كما وجد اليهود انفسهم بلا وطن، قريباً سيجد الحوثي نفسه بلا وطن، فالطريق التي يسلكها هي تