثير ولكن يجب ان نضع امام اعيننا هدفا نبيلا نسعي من اجله وعلينا ان نحافظ على نبل هذا الهدف فكثيرة هي المغريات التي يسيل لها لعاب اي شخص وتدفعنا الى تغيير طريقنا ولكن سمو الهدف يبقي هو الاهم ، لذا علينا ان لا نتنازل عن اهدافنا السامية بسهولة مهما دفعتنا أقدارنا نحو سبلا اخري. وعندها سيولد التصميم على تحقيق الهدف وما ان نستشعر ذلك حتي نحث الخطي في اتجاه ما نصبوا اليه لنعلن التحدي الكبير من أجل قهر المستحيل.