الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٨ صباحاً

الاسلاميون.. حكاما

محمد خليل الذبحاني
الاربعاء ، ٢٩ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ صباحاً
افرزت ثورات الربيع العربي ومن ثم ما تلها من انتخابات في تلك الدول افرزت ظواهر اجتماعية وثقافية وسياسية جديدة في هذه المجتمعات التي طاولتها يد التغيير الثورية ولعل ابرز هذه الظواهر هو صعود الاسلاميين المعتدلين لسدة الحكم في هذه الدول حيث شكل الاسلاميون خيار الشعوب الانسب والأقرب لتطلعاتها في الحرية والحكم الرشيد بعد سقوط الديكتاتوريات المتهالكة التي اتخذت من الديمقراطية ستارا يواري عوراتها السياسيه والاقتصادية في حكم الشعوب .

وعليه فقد وجدت هذه الحركات التي تتخذ من الاسلام المعتدل منطلقا لها وجدت نفسها امام تحد جديد ومفاجئ احسب انها لم تعد له العدة اللازمة وذلك لعدم قدرتها علي تخيل ان تصل بهذه السرعة الخارقه من غياهب السجون الي كراسي الحكم حيث ان هذه الحركات قد غيبت عن قصد لعقود طويلة عن المشهد السياسي ولم تعط وزنها الحقيقي في الشارع ولم يتجاوز تمثيلها السياسي المجالس البرلمانية ذلك ان استثنينا التجربة الجزائريه بداية التسعينات من القرن الماضي والتي اجهضها العسكر خلال ايام من الانتخابات وتجربة حماس فى غزة والتي حوربت حماس لأجلها سنين عددا .

ان المستقرئ لأدبيات الاسلاميين وخاصتا الاخوان المسلمون يجدها لا تخلو من افكار وتاصيلات ونظريات في كيفية الحكم وأدراه شؤون الدولة انطلاقا من مفاهيم اسلامية مثل ما نجده في مؤتمرات وخطابات حسن البنا او كتابات سيد قطب وغيرهم من اقطاب الفكر الاسلامي امثال السباعي والزبيري وغيرهم , لكن السؤال الذي يطرحه نفسه الان هل ما يوجد في بطون هذه الكتب وهذه الخطابات من نظريات وأفكار ملائمة لإدارة الدولة الحديثه متعددة المفاصل والمؤسسات ؟؟ خاصتا اذا عرفنا ان معظم هذه الافكار خرجت من ارحام السجون وفي ظروف اقل ما يقال عنها انها عصيبة وصعبة عانت خلالها الحركة الاسلامية والإسلاميين عموما من اضطهاد وظلم طاولهم دون مبرر فكانت معظم كتاباتهم وأفكارهم في تلك الفترة متطرفة لحد ما ان جاز لنا القول وتنزع للانتقام والمقارعة وهذه ما هو عين ما نجده في ادبيات سيد قطب احد اقطاب الفكر الاسلامي السياسي .

ان الحركات الاسلامية عموما والإخوان المسلمون عموما بحاجه ملحه الان لتجديد الخطاب الاسلامي وبث الروح فيه من جديد وتطوير تلك الادبيات القديمة وجعلها مناسبة للدولة الحديثة متعددة المؤسسات والوظائف حيث لم يعد هؤلاء الاسلاميون جماعة تدير افرادها او تدير شؤون جمعيات خيريه انما اصبح اعضائها رؤوسا علي كراسي السلطة او اصبحوا يملكون زمام القرار السياسي في بلدناهم . ان علي الاسلاميين (الحكام) ان يجيدوا فن السياسة بما لا يتعارض مع اصولهم الايدولوجيه الاسلامية وان يتصرفوا ببرجماتيه فيما يخص المسائل الحساسة مثل العلاقة مع الغرب او الشرق او شؤون الاقليات في بلدناهم ومن جديد بم لا

يتعارض مع اصول ومقاصد الشريعة الاسلاميه الغراء ولهم في الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب اسوه حسنه حيث استحدث العديد من الهيئات والمؤسسات التي تساعده في اداره شؤون التي لم تكن موجودة في عهد الخليفة ابو بكر الصديق , حتى انه امر بعدم اعطاء المؤلفة قلوبهم من اموال الزكاة رغم انها مصرف من مصارف الزكاة وردت في القران الكريم ايمانا منه ان عهد تأليف الناس للإسلام قد انتهى وأصبح الدين عزيزا قويا.

بلا شك فان هذا الفوز الكاسح للمشروع الاسلامي السياسي قد شكل صدمة لكلا الطرفين الاسلاميون انفسهم وأصحاب المشاريع القومية والعلمانية الضيقة الذين راهنوا على استمرارهم في الحكم بإشكال اخرى بعد سقوط مشاريعهم القديمة مراهنين على حملاتهم التخويفية من حكم الاسلام السياسي القادم من السجون كما يدعون ولنا في مشروع احمد شفيق الانتخابي في مصر دليل على ما نقول ,وحين افاق الاسلاميون من صدمة الفوز الكبير وجدوا انفسهم امام تحد كبير لم يألفوه من قبل فلا ريب ان نتوقع في بعض قراراتهم شيئا من المراهقة السياسية وإقصاء الاخر وهذا ما راهن كذلك عليه اصحاب المشاريع العلمانية المناوؤن لحكم الاسلاميين غير ان الواقع قد كذب ظنون هؤلاء ولعلنا ان اخذنا محمد مرسي كمثال لما نقول باعتبار فوز الاسلاميين في مصر هو الحدث الابرز في بلدان الربيع العربي نجد ان قرارات الرجل ومن وراءه جماعه الاخوان المسلمين تبعد كل البعد عن الاقصاء او التهميش وهم الذين عانوا من مثل هذه السياسات لعقود طويلة فقد وجدنا اتزانا وعقلا راجحا من الرجل في سياسته الداخليه والخارجية صقلتها خبرة طويلة ومراس حكيم لجماعة الاخوان في مصر من خلال العمل الشعبي والتطوعي ومعرفة حاجات الناس وتطلعاتهم لأنهم لم يكونوا يعيشون في ابراج عاجية او في قصور بعيدا عن هموم المواطن وحاجته اليوميه وبالتالي فقد شكلوا خيارا طبيعيا وتلقائيا للشعب المصري في الانتخابات الاخيرة وان كانت النسبه متقاربة في الانتخابات نتيجة للثورة المضادة التي وقف وراءها فلول النظام السابق وأيدي اسرائيل في مصر .

نستطيع اذن ان نقول بل وان نجزم بإذن الله ان خيار الشعوب في اختيارهم للإسلام المعتدل هو اختيار موفق وصائب وان من يمثلون هذا الاسلام المعتدل هم الاقدر على اداره شؤون البلاد والعباد بعد عقود طويلة من الفشل والتخبط السياسي والاقتصادي الذي غاشتها المجتمعات العربية المسلمه نتيجة للسياسيات العمياء التي اتبعتها الانظمه القوميه او العلمانية او الليبراليه في حكم شعوب المنطقة.