رسالة اشفاق الى أُخيّتي .. بشرى المقطري
محمد حمود الفقيه
الأحد , 15 يناير 2012
الساعة 02:40
مساء
أُخيتي بشرى لا يمكنني أن أقف مكفوف الأيدي عن ما وصلتي اليه من انفعالات و ضاقت بك الأرض من بلوغ كبر المتكبرين و علوّ المتعالين على الضعفاء و المساكين و المجرمون الذين يفتكون بحق شعوبهم كل يوم بمقدار ثقلّ الأرض و ما تحمله من قتل و سفك و غرورا في أرض الله تعالى ، لكنني اشفق عليك في بعض ما زلت به يدك و خط به قلمك تعبيراً عن ما يملأ صدرك من الظنون بعدم النجاح في نهاية الرحلة الثورية ، و ما وبلغ به قلبك نحو حنجرتك من ضنك المرحلة التي مرة و تمر بنا نحن اليمنيين ، فقد ضاقت قلوبنا في الأرض ذرعاً من حولك و نحن ننظر الى رحلة حاضرنا فلا ندري الى أين تسير بنا هذه الرحلة العصيبة في النهاية .
أُخيتيّ بشرى .. لقد مرّ الخير بشتى أنواع الشر منذ ان خلق الله سبحانه و تعالى أبونا آدم عليه السلام الى يومنا هذا ، فقد تعرض الأنبياء و الرسل لاقسى أنواع الامتحان و الابتلاء من الله سبحانه و تعالى عندما وقف أماههم البغي و الضلال و الطغاة و الدكتاتورية البشرية التي تعالت في الأرض كلِ على حسب ما مكنه الله من قوة و منعة على الآخرين ، و هكذا هي سنة الله. في خلقه ان يبتلى الانسان المؤمن في حياته بالشرّ ليحصل في نهاية المطاف على الخير الوفير ، و لا يمكن ان يكون النجاح لنا حظاً موفوراً أو صدفة نتلاقى معه في وضح النهار فيعانقنا و نعانقه كملاقات الفرقاء أو الإحبه بعد سنين البعد و المحنه كلا - إنها طريق كما تعلمين مملوءة بالاشواك و الثغرات فالشرّ في طريقنا قد خلق مع حياتنا الدنيوية الزائلة و البحث عن الخير هو الأساس في وجودنا على هذه الحياة ، لكنه يحتاج منا الى صبر ، رغم وجود من يحملون الشر على لحاف الخير إلا أننا يجب ان نكون قد مسؤولية إنسانيتنا تجاه من حولنا ، فلا يمكننا ان نخرق الأرض أو ان نبلغ الجبال طولا !! لان قدرتنا البشرية لا تقدر إلا على البشر أو منهم دون ذلك ، و غير هذه لا نستطيع ان نرقى في السماء كما طلب ذلك بنو اسرائيل من موسى عليه السلام .
أُخيّتي بشرى .. انتى أول العارفين ان فاقد الشيء لا يعطيه ، فكيف بنا ان نطلب العلم من الجهل ، و كيف بنا ان نطلب التواضع من الكبر ، و كيف بنا ان نطلب الصدق من الكذب ، وكيف نطلب الاستواء من الأعوجاج ، آمالنا لا شك كبيرة ، لكننا نزرع في تربة غير صالحة للزراعة ، أرض جدب لا يخرج نباتها إلا نكدا !! طموحاتنا فوق التوقعات ، لكننا ندور في دائرة ضيقة على حوافها قشعريرة الجهل و ركام التخلف ووحل السلوكيات الغير حميدة التي ضلّ البعض يمارسها بادمان و شغف كبيرين ، فكيف نتصور تغييراً سريعاً لنا في بلدنا الحبيب اليمن وقد كنا أول من أخطى في حق هذا الشعب المنكوب ، عندما صبرنا و تحملنا أوزار الآخرين على مدى عمر جيل من الأجيال أكثر من ثلاثة عقود من الزمان و نحن ننتظر القدرة الإلهية للتدخل في تغيير واقعنا وحياتنا التعيسة ، و على هذا الأساس لا يمكننا ان نلوم غيرنا من بني آدم ، و الدروس و العبر موجودة في صفحات الكتب و على ارفف المكتبات في كل مكان على وجه المعمورة ، كيف بنا ان نطلب المدد من الله أو ان نتمنى ان يبعث لنا ملائكة من السماء جنودا تساندنا ضد جنود الشرّ و نحن لم نسعى ان نكون جنوده في الأرض قبل أن ينزل لنا مددا من السماء كما فعل في تأييده لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
بشرى .. ان العين لتدمع و ان القلب ليحزن لما آلة اليه أمورنا في حياتنا نحن اليمنيين ، و اني أتوجس خيفة مما اقترفتيه على نفسك من عظّم الظنّ بالله و في نصره ، وانظري الى أجدادك الأولين الذين طنّوا بالله الظنونا و بين أظهرهم نبي الله تعالى الذي كان يبشرهم بنصر الله تعالى لهم عاجلاً أم آجل ، قال تعالى (( و تظنون بالله الظنونا )) و لكن الله غالب على أمره ، نصرهم حق نصره ، و مكن نبيه و عباده المؤمنين بالأرض ، حتى ان النبي صلى الله عليه و سلم حينما كان وأصحابه رضوان الله عليهم يحفرون الخندق ، بشرهم و هو يضرب الحجر بالمعول انه رأى قصور صنعاء و قد وصل إلينا نور الإسلام الى يمن الايمان والحكمة و كنا أول من آمن دون سيف أو قوة .
كلمة أخيرة لك يا أخت بشرى _ إنني لست من الذين يسقطون حقك في سعيك الدؤوب مع الثورة و خير مثال مشيك على قدميك من تعز الى صنعاء رافضة للذل و الطغيان ، و صوتك الحر الذي سمع صداه الكبير و الصغير عبر القنوات و الوسائل الإعلامية المختلفة ، و لكنني أريدك ان توضحي للعالمين من الناس عن معنى تعبيرك الثوري و ألمك البالغ العميق على الشهداء والجرحى و الثكالى و الأطفال الذين طالتهم يد البغي و العبثية الإجرامية من الذين لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة .. فقد وصلتي بحقيقة شعورك عن مايجري الى زلة قلم و ربكة في التفكير حتى انك تجاوزتي صفة الخالق جل في علاه ، فمهما كانت الآمنا كبيره ، تذكري ان الله الكبير ، ومهما كان شعورك تجاه المظلوم رحيماً تذكري ان الله هو الرحيم بعباده أرحم على العبد من الأم لولدها ، ولكن الله يمهل و لا يهمل للظالم حتى إذا أمسكه لم يفلته .. تعالى الله عن ما اخطانا في حقه سبحانه و تعالى و نستعفره عن ما بدا مننا تجاهه بسبب ضعفنا عن القدر و عجزنا أمام أنفسنا انه هو العفور الرحيم .
اخترنا لكم
آخر تحديث
الأحد,29 ديسمبر 2024
الساعة 11:52
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2025.00 | 2063.00 | |
ريال سعودي | 538.00 | 539.50 |