الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٦ صباحاً

صالح متحالفاً مع البيض والحوثي

اسكندر شاهر
الأحد ، ٠٩ سبتمبر ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
لفتني في الأيام القليلة الفائتة موضوعان أو حديثان الأول خطاب علي عبد الله صالح الأحمر لمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس المؤتمر الشعبي العام ، والثاني مقال للكاتب المصري فهمي هويدي بعنوان (ثورة اليمن في خطر) المنشور بصحيفة "الشروق" السعودية ..

خروج صالح بخطاب علني فوق ما يحمل من دلالات يختلط فيها التحدي بالأسى يبعث برسائل متعددة لها صلة بما بعد الحصانة وماقبل نقض الحصانة وهي مرحلة قد نصل إليها إذا ما استمر أطراف التسوية في غيهم يعمهون واستمر الرهان على الباطل والتبديل وإذا ما تحركت قوى الحق والتغيير باتجاه مبادرة (وطنية) تنقض (الخليجية) وكافة استحقاقاتها ..

لم يستفد صالح من كل ماحصل فلايزال يعتمد المغالطات التاريخية ويمارس الكذب بالرغم من أنه قال في خطابه : ( اكتشفت الكذب ) ومن الواضح أنه اكتشف كذب غيره دون أن يدفعه هذا الكشف لإيقاف كذب نفسه .. ولأن منح الحصانة له هي حالة خارج الحقيقة والتاريخ فهو يبحث لنفسه عن مستقبل ربما يكون أسوأ من محمد سياد بري لاسيما وأنه في خطابه الملغوم كان يتحدث عن الوحدة ويريد التقسيم بهاجس الصوملة المسكون به ..

صالح وكما كان في سابق عهده وخطاباته المرتجلة حينما كان متربعاً على حكم كل شيء يضلل ويقدم معلومات وتوصيفات لحوادث تاريخية مستهلاً خطابه بالحديث عن الرؤساء (المرحوم والشهيد المناضل/ إبراهيم محمد الحمدي، وكذلك الشهيد والمناضل/ أحمد الغشمي، والشهيد الكبير والمناضل الأكبر/ سالم ربيع علي.) كما وصفهم في خطابه ، وقد مر على مقتلهم على أنه فقط حالة أدت إلى فراغ سياسي وليست جرائم تم التخطيط لها ليحصل ذلك الفراغ وبالتالي يتسنى له الصعود إلى سدة الحكم .

هذه الجرائم والاغتيالات لم تكن سوى حالة أدت إلى الفراغ ، متجاهلاً أن تعبئته للفراغ المفتعل لم يمر بسلام ، فلاتزال جريمة تصفيه الناصريين طي الكتمان ، وفي الوقت الذي يتجاهل جرائمه يتحدث عن يناير 86م بأنه حدث إجرامي وهو أكثر من استفاد من نتائج هذا الحادث الذي لجأ الناس لترميم آثاره بالتصالح والتسامح من ردفان وليس بالحصانة القادمة من الرياض ، واللافت أنه قال : أن من خرجوا بسبب 86م يريدون العودة إلى السلطة متجاهلاً ذكر من خرجوا بسبب حرب 94م وهي حربه الظالمة والمشؤومة والتي تحتاج لوحدها إلى محاكمة مستقلة قد يقضي بقية عمره في السجن بسببها فضلاً عن إمكانية حكم الإعدام بحقه وشركائه ، بعضهم لم يلتفت إلى ما يقصده صالح فهو الذي اتفق مع الرئيس علي سالم البيض على الوحدة الاندماجية والأخير قدم شرط خروج الرئيس علي ناصر محمد ليتلقى صالح الشرط كجائزة لا يستحقها .. كان ذلك اتفاقاً مبرماً بين الرجلين ( صالح والبيض) فضلاً عن اتفاقهما على رفض المصالحة الوطنية التي قال صالح بأن فريقاً كان يريدها في الجنوب ، واليوم يتفق صالح مع البيض ولكن من طرف واحد وبدون إبرام فهو يتحدث عن الوحدة ويريد التقسيم أما البيض فيريد استعادة الدولة الجنوب
ية الواحدة التي باتت أشتاتاً ، صالح يدرك هذا جيداً فهو على علم بأن التقسيم إذا ماجاء فلن يكون على جزئين أو دولتين بل أكثر بكثير ، وبهذه النهاية يدخل التاريخ مُوحداً لليمن ويبدو للعالم أنه بخروجه من السلطة ينقسم اليمن على أن الحصانة كرت غير مستعمل ، فعين الرجل لاتزال على مصير "محمد سياد بري" ..

يذكر صالح مغالطات لها صلة بخصوم سابقين ولكنه يُهمل الخصوم الحاليين ( الافتراضيين ) وإلا لكان قد ذكر حقيقة إيعازه للمرحوم الشيخ عبد الله حسين الأحمر لتأسيس حزب الإصلاح ليكون رديفاً لحزبه في التآمر على الوحدة وتنفيذ الاغتيالات السياسية ومن ثمّ الاشتراك في الحرب على الجنوب وتكفير الجنوبيين ونهب بلادهم وتقاسم السلطة على إثر ذلك ..وكان بإمكانه أن يضيف إلى هذه الحقيقة بهاراته المعروفة ولكنه لا يريد هؤلاء ..

إن تجاهله لمثل هذه الحقائق لا يلغيها فهي أمور واقعية ولكن الأمر يصبّ في فرضية التوازن الحاصلة بين أطراف التسوية بحيث لا يبدو للمتابع أنهم يتناحرون وإنما يختلفون فقط و لا تقتل الأطراف الأساسية بعضها أو تؤذيها بل تحرص على حمايتها وبمصطلح شعبي ( يجدم ولا يخرّج الدم ) ..

لقد عمدت هذه الأطراف ذاتها إلى توجيه اتهامات للثوار المتمردين على مؤامرتهم الثورجية بنعتهم بكل النعوت أمن قومي .. تابع أحمد علي .. تابع يحي .. تابع عفاش ، وكان للحوثيين نصيبهم الوافر من هذه الاتهامات فبعض كتبة حميد الأحمر تريد أن تسوق اتهامات للحوثيين بأنهم على حلف مع علي صالح الذي قاتلهم أكثر من ست سنوات مع أخيه الذي لم تلده أمه الجنرال علي محسن الأحمر ، ومن جانبه يجدد الكذب في خطابه الأخير بقوله : (الإخوان الذين في صعدة أهلاً وسهلاً بكم.. نحن لم نحاربكم.. انتم رفعتم شعار ضد النظام ضد الدولة، وربما تقارير القيادات الميدانية قد يكون جزء منها صح وجزء منها خطأ.. لأنهم مستفيدين، ولأن البعض لما يكنش في حرب يعتقد إنه ما يحصلش زلط.. ذلحين قد الزلط تجي بدون حرب) ، إنه نفس الاجتزاء والاستخفاف الذي ينسجم مع ماذهبنا إليه فيما سبق من أن أطراف الحروب تهاجم بعضها دون الإيذاء فالقتلة متفقون والحصانة لهم جميعاً ..

وفي نوع من التماهي مع اتهامات حزب الإصلاح للحوثيين بالتحالف مع صالح يبدي الأخير ضمناً إعجابه بهذه الاتهامات وهو يدرك بطلانها ولكي يبدي فرحه بها مستخفاً كعادته يختم خطابة بالقول :

(الله اكبر الله أكبر) !!!! .

وهو الجزء الأول من شعار الحوثيين فهل نجد بقية الشعار في خطاب قادم ، أم أن موته سيسبق موت أمريكا وإسرائيل ؟!.

إيماءة
فهمي هويدي في مقاله ( ثورة اليمن في خطر ) يتحدث عن الحراك الجنوبي كخطر وعن الحوثيين كخطر وعن عودة الإمامة إلى اليمن ، وكأننا أمام خطاب صالح قديماً وخطاب حزب الإصلاح قديماً وحديثاً ، لقد وجدت في المقال توصيفاً لا يحمل فقط فيروس الاجتزاء والابتسار بل ينتظم في إطار آلة تزييف الوعي ، لأن ماذكره هويدي ليس هو الخطر الذي يحدق على الثورة فالأطراف التي اعتبرها خطراً هي قوى التغيير الحقيقية ، ويكمن الخطر الحقيقي الذي يحدق بثورة اليمن في النظام الماثل والذي لم يسقط بل أعاد إنتاج نفسه بفعل المبادرة الخليجية وادعاء الانقسام والانشقاق الذي لايزال نكتة تندرج في إطار المضحك المبكي والكوميديا السوداء .