الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٢٣ صباحاً

لماذا عبدربه منصور هادي رئيسا؟

عبدالله أحمد العرشي
السبت ، ١١ فبراير ٢٠١٢ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
في خضم الحراك القائم والتحضيرات الجارية على قدم وساق نحو انجاز الاستحقاق الانتخابي الرئاسي الجديد المقرر في 21 من فبراير الحالي، تثار العديد من التساؤلات حيال هذه الانتخابات الرئاسية المقبلة في العديد من الأوساط السياسية خصوصا شباب الثورة المتحمسين من أبرز هذه التساؤلات...
• هل هذه الانتخابات بالمواصفات والخصائص التي تتسم بها سواء من حيث الشكل والمضمون انتخابات حقيقية أم شكلية؟ شرعية أم غير شرعية؟

• وعما إذا كانت تلك الانتخابات في مجملها تمثل التفافا على ثورة الشباب وأهدافهم ومطالبهم في تحقيق التغيير والإصلاح الذي ينشدونه ؟...الخ.

• ولماذا عبدربه منصور هادي مرشحا للرئاسة بل ومرشحا وحيدا، وهو جاء من رحم النظام الذي انتفضت ثورة الشباب عليه وعلى رموزه؟

بالطبع هي استفسارات جديرة بالاهتمام والتوضيح ولا يمكن إغفالها أو تجاوزها خصوصا وأن هنالك من القوى السياسية من قد أعلن صراحة أخذها على هذه الانتخابات بعض أو كل تلك النقاط سواء من قوى الشباب الثائرة في الساحات أو من التنظيمات والأحزاب والقوى السياسية الموجودة في الساحة، حتى وإن كان لكل منهم مأربه والتي منها ما قد يكون بريئا كما هو شأن شباب الثورة والبعض الآخر لا يمكن الحكم ببرأته المطلقة .

ولكوني من أبناء اليمن الذين يهمهم شأن الوطن خصوصا في مثل هذه المرحلة العصيبة فقد وجدت نفسي مطالبا بالإسهام بما استطيع من إجابات على تلك الاستفسارات.
فبالنسبة للنقطة الأولى المتعلقة بمواصفات وخصائص هذه الانتخابات.. وهل هي من حيث الشكل والمضمون انتخابات حقيقية أم شكلية؟ شرعية أم غير شرعية؟ يمكنني القول بأنها ليست بالحقيقية ولا بالشكلية فهي تقع بينهما فكون أنها تخلو من المنافسة ربما هذا قد يمس بجوهرها، لكن إذا ما نظرنا إليها من كونها ستتضمن عملية تصويت واقتراع سري يقاس من خلالها مدى موافقة قطاعات الشعب المختلفة على تولي منصب الرئاسة، فإنه لا يمكن اعتبار نتائجها بالشكلية مطلقا فهي على الأقل تمثل استفتاء بالمفهوم الحديث المعاصر أو بيعة بالمفهوم التقليدي، ومن ثم فإنه ووفقا لما هو متعارف عليه ينبنى ويترتب عليها شرعية كافية خصوصا في مثل هذه الظروف التي تعاني منها البلاد، والتي يصعب في ظل حدة الانقسامات وذروة احتقاناتها خوض فعالية تنافسية بسلام، وإلاّ كيف يمكن إخراج البلاد من الدوامات التي تعصف بها؟.

بمنظور مفاهيمهم ربما قد لا يوافقني البعض في هذا الاستخلاص، ولكني أطرح عليهم تساؤلا عن ماهية البدائل الممكنة الأكثر شرعية وكفاءة وقدرة من هذا الخيار وفي مثل هذه الظروف؟
بالطبع البعض خصوصا قوى الشباب يطرح الشرعية الثورية كبديل أنسب يتفق مع الوسائل والغايات، ومع احترامنا وتقديرنا لهذا الرأي إلا أن مبداء التسليم به في ضوء خصائص المشهد السياسي للبلاد سيقود إلى متاهات أكبر مفادها كيف؟ ومن؟ و...؟ و...؟ الخ، وهو ما لا تقوى على تحمله البلاد أولا، ثم أن الخيار الانتخابي للمرشح التوافقي للرئاسة ممثلا في المشير عبدربه منصور هادي يمثل أكثر مشروعية من ذلك، لأنه وبتوافق معظم القوى السياسية عليه قد اكتسب شرعية سياسية وشرعية وطنية وبالعملية الانتخابية المنتظرة سيحصل على المشروعية القانونية.

