السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:١٤ صباحاً

هل أخطأنا ؟

أحمد النعمان
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
من المؤسف أن ما يحدث الأن في اليمن ما هو إلا حصاد لل٣٣ عام التي مضت. و لكن لنسأل أنفسنا بصدر رحب و قلب مخلص و ضمير حي:
هل يلام الصالح فقط للحال الذي وصلت إليه اليمن ؟ أم أنه يوجد أيضاً من أخطأ إلى جانبه مما أوصل اليمن إلى حالٍ يرثى لها ؟
فهل أخطأ من سمح له بحكم اليمن و هم يعلمون من أين أتى و ما يحمله من تاريخ مشرف ؟
و هل أخطأ من ناصره عندما إستلم الحكم لمصالحهم الشخصيه ولنهب خيرات اليمن من ابناءها ؟
و هل أخطأ المزمرين و المطبلين الذين مجدوه و قدسوه و اقنعوه بأنه إبن اليمن البار و ما لليمن إلا علي ؟
و هل أخطأ من حوله من سياسيين ومستشارين و وزراء عندما باعوا ضمائرهم و ذممهم و المصلحة العامة تاركين خدمة الشعب و اسمعوه ما يريد سماعه لكي يشبع جشعهم و نفوسهم المريضة بالمال والمونيكات ؟
و هل أخطأ من سكت على الفساد و العبث بمؤسسات اليمن و مواردها ؟
و هل أخطأ من كرس وقته لمجاملة الصالح و حاشيته من دون وجه حق بالرغم من علمهم بفسادهم ليصبح المبدأ أبوها الزرة و جيزي من جيز الناس ؟
و هل أخطأ من أحل له دم أهل صعدة و الضالع و أفتوا بشرعنة تلك الحروب ؟
و هل أخطأ من نصح الصالح بوصف اليمنيين بالمتطرفين و المعاتيه في الفضائيات ليتلقى دعم مالي لمكافحة الإرهاب ؟
و هل أخطاء رجال الدين عندما باعوا دقونهم بجعلهم الخطأ مشروع و الصواب ممنوع ؟
و هل أخطأ من لايزال يؤمن بأن اليمن لن تنهض إلا في عهد الصالح بعد كل ما طراء في عهده ؟
و هل أخطأ كل من ظن أن من ضد الصالح فهو مع المشترك أو أل الأحمر غير مراعيين أن الأغلبيه تدعم الجموع المستقلة في ساحات التغيير و ليس الأطراف السياسية ؟



بما أنني ابتدأت المقال بالسؤال والمسألة، فقد أجاب الصالح عن سؤال كان يراودني لفترةٍ طويلة. عندما كنت مسافراً إلى اليمن بعد غياب لفترة طويلة و كان في صالة الإنتظار في المطار المغادرين منه إلى اليمن إخوة و أخوات و عوائل من جميع أنحاء اليمن. فعندما استدعي الركاب لابراز بطاقات المغادرة حتى يستطيعوا دخول الطائرة، دهشت عندما رأيت أبناء اليمن واقفين في خطٍ مستقيم بكل هدوء و خلق كريم يشرف اليمن و اليمنيين، فقلت عندها سبحان مغيير الأحوال ؟! ولكن لم تدم فرحتي و دهشتي طويلاً حتى وصلنا إلى مطار صنعاء، فنفس الركاب الذين كانوا واقفين في خط مستقيم اصبحوا يتطايرون من كل جنب على مكاتب الجوازات و سير الحقائب !!! أذهلني ذلك الموقف و كأن الطائرة استبدلت الركاب الحضاريين في مكان ما بالركاب الذين رئيتهم في مطار صنعاء. فلم أدري عندها على من ألقي اللوم ... هل على الركاب أو على عدم وجود نظام و أمن و إنضباط - بالرغم من أن الصالح كان دائماً يحدثنا عنهم ؟ و حاولت لفترة طويلة أن أقنع نفسي أن شعب اليمن ما يمشي إلا بصميل.
ولكني كنت مخطئ، لأن ما يدور حالياً في اليمن أجاب عن سؤالي، و الاجابة هي بأن الركاب كانوا واقفين في خط مستقيم و على خلق عظيم في الدولة التي غادروا منها إلى صنعاء لأن تلك الدولة قائمة على نظام يحترم و يحمي و يقدر و في نفس الوقت يضبط المواطنين و بالتالي يحترم المواطنين ذلك النظام بالنظام و إتباع القوانين و احترامها و عدم التجرؤا على الخروج عنها.
و ما نراه هذه الأيام من ضرب عنيف و إستخدام القوة ضد مشائخ اليمن في عدة محافظات أكبر دليل على أن نظام الصالح كان قادر على إقامة دولة و نظام و أمن و إستقرار في اليمن و أنه كان قادر و يملك القوة لردع و ضبط التمرد و المتمردين و الخارجين عن القانون.


و لكن، لماذا لم يستخدم الصالح هذه القوة عندما كان بعض المشائخ ينهبون أراضي و منازل المواطنين ؟ و لماذا لم ينصف من كان المشائخ يقوموا بقمعهم وصفعهم و اهانتهم في كل مكان حتى داخل المؤسسات الحكومية عندما تجرئوا و قالوا للمشائخ لا ... هذا ضد القانون ؟ و لماذا لم يعاقبهم عندما كانوا يتقطعون و يهدرون دم المواطنين في شوارع المدن و القرى ؟ و لماذا لم يحاسبهم عندما كانوا يدخلون مسلحين إلى العاصمة و يعيثون فيها فسادا و يطلقون النار على قوات الأمن التي تحاول ايقافهم ؟ و لماذا لم يصنع لرجال الأمن هيبة ضد المشائخ و القبائل الخارجين عن القانون ولكن كانت تلك الهيبة ضد المواطن المسكين ؟ هل كان سبب سكوت الصالح على كل ذلك هو لأن المشائخ كانوا مواليين له لأهداف سياسية و كانت مصالحهم مشتركة فقام بنصرتهم و حمايتهم و التغاضي عن تجاوزاتهم. هل عندما افترقت الطرق أصبح لا يهمه صديق ولا حليف لحماية ملكه و كرسيه ؟ أم هل إنقلب السحر على الساحر ؟


فبعد كل هذه الأخطاء و التجاوزات، هل يلام الصالح فقط أم نلام نحن أيضاً بسكوتنا و سلبيتنا طيلة تلك السنين التي مضت مما جعله يستغل و من معه اليمن أرضاً و شعباً. و هل يجعلنا ذلك السكوت متورطين بشكل أو بأخر في صنع و احتواء الطغاه و المفسدين ؟!!!