الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٣٨ مساءً

الإقالة هي الخطوة الأولى في عملية الهيكلة

احمد الزرقة
الاثنين ، ٠٩ ابريل ٢٠١٢ الساعة ٠٦:٤٠ صباحاً
الحديث عن وجود صعوبات كثيرة تواجه عملية إعادة هيكلة الجيش والمؤسسة الأمنية، والترويج لكون تلك العملية تعد مستحيلة التطبيق على أرض الواقع

خلال الفترة القريبة، وأنها تحتاج لفترة زمنية طويلة قد تمتد لعدة سنوات، وتنفذ بشكل جزئي وتدريجي.

عملياً يعتبر ذلك الحديث نوعاً من الأكاذيب السياسية والحيل الالتفافية التي تقوم بها الأطراف السياسية ومراكز القوى والصراع في البلاد، منذ انطلاق الثورة الشبابية السلمية، في محاولة للسيطرة عليها وإحباط مسيرتها المطالبة بالتغيير.

كان من شأن نجاح الثورة تحقيق أهدافها التي خرج الشباب من أجلها، وقدموا تضحيات كبيرة في سبيلها، إسقاط نظام صالح وأركان حكمه العسكري الذين مازالوا حتى اللحظة في مواقعهم، يمارسون مهام حماية مصالحهم، ويتلاعبون بفتيل البارود؛ يلوّحون به بين فترة وأخرى في وجه خصومهم، ويبتزون اليمنيين كي يقبلوا ببقائهم مقابل عدم تفجيرهم للوضع عسكرياً.

حوّل المسار السياسي التفاوضي - الذي تبنته أحزاب اللقاء المشترك - الثورة من مسارها المدني السلمي إلى صراع عسكري مسلح بين الأسرة الحاكمة؛ بشقيها الذي مازال تابعاً لإدارة وإرادة الرئيس السابق صالح وأبنائه وأبناء إخوته، وبين خصمه اللدود ورفيق دربه الطويل في حكم البلاد بالتقاسم وبالسلاح والمال اللواء علي محسن، ومن قرر الانضمام معه عقب مجزرة جمعة الكرامة، لصف الثورة الشبابية السلمية.

وقد أدى على محسن خلال الفترة الماضية ما تعهّد به من مهام اقتضتها حركة الانضمام تلك، ومثل معادلاً موازياً في معادلة العنف التي كان يمتلكها ويستخدمها صالح وأبناؤه، وحان الوقت الآن ليساند عملية الهيكلة، وألا يسمح لأي طرف التحجج بأن مواقفه رافضه لعملية الهيكلة، وأن يقوم بتنفيذ تسوية تقتضي بخروجه مع قيادات الوحدات الأمنية والعسكرية التابعة له مقابل خروج جميع أبناء وإخوة وأقارب الرئيس السابق من مواقعهم العسكرية، وبالتالي السماح لجهود عملية هيكلة الجيش أن تمضي قدماً، وتحرر المؤسسة العسكرية من الارتهان لأسرة صالح.

تمترست الكثير من القوى التقليدية والسياسية في البلاد حول طرفي الصراع الذي لم تتسع له سنحان، وتم تصديره في كل الاتجاهات، وفتحت جبهاته في صنعاء وأبين وعدن وأرحب ونهم والبيضاء وصعدة وحضرموت، وغيرها من المناطق اليمنية، بينما تتولى الخزينة العامة للبلاد تغذية طرفي الصراع الذي تجاوز كل الأعراف والأخلاق، واستخدم كل الأدوات والوسائل القذرة، وذهب ضحيته الآلاف من المدنيين والعسكريين على امتداد الخارطة اليمنية.

الهيكلة تعني بشكل مبسط إصدار قرار شجاع وجريء من الرئيس عبدربه منصور هادي بإقالة جميع القيادات العسكرية المتصارعة والمتحاربة، والمنتمية لسنحان وكانت جزءاً من فترة الحكم الطويلة التي حكم فيها صالح وشركاؤه، واستبدال جميع تلك الشخصيات بقيادات وطنية تنتمي للمؤسسة العسكرية والأمنية، وتدرجت في المناصب العسكرية، ولم تتورّط في جرائم ضد الإنسانية، وتمتلك من المؤهلات ما يجعلها جديرة بتولي مهمة إعادة بناء الجيش اليمني على أسس علمية وعملية وطنية، تجعل من تلك المؤسسة حارساً وحامياً لأمن واستقرار وسيادة اليمن.

الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي والأمن السياسي والفرقة الأولى وغيرها من الوحدات الأمنية والعسكرية هي وحدات تابعة للوطن ولخدمته، وليست أدوات للقتل والصراع، ولا يجب أن يتم تحويلها لمليشيات

عسكرية، توجه أسلحتها ضد المدنيين أو ضد بعضها البعض، فولاؤها هو لليمن، وليس لأي فرد أو قبيلة أو حزب، ويتم الإنفاق عليها من خزينة الدولة لحمايتها وليس لتخريبها.

كم هو معيب في حق اليمنيين أن يظلوا رهائن بيد تلك الزمرة العائلية الظالمة، وعلى الأحزاب السياسية وجميع القوى الوطنية أن تدرك أنها ما لم تتخلَّ عن مداهنتها ومجاملاتها لأطراف النزاع المسلح فإنها ستكون شريكة في جرم تلك الأطراف ضد البلاد ومستقبله، ولن يغفر لهم التاريخ خيانتهم لأحلام وطموحات وتضحيات الشهداء التي بذلت من أجل رؤية اليمن الجديد، والدولة المدنية، وعلى معادلة حصول القاتل على حصانة وحصول القتيل على قبر أن تتغير، بحيث يكون مصير القاتل هو الملاحقة والمحاسبة والمعاقبة، وأن يلقى جزاءه جرّاء ما اقترفه من جرائم.