الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٤٥ صباحاً

رسالة إلى شباب التغيير!!!

د . عبد الملك الضرعي
الخميس ، ٢٢ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
منذ مطلع2011م وشباب العالم العربي يتطلع إلى مستقبل يقوم على الحرية والعدالة والمساواة ، وكان لشباب اليمن أيضاً دوراً بارزاً في صياغة المعادلة الجديدة للعالم العربي ، نقول ذلك ونحن على يقين أن الشباب ومعهم كل قوى الثورة سيكملون المشوار الذي من أجله تساقط المئات بين شهيد وجريح ، ونحن على ثقة أن تلك الأرواح والدماء لن تسقط هدراً ، لأن الله عادل في حكمه .

إن الرسالة التي نود توجيهها لشباب ثورة التغيير تتعلق بالمتغيرات الأخيرة ، التي نجمت عن التوافق السياسي الدولي والمحلي ، ذلك التوافق نتج عنه ارتباك في المواقف داخل ساحات التغيير والحرية على مستوى الجمهورية ، ذلك التباين يمكن أن تنجم عنه مواقف تؤثر سلباً في مسار الثورة الشبابية ، وبالتالي يمكن أن يتطور الحال إلى إحداث ثورة مضادة لثورة الشباب من داخل الساحات ، وهي الخطوة التي عجزت عنها سلطة الرئيس صالح خلال الأشهر الماضية.

إن إضطراب العلاقة بين مكونات الثورة الشبابية السلمية الشعبية على قدر كبير من الخطورة ، لأنه سيصب في آخر المطاف لصالح القوى المضادة للثورة بل سيفتح الأمل مجدداً لعودة الجيل الثاني لعائلة صالح إلى الحكم ، لذا من الضروري أن تتوحد رؤى الساحة ومواقفها في المرحلة الراهنة.
إن وجه الخلاف اليوم بذرته المبادرة الخليجية ، فهناك من يؤيدها من شباب الساحات وهناك من يعارضها ، والمؤيدون تأييدهم ليس مطلقاً ، بل كونها أداة مرحلية للتغيير وبالتالي فهم يطلبون الإنتظار لمعرفة ما سوف تنجزه حكومة الوفاق الوطني في مسار تحقيق أهداف الثورة ، إذا فموقفهم لايقوم على التأييد المطلق لأن منهم خيرة الشهداء والجرحي والمعتقلين ، وبالتالي يعد تأييدهم المطلق للمبادرة خيانة لتلك التضحيات ، ودون شك أنهم يدركون ذلك ، ولكن رؤيتهم تأتي في إطار منح فرصة للجهد السياسي عله يحقق بعض أهداف الثورة دون مزيد من التضحيات ، في المقابل هناك المعارضون للمبادرة الخليجية بالمطلق ، وهؤلاء يرون بأن بعض بنود المبادرة وخاصة الحصانة تمثل خيانة لدماء الشهداء والجرحى إضافة إلى تحفضهم على بنود أخرى تتيح لعائلة صالح الإستمرار في الحكم.

إن كلا الموقفين تجمعهم قضية واحدة تتصل بعدم التفريط في دماء الشهداء والجرحى ، ولكن الخلاف حول هل يستمر الخيار الثوري أم تعطى فرصة للخيار السياسي بأبعاده المحلية والدولية ، ولكن كلا الفريقين لاعلاقة لهما بصورة مباشرة بالمبادرة الخليجية لأن شباب الساحات دون استثناء عبروا عن رفضهم للمبادرة الخليجية منذ مراحلها الأولى.

إن مانود التأكيد عليه أن الرهان في آخر المطاف هو رهان على الزمن والزمن لن يطول إلى مالا نهاية ، خاصة في ظل الجدولة التي حددتها المبادرة الخليجية ، وبالتالي يجب أن يستمر التصعيد والتوافق الثوري بين جميع المكونات مع إتاحة الفرصة للمسار السياسي دون الإخلال بالمسار الثوري ، ولايجوز تخوين أحد في الساحات سواء المتفائلين بالمبادرة أو الرافضين لها ، لأنها في الأصل لاتعنيهم بصورة مباشرة ، بل ما هو مؤكد إلى حد بعيد أن الرهان على المبادرة لن يكون آمناً ، لأن المعطيات الأولى لحكومة الوفاق الوطني تشير إلى تقدم بطئ جداً نتيجة أذرع الجهاز المخابراتي في كثير من أجهزة الدولة والتي ستعيق أي طموح لوزراء المعارض، التي تتواجد في العديد من دوائر الدولة ، تلك الأجهزة التي ستحاول قدر الإمكان إظهار وزراء المعارضة وإن كان بعضهم إلى عهد ضمن حكومات المؤتمرالسابقة ، ستحاول أظهارهم بالعاجزين عن معالجة مصالح الناس خاصة في الوزارات الخدمية.

نأمل من شباب ساحات التغيير والحرية أن لايفرقهم الطُّعم السياسي الذي قدم للمعارضة ، وأن يكونوا أكثراً وعياً بالأهداف التي خرجوا من أجلها ، وأن يفكروا بأليات جديدة للتصعيد الثوري تتواكب مع متغيرات التوافق السياسي ، كأن تعزز خيارات الشباب في محاربة الفساد من خلال تكوين مجموعة ثورية خاصة برصد الفساد في أجهزة السلطة ، ومطالبة حكومة الوفاق بفتح ملفات الفساد خاصة وأن المعارضة تملك وزارات معنية بذلك مثل العدل والداخلية والإعلام ، لذا على المعارضة أن تثبت جدارتها إن كانت إمتداد لثورة الشباب من خلال فتح ملفات الفساد وإعلانها للرأي العام ، حتى يقتنع شباب الثورة المعارضين للمبادرة الخليجية أن المبادرة ستحقق بعض أهداف الثورة المتصلة بمحاربة الفساد، وإن لم يتمكن وزراء المعارضة من تفعيل تلك القضية ، فإن مشاركتهم في الحكومة ستكون صورية ، وبالتالي سيقتنع شباب الثورة المتفائلين بالمبادرة الخليجية بعدم جدوى تلك المبادرة ، وبالتالي يمكن أن تتوحد رؤية الساحات مرة أخرى بضروة تفعيل خيارات التغيير الشامل لمكونات الفساد التي تحتمي اليوم تحت مظلة التوافق السياسي .

أخيراً إن وحدة مواقف الشباب هي الضامن الوحيد لتحقيق أهداف من ضحوا بأرواحهم أملاً في تحقيق أهداف الثورة الشبابية المعنية بالحرية والعدالة والمواطنة المتساوية ومقارعة الفاسدين الذين أستباحوا خيرات الشعب لصالحهم وأسرهم ، بينما ستؤدي الخلافات داخل الساحات إلى إتاحة الفرصة للقوى المضادة للثورة الشبابية في تحقيق طموحاتها السابقة في إجهاض ثورة الشباب ، نأمل من مختلف المكونات الشبابية أن تدرك أن هناك العديد من القوى المحلية والدولية تسعى بكل ماتستطيع لإفشال الثورة الشبابية اليمنية ، فعلى المستوى الداخلي تهدف قوى النفوذ والفساد لإستعادة وجودها وتأثيرها في حياة الشعب اليمني ،أما على المستوى الدولي تهدف إلى كبح الأمل لدى الشباب العربي في بقية دول الوطن العربي بإمكانية تغيير الأنظمة الحاكمة ، إذن فمسار الثورة اليمنية ونجاحها على قدر كبير من الأهمية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.