الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٩ صباحاً

تعز لا تموت

عيسى القدسي
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
"يا تعز يا حرة ... أنتي مفتاح الثورة " هذا ما يردده أبناء تعز عند دخولهم ساحة الحرية وبكثير من العبارات التي تجذب السامعين إليها والتي تقرأ من خلالها التفاؤل والحماس عند شباب تعز والذين يقولون أن علي عبدالله صالح قد غادر اليمن وبلا عودة ولم يتبقى إلا أن ي...رحل أبناءه بعده فتسمعهم يقولون "يا احمد ويا خالد ... ارحلوا بعد الوالد " وعندما يقف الوافد إلى تلك الساحة على مشارفها حتى تذرف عيناه الدمع من هيبة تلك الحشود التي تملأ الساحة رغم قبضة الحرس الجمهوري التي تضيق الخناق على أبناء الحالمة الذين لا يهمهم بطش البلاطجة أو الحرس الجمهوري أو غيرهم, كل همهم كيف يستكملون ما تبقى من مراحل ثورتهم الشبابية السلمية . فعند دخولك الساحة ترى الاشجار الحارقة وبقايا الخيام التي تم إحراقها بواسطة الحرس الجمهوري والأمن المركزي في محرقة الحقد الأسود في 29/5/2011م . ولكن حتى الأشجار وقفت صامدة أمام محرقة وجرافات وقذائف الحرس الجمهوري وأبت إلا أن تساند الثوار حتى اكتمال مراحل ثورتهم السلمية وترى صور الشهداء التي لم تحترق على أغصان الأشجار وترى علم اليمن يرفرف في أعلى الأغصان الشامخة . ووالله إن احد لا يقوى على حبس دموعه مما يرى من شباب وأطفال ورجال ونساء تعز من تكاتف وتراحم وتعاون فيما بينهم في ساحة الحرية فأثناء صلاة الجمعة لا تكاد تمر دقائق إلا ويمر احدهم ويرش عليك بعض الماء ليخفف عليك حر الشمس الساطعة فمنهم من حمل قنينة على ظهره ومنهم من اخذ مرشة صغيرة يحملها بيده ليرش المصلين بالماء ومنهم من لم يجد إلا أكياس الماء ليرش بها المصليين ومنهم من اخذ قوارير الماء ليفعل مثل زملاءه . والأروع من ذالك أن ترى الأطفال وهم يرشون المصلين بالماء من نوافذ وأسطح المنازل المجاورة للساحة . وبعد صلاة الجمعة ترى من الشباب الذين يخرجون للغداء والقات على امل العودة الى الساحة بعد فترة الظهيرة تراهم يخرجون مجاميع وهم يرددون الشعارات الثورية والتي تقول انهم صامدون وان من يقتلهم سوف يحاكم وسوف ينتصر الشباب الثائر وسوف يبنون دولة مدنية تكفل الحقوق للجميع وتقول للظالم أنت ظالم وللمحسن أنت محسن وللمسيء أنت أسأت . وأنا سافرت من الحديدة إلى تعز لحضور الجمعة في ساحة الحرية بعد محرقة الغدر الأسود وعندي وصولي إلى الساحة صليت السنة على الازفلت وكان احدهم قاعداً في جواري وعند فراغي من السنة فرش السجادة التي كان يجلس عليها بشكل عرضي وقال لي اجلس على السجادة فجلست الى جواره وبعد ان انتهى الخطيب من خطبته فرش السجادة أمامي وأراد أن يصلي هو على الازفلت فقلت له يا أخي افرشها بالعرض حتى نصلي عليها جميعنا قال لا . وأصر على ان يصلي هو على الازفلت, وأثناء فراغنا من الصلاة قلت له اصريت ان تصلي على الازفلت قال أنا احضر كل جمعة الى الساحة بسجادتي واصلي عليها ورأيتك تصلي على الازفلت فأشفقت عليك ثم قلت في نفسي أي حماس عند الشباب حتى يصلون على الازفلت في وقت الظهيرة . فأقسمت الا ان ينالني من حر الشمس ما يصيب الكثير من الشباب.أراد قيران وأسياده ان يميتوا تعز بإحراق الساحة ونهب محتوياتها ونشر مدرعاتهم في شوارعها وتخويف وترويع ساكنيها وقتل ثوارها . ولكن تعز لا تموت. شكرا يا تعز . . شكرا يا شباب تعز وأطفال تعز ورجال تعز ونساء تعز