الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٨ مساءً

غياب المثقف من المشهد اليمني

بلال قايد عمر
الاربعاء ، ١٢ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٢:١٨ صباحاً
قرأت في مجلة الثقافة العدد107 ملفآ يحاول ان يجيب عن تساؤل عن دور المثقف في ظل الثورة او الأزمة والتي اختلف حولها اليمنيين طوال العام السابق, ولحد الآن وسيستمر الجدل في التسمية حتى يقول التاريخ كلمته الفصل.

وانا هنا لا احاول ان اتحدث عن التسمية وسبب الاختلاف فيها لأن كل شخص له فكرة معينة يحاول ان يضع الجميع فيها.

بل انا احاول ان اتحدث عن غياب المثقف اليمني أصلآ من المشهد العام للبلد..واقصد هنا بالمثقف السياسي والأدبي الواعي لعصره وما سبقه من عصور وله رؤيته للمستقبل لبناء البلد..وليس ذلك المثقف الذي يكتب الشعر او القصة او غيرها من الفنون المعروفة..لأن المثقف هو من يقود الجماهير لا من يقاد من قبل الآخرين ويأتمر بأمر المادة فقط وإينما كانت ولى وجه.

اقول ان لا وجود للمثقف كما قال الصحفي الكبير عبدالرحمن بجاش وهو يتساءل (من هو المثقف اصلآ) ويرد على السؤال بشكل ساخر (والله مالي علم)..

الجميع في ذلك الملف كانوا يتحدثون وكأنهم مؤمنين بوجود المثقف اليمني الواعي والذي سبق ذكره...والذي يقود الفكر السياسي ويقود الدولة برؤاه والتي يلتزم بها أصحاب السياسات العليا للبلد...ويقود الدولة لإبراز الوجه الجمالي لها في وجوه الدول الأخرى..

ونتناسى أننا منذ ان تولى الرئيس السابق علي صالح الحكم وهو يعمل على إسكات وتمييع دور المثقف الواعي... بل وخلق مجموعة من الأدباء المرتزقة الذين لا ظل لهم ولا صوت ولا حتى أهمية شخصية..وذلك للتسبيح بحمد الحاكم ورص الصحف والمجلات والكتب بقصائد المديح واستغفال عقول الآخرين بالتنظير فيما لا معنى له..وكما قلت عمل على إسكات أصوات المثقفين الحقيقيين المتبقين من ثورة سبتمبر وما بعدها ممن ولدوا في جو كان للمثقف الصوت العالي في البلد...ومنهم البردوني الذي حاول الرئيس السابق ان يسكت صوته الرنان فلم يقدر فكانت آخر مقابلة له في مجلة معين العدد وهو الذي قال جملة واحدة جعلت صالح والدائرة الضيقة به تستنفر كل جهودها لمحو ذلك العدد من الوجود ولكنهم مع ذلك لم يقدروا فهو قال (نحن خرجنا من ثورة الفقر الى فقر الثورة) وبشر في تلك المقابلة بان الثورة آتية لا ريب فيها إذا لم يسارع الحاكم في إحداث التغيير المنشود قبل ان تقتلعه رياح التغيير القادم وبقوه من قاع المجتمع وليس من أعاليه وترمي به خلف التاريخ.

ان ما نطلق عليهم مثقفين مع احترامي الشديد لهم ليسوا هم المثقفين الذين نعنيهم نحن كشعب, لأن المثقف مبدع واعي وضميره حي لا يباع ولا يشترى..والذي حاصل ان من يدعون أنفسهم مثقفين يتقلبون بين الأحزاب السياسية كما يتقلب القط بين التراب.ويبيعون كلامهم بأبخس الأثمان...

المثقف الذي اغتيل مع اغتيال الرئيس الحلم أبراهيم الحمدي وهو الذي اعتمد على جهودهم في بناء الدولة اليمنية الحديثة مع ان خلفيته عسكرية, ولكن المعارضين لبنائها من مشائخ وعسكر ومصالح أخرى لدول الجوار , اغتالت الحلم الذي راود اليمنيين طوال عقود, وهم نفسهم المثقفين اللذين قادوا ثورة 1948م وثورة 1955م وهم من تم نفيهم ومحاصرتهم داخليآ وخارجيآ, مع الادعاء بأن لهم حقوق أمام الآخرين وان النظام السابق كان احن عليهم ممن سبقوه..مع ان العكس هو الصحيح.

انا في اعتقادي ان من يجب ان يطلق عليه مثقف هو المثقف الذي يقود التغيير في البلاد وهو الذي يظل متسمك بضميره الحي, وهو الذي لا يتلون كما تتلون الحرباء اذا اقتضت الظروف.

اتمنى ان يعاد تعريف المثقف ومن هو المثقف, وليس كل من كتب شعر او كتب قصص او رواية او عدة مقالات يقال له مثقف...معنى ومفهوم المثقف هو اكبر واوسع من ذلك الهراء الذي ظل الأعلام السلطوي يسمم أفكارنا به ليلآ ونهارآ.