الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٥ صباحاً

لا ثورة من دون ثقافة ولا ثقافة من دون ثورة

اسكندر شاهر
السبت ، ١٨ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
شهدت بلادنا ثورة سلمية أولى في الوطن العربي في التاريخ المعاصر ممثلة بالحراك الجنوبي السلمي الذي انطلق في 7/7/ 2007م ، فكان أقدم ثورة سلمية فيما يسمى اليوم الربيع العربي ، كما واكب شباب اليمن باكراً انطلاقة الثورة الشبابية السلمية في كل من تونس ومصر ودشنها رسمياً من مدينة تعز اليمنية في الحادي عشر من فبراير 2011م ، مطالباً بصريح العبارة بإسقاط النظام ، ونتيجة لما واكب ثورتنا من مخاضات وإرهاصات نوعية ميزتها عن الثورات التي سبقتها وتلتها تبعاً للخصوصيات المعقدة في المشهد اليمني والتضحيات التي قدمها الثوار بالرغم من تميز بلادنا بالطابع المسلح والقبلي ، ووفقاً لقراءة المشهد الثوري وتطوراته واحتمالاته في المستقبل التي تشير إلى أن إسقاط النظام الذي لم يسقط بعد لن يكون سوى بداية في مشوار طويل فإننا أحوج ما نكون خلاله إلى ثقافة ثورية تأسيساً لثورة ثقافية شاملة تمثل أهم أدوات التغيير الحقيقي نحو المجتمع الراشد والحكم الرشيد والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة .

لقد أكدت يوميات الثورة ومساراتها حاجتنا للثقافة أكثر من حاجتنا للسياسة وأثبتت التجربة الثورية الراهنة أن الإخفاقات السياسية مردها في الأعم الأغلب إلى عجز وقصور ثقافي ، هذا فضلاً عن كون السياسة ليست سوى مخرجة ثقافية وليس العكس ..

الأزمة الأخلاقية التي عمل على بلورتها وتجذيرها في المجتمع علي عبد الله صالح الاحمر ونظامه هي الأخرى كانت هوة سحيقة سقطت بداخلها أحلامنا الثقافية ونريد اليوم أن نعيدها أولا لنعيد الاعتبار لأنفسنا تالياً .. إننا اليوم أسرى ما قبل الدولة وما ينتظره (عقلاؤنا) يوم 21 فبراير ما هو إلا تأسيس جديد لما قبل ما قبل الدولة ، وتنازل بلا مقابل عن حلم الدولة المدنية الحديثة التي ينشدها اليمنيون جميعاً في الداخل والخارج .

ندشن اليوم سنة ثانية ثورة وعلينا أن نستفيد من إخفاقات العام الماضي ومعرفة أسبابها وعوامل تلافيها بعيداً عن الساسة الذين أثبتوا بأن الثورة أكبر من أن يقوموا بهضمها فلا يمكن أن نتحدث عن عملاء للرياض منذ عقود ثم ننعتهم بالثوار .. السعودية كنظام والثورة خطان لا يلتقيان مهما امتدا ، ولايمكن بأي حال من الأحوال أن نتوقع من قيادات حزبية لم يعد بمقدورها سوى استيراد نظريات كتبها مفكرون في ثمانينات القرن الماضي ويعيدون انتاجها العام 2012م أن يكتبوا للثورة الشبابية أو عنها أو حتى عن مبادرتهم الخليجية الكسيحة إلا بوجودهم ..

من هنا لابد من ثقافة ثورية في مرحلة الثورة التي نتوقع أن تطول لسنوات كلما طال أمد الثورة المضادة لننتقل بعد إنجاز التغيير الكامل والشامل إلى الثورة الثقافية .. ولأجل ذلك أنتقل مع الثورة من طور الكتابة والتصريح السياسي والإعلامي لننشغل ثقافياً وبصورة تفاعلية وأداتنا (المجمع الوطني للصحوة والتنوير) الذي يتخذ من تعز مقراً له وهي عاصمة الثورة والثقافة وعاصمة سياسية في مراحل وحقب تاريخية ، من أجل اليمن كل اليمن ..