الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٠ صباحاً

اقتحام وزاة الداخلية عودة قوية للثورة المضادة

عبد الرحمن البخيتي
السبت ، ٠٤ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠١:٤٠ صباحاً
إن الطريقة والأسلوب الذي تم بهما اقتحام وزارة الداخلية والسيطرة عليها من قبل مجاميع عسكرية المفترض بهم حمايتها يمثل حالة استثنائية لا شبيه لها إلا في حالة الانقلابات العسكرية للسيطرة على الحكم ، فهل كانت عملية الاقتحام والسيطرة على الداخلية تمردا داخليا ؟، أم انتفاضة على الفساد والمفسدين كما صرح بذلك وزير الداخلية ؟ أم هي بالونة اختبار وبروفة عملية لإعمال قادمة مشابهه ؟ وللجواب على هذه التساؤلات يجب أن ندقق النظر من ناحية توقيت الحدث فقد جاء بعد أحداث متلاحقة يعتقد البعض الا ترابط بينها وهي في منتهى الترابط وسنكتفي بذكر آخر هذه التطورات التي منها عودة تصدير نفط مأرب وعودة تشغيل مصافي عدن بعد عام من التوقف وفشل محاولة تفجير أنبوب نفط مأرب ، واستقالة وزير التعليم العالي وما جا فيها من أسباب ، اختطاف الدبلوماسي الايطالي هذه أسباب في جانب وفي الجانب الآخر استقرار الحالة التموينية في رمضان وتوفر البترول والديزل والغاز وعدم انقطاع الكهرباء مثل الايام الماضية.

هذه الإحداث وغيرها كانت المقدمات لعملية الداخلية التي تعتبر عملية نوعية في الصراع الدائر بين قوى الثورة وقوى الثورة المضادة ، فبعد أن أحست مراكز القوة المضادة للثورة بتراجع قوتها وانكماش أنصارها وخاصة العتاولة منهم كقطاع الطرق والمخربين ، وكذلك نجاح الداخلية إعلاميا على الأقل في تسجيل بعض النجاحات في القبض على بعض المجرمين من أنصار الشريعة وكشف شبكة التجسس الإيرانية ، كل ذلك جعل من وزارة الداخلية هدفا لعملية نوعية تعيد الثقة لأنصار القوة المضادة للثورة من جهة ، وتلفت نظر الشعب والخارج لضعف الحكومة وافرادها وتوجيه رسالة واضحة للجميع تقول أننا ما زلنا اصحاب القرار والرقم الصعب في المعادلة السياسية والقوة العسكرية في اليمن.

ومن خلال المتابعة لأحداث السيطرة على وزارة الداخلية والنهاية الكوميدية غير المقنعة لإحداثها ، نستنتج ببساطة أن العملية بحد ذاتها ليست إلا بداية لعمليات متتابعة ستتم لأجل إسقاط حكومة الوفاق الوطني وإنها المبادرة الخليجية وكل ما ترتب عليها من انتخابات وحوارات وغيرها والاحتكام بدلا من ذلك إلى منطق الواقع.

وما عملية اقتحام وزارة الداخلية الا اختبار لمدى صحة المعلومات لدى مدبري الهجوم عن وضع الجهاز الأمني والعسكري الذي يعيش حالة من التراخي والتمزق وعدم الانسجام نتيجة تعدد الو لاءات وعدم وجود قيادات امنية حازمة وفاعلة.

وقد اراد المقتحمون للداخلية من ضمن ما أرادوا تحقيقه إضافة لما حققوه ، إظهار مدى عجز الدولة وضعفها داخل اهم وزارة معنية بتحقيق الامن والاستقرار في البلاد ، واثبات عدم وجود قيادات فاعلة داخل هذه الوزارة ، لتثبت لانصارها شيئين هامين لاجل اعادة الثقة لهم بقيادتهم، تمثل الاول برد الاعتبار لهم لهزيمة الداخلية واقتحامها من قبل مسلحي آل الأحمر اثنا فترة الثورة وان ذلك ما تم إلا بتخطيط مسبق منهم الغرض منه إظهار آل الأحمر للشعب اليمني وللعالم أنهم خارجين على القانون ولا يملكون مشروع ثوري لقيادة اليمن.
وثانيا القول لأنصارهم وأزلامهم من المخربين والقتلة وقطاع الطرق أن من تخافون منهم لا يستطيعون حتى حماية مكاتبهم، وان جميع افراد الامن ما زالوا يتلقون الاوامر منا ويدينون بالولاء لنا، وان ماحدث في مارب بالذات لمن يخربون الكهربا وانابيب النفط ليس إلا تدبير منا لنا منه مآرب أخرى.

وقد وصلت الرسالة فورا فلم يمضي سوى يوم او يومين حتى تم الاعتداء على خطوط الكهربا في بني شبوان بمارب ، وتبعها بساعات محاولة اغتيال وزير الاعلام والذي نعرف قصته مع منفذي عملية السيطرة على وزارة الداخلية ، لأنهم هم أنفسهم من سيطروا على صحيفة الثورة قبل اشهر قليلة وكان مطلبهم الاساس اقالة وزير الاعلام ، فهل هذا ترابط منطقي للاحداث ام انها عوامل الصدفة فقط ؟.

وأتوقع ألان أن الاحداث ستتلاحق وإننا مقبلون على خواتم رمضانية ساخنة ، وان اعمال التخريب ستعود بقوة إن لم تُضرب بيد من حديد الان والان فقط واتوقع محاولات اغتيال أخرى تكرار لسيناريو هيلوكس التسعينات ، واتوقع ايضا ان تتم السيطرة على الامن المركزي بنفس الطريقة والاسلوب وعلى معسكرات اخرى للجيش والامن ، وسنشهد عودة لازمات الغاز والبترول والديزل وانقطاع الكهربا وعودة انتشار للمسلحين في الشوارع وعلى متن سيارات الشاص الحديثة بدون ارقام.

والسبب لعودة كل ذلك هي الطريقة التي تم بها معالجة احداث الاقتحام والسيطرة على وزارة الداخلية ، فلم نسمع بأسماء المتورطين ولا أسماء المدبرين ، ولا نعلم شيئا عن وضع قائد النجدة ومدى سيطرته على افراد نجدته والذي اتضح انه لا حول له ولا قوة ،وكذلك نتسآل عن هيبة وزير الداخلية الذي مُنع من دخول مكتبه من قبل جنود وضباط مازالوا في أماكنهم ولم يُسآل أحدا منهم، وكآن المهم فقط هو فتح الطريق من امام مبنى الوزارة.

إن ما حصل للداخلية كان متوقعا فوزارة لا تستطيع ضبط حركة المرور في الشوارع على مدار الاشهر السابقة وهو من ابسط مهامها ، فكيف ستضبط الأمن الشامل في البلاد ؟ وعلى هذا التساؤل نقيس الجيش أيضا.

والحل العاجل لذلك تفاديا لمزيد من الانهيارات يكون بسرعة هيكلة الجيش والامن وفرض الانضباط وتطبيق القانون على الجميع وكذلك كشف المتورطين في اقتحام الداخلية وتقديمهم للمحاكم العسكرية بحسب القانون ولا ننسى ضرورة إقالة وزير الداخلية أو تقديمه للاستقاله حفظا لماء الوجه وتعيين بدلا عنه قائد عسكري حازم من بين قيادات الداخلية العاملين شريطة ألا يسبق اسمه لقب الدكتور لان العمل الميداني يختلف جذريا عن العمل الأكاديمي، وختاما نوجه القول لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ونقول لهم أن مسك العصا من الوسط سيجعل البلاد تعيش في الوسط أيضا لا استقرار ولا فوضى شاملة وكذلك المسئولين سيمسكون العصا من الوسط أيضا وعندها ستكون دولة براسين وهذا هو الواقع المؤسف الذي نعيشه.