الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٠٠ مساءً

تبدي من بين العصيد !!

معاذ الجلال
الاربعاء ، ٣٠ مايو ٢٠١٢ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
البعض منا يتعرف على شخص واحد كل شهر وإن كان من المهتمين بالعلاقات والصداقات فيصادق في الشهر من اثنين إلى ثلاثة اشخاص مقابل ذلك البعض منا يتضارب في الشهر مع أربعة او خمسة اشخاص بل ان اغلبنا يتعدى هذا الرقم ..بالنسبة لي احب الصداقات والعلاقات واهتم بها كثيرا واتعرف بالشهر على اشخاص كُثر واكسب صداقات عديدة ولله الحمد .. وفي نفس الوقت انا من الفئة ( المضاربة ) وهذا اعتراف صريح مني بذلك .. اقسم انه ليس حباً في المشاكل أو ( العباطة ) أو الشهرة ولست رجلا يعشق البلطجة ولكن كما يقول المثل اليمني ( تبدي من وسط العصيد ) فإذا بدت استحاله أن أخفي وجهي أو اخبي راسي والتمهل والاناه في هذه الامور للأسف تنعدم عندي تماماً حسب الموقف ..

عندما اتذكر قول الله سبحانه وتعالى ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران134

اعاتب نفسي واسالها اين انا من هذا الوصف الرباني؟ ومتى اصل إليه واكون من المحسنين الذين يحبهم الله؟

رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه اوصى بعدم الغضب جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله اوصني . قال ( لا تغضب ).. وقد جاء في شرحها بأنها كلمة كافية ان تجعل جميع من هم على ملة الاسلام أن يكونوا احسن اخلاقاً واكثر تسامحاً وعفواً فالعفو والصفح عند المقدرة هو عين العقل ، وهي خصلة يحبها الله ورسوله والمؤمنين واولى الالباب .

وفي تفسير ( والكاظمين الغيظ ) : الحلم وكظم الغيظ من اشرف السجايا واعز الخصال وهما دليل على سمو النفس وكرم الاخلاق وايضا سبب للمودة وقد مدح الله الحكماء والكاظمين الغيظ واثنى عليهم في محكم كتابه الكريم فقال تعالى ( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً ) الفرقان 63

قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : ما من عبد كظم غيظه الا زاده الله عز وجل عزاً في الدنيا والآخرة .

هنيئاً للعافين عن الناس، قبلات على رؤوس الكاظمين الغيظ، باقات ورد لمن سامح وأصلح،مع الشكر الجزيل للمقنع الكندي حيث يقول:

وَلا أَحمِلُ الحِقدَ القَديمَ عَلَيهِمُ ..... وَلَيسَ كَريمُ القَومِ مَن يَحمِلُ الحِقدا

الإنسان السوي والمؤمن الراشد يكون منزوع الدسم من السم عنده براءة اختراع لمكارم الأخلاق،مختومٌ على جبينه خاتم «ومن عفا وأصلح فأجره على الله))

اما حال الكثيرين منا هذه الايام مختلف تماما ( وقد اكون انا منهم في بعض المواقف ) فتراهم كالقنابل الموقوتة التي تنفجر بمجرد لمسها .. تنفجر دون ان تراعي العواقب او تفكر بها لو للحظة واحدة وبعض الاحيان قلة الصبر تؤدي إلى جناية .

جدتي التي توفت قبل ثلاثة ايام كانت تقول لي ( حتى وإن بدت من بين العصيد حاول تتجنبها يا ولدي ولا تمد لها ( الصميل ) وترجع في راسك ) ..

انا على ثقة تامة ان الملاسنة هي الطريق إلى مالا يحمد عقباه فأتجنبها تماماً ولا احبها ونادراً ما تنتهي الملاسنات وتمر بسلام وإن مرت بسلام تشحن القلوب حتى تأتي الفرصة المناسبة للانتقام..

يوم الاحد الماضي بدت فجأة من بين العصيد وكان يمكن لي تداركها لو تحليت بقليل من الصبر والحكمة وكتمت غيضي واحتسبت لله وفي الله وطنشت الملاسن الذي سب والدي رحمة الله عليه فلقى جزاءة ، ولكن الشيطان كان حاضراً وبقوه فقد سيطر الغضب على كل شيء واحتكمت للغة ( الصميل ) وتركت لغة الحوار وتنحى العقل جانباً واخذ اشارة ووقف بجهة اليمين كما اوقفت سيارتي تماماً .. اشتباك عنيف فكلانا شباب في سن الـ 26 والعشرين ( للأسف ) كأننا لم نتعلم شيء ولم ندرس حتى الابتدائية نسينا اننا تخرجنا من الجامعة فقدنا الصواب بسبب لحضه غضب .. المعركة التي كانت داخل حارة لم يحضرها سواء شخص من الجنسية الهندية بالصدفة ومن شدة الهلع ركض هارباً ولم نعثر عليه كشاهد .. انتهت ( المضاربة ) بدخول ذلك الملقوف إلى المستشفى يحمل جروح بالغة واصابات ودكمات في وجهه وانا امسيت مطارداً ومطلوباً من قبل الشرطة والبحث الجنائي وتم البحث عني في كل زغط وفي كل حارة حسب توجيهات إدارة القسم ..

اليوم الثاني مثلت امام الجهات المختصة وتم استجوابي وننتظر تقرير المستشفى لكي يتم تحويلنا إلى هيئة التحقيق والادعاء العام وإذا لم يتنازل المجني عليه الذي قد جاء له اخي واعمامي واصدقائي بالقبيلة وبالعرف اليمني الذي ينفع احياناً في هذه البلاد سيتم تحويلنا إلى المحكمة وننتظر الحكم ( وياليل ما اطولك ) وكل هذا بسبب لحظة غضب وكان من السهل تركها تمر بسلام لو اخذت بنصيحة جدتي واكلت العصيد باردة وتركت ما طلع منها يذهب ادراج الرياح ولكن قدّر الله وما شاء فعل .

نصيحة خذوها من ندمان أو قولوا من متهور لا يعرف اين ينتهي به المصير في هذه القضية : كلما استفزك شخص او اثارك اذكر الله وصلي ع النبي وتذكر قوله تعالى ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ) واحتسب لله وفي الله ومن ترك شيء لله عوضه الله شيئا خيرا منه .

قررت وعاهدت نفسي انها اخر ( مضاربة ) حتى لو بدت مره اخرى من بين العصيد وتحمل بيدها قنابل عنقوديه فلن الجأ للغة الصميل وسأحكم عقلي فلربما انتهى شخص وبسببه تذهب حياتي في لحظة غضب كان باستطاعتي تجنبها .. وكما قالت امي الله يحفظها ( تذكر ان لك هنا أم تحبك وزوجة تشتاق إليك وإبنة لم تحس بحنانك او تلتمسه وانت في الغربة وتذكر ايضا ياولدي بان لك وطن هو خير من تضحي وتموت من اجله ) .. دعواتكم ان يخارجني الله من هذه المشكلة وشعاري من اليوم : دولة مدنية .. وداع للصميل .. مرحبا بالحوار ..