أما النقطة الثانية المتعلقة بعمّا إذا كانت تلك الانتخابات في مجملها تمثل التفافا على ثورة الشباب وأهدافهم ومطالبهم في تحقيق التغيير والإصلاح الذي ينشدونه ؟...الخ، فيمكنني القول بأنه إن كانت الوسائل والمطالب والأهداف تتطلع إلى التغيير بغية تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي والتنموي في البلاد، فإنه من السابق لأوانه الجزم بأن هذه الانتخابات تمثل التفافا على ثورة الشباب، كما أنه من السابق لأوانه الجزم بأنه لن ينجم عنها تغيير يؤول إلى عملية إصلاح سياسي واقتصادي وإداري واجتماعي، بل أنها أي الانتخابات وبما سيترتب عليها من تغيير في رأس هرم النظام المتمثل في الرئاسة تمثل ابرز خطوة تغيير منشودة بل وأهمها، وكما سبقها خطوات تغيير تمثلت في تشكيل حكومة ائتلاف وطني حتما سيتلوها العديد من الخطوات التي وإن جرت في ظروف تتسم بقدر من الاستقرار وبمشاركة فاعلة وايجابية ووطنية من كافة القوى السياسية ومنها قوى الشباب فإنها ستؤول حتما إلى مسار إصلاحي فاعل من شأنه اجتثاث الفساد المتذمر منه بكافة صوره وأشكاله.

أما فيما يتعلق بالنقطة الثالثة المتمثلة في... لماذا عبدربه منصور هادي مرشحا للرئاسة بل ومرشحا وحيدا؟، وهو جاء من رحم النظام الذي انتفضت ثورة الشباب عليه وعلى رموزه؟ فيمكنني القول نعم المشير عبدربه منصور هادي جاء من رحم نظام الرئيس علي عبدالله صالح وينتمي إلي تنظيمه السياسي ممثلا في المؤتمر الشعبي العام، لكنني أجزم بأنه وإن جاء من رحم ذلك النظام فإن انتمائه ليس لمؤتمر الفساد والفاسدين بل لمؤتمر الميثاق الوطني، شأنه في ذلك شأن الكثير من المؤتمريين الوطنيين الشرفاء الذين ربأوا بأنفسهم عن منظومة فساد المؤتمر التي استحكمت بالمؤتمر وبكافة شئونه وظلوا بعيدا عنها، ولعلي في التدليل على ذلك أسوق العديد من الدلائل والمؤشرات من أبرزها الأتي:-
منذ يوليو 1994م أي على مدى ما يقارب من ثمانية عشرة عاما والمشير عبدربه منصور هادي يتبوء منصب نائب الرئيس، وخلال هذه الفترة:

1) لم نسمع عنه أو رأينا له يد باسطة على أرض هنا أو هناك سواء في صنعاء أو عدن أو غيرهما أو حتى في أبين مسقط رأسه.
2) لم نسمع أنه أضحى له عمارة أو مزرعة أو فلة أو قصر وغير ذلك مما ينم عن ممارسة فاسدة أو استغلال سيء لموقعه.
3) لم ينم من بوح أسرار البنوك وبيوت المال عن ودائع له أو أرصدة أو استثمارات داخل البلاد أو خارجها.

4) لم يظهر أن له محسوبا عليه في أي جهاز أو مرفق حكومي فاسد وإن كان فلم نسمع بأنه حمى له فسادا أو حصنه من تبعاته.

5) لم يشعل أو يرعى ثأرا قبليا هنا أو هناك .
6) لم يلح في الأفق هنا أو هناك بأنه رعى أو شارك سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة في أي نشاط غير وطني من شأنه المساس بمصالح البلاد أو وحدته أو أمنه واستقراره.

وقبل ذلك أي قبل يوليو 1994م وقبل أن يصبح نائبا لرئيس الجمهورية كان من أشد وأقوى الناس دفاعا عن وحدة الوطن من شبح الانفصال الذي تهددها خلال فتنة وحرب صيف 1994م.

ولعل ما يتوج كل ذلك هو عقلانيته في التعاطي مع مسئولياته التي يدركها جيدا، والتي عرفت عنه من خلال تعاطيه مع تطورات أحداث ثورة الشباب وتداعياتها منذ فبراير الماضي وحتى اليوم، والاتزان الدقيق الذي ألتزمته مواقفه منها، والحصافة التي اتسمت به قرارته بشأنها، وهذا كله ينم عن امتلاك الرجل لمقومات تحمل المسئولية وقيادة البلاد وإخراجها من الدوامات العاصفة بها.

بيد أن ذلك مرهون بتعاون كافة القوى السياسية معه والتفاف جميع فئات الشعب وقطاعاته حوله، ولعل من بواكير ذلك التعاون والالتفاف المنشودين هو التعاطي الايجابي مع فعالية انتخابه المنتظرة في 21 من فبراير القادم بالمشاركة فيها دون تهاون أو تخاذل.

هذا ما هو مأمول بشكل ملح أكثر من أي وقت مضى، فلا يجوز أن نقف سلبيين أمام مشاهد انحدار بلادنا ووطننا نحو الهاوية، ومفاتيح حلولها قد أضحت بأيدينا والتي تمثل الانتخابات أهم وأبرز هذه المفاتيح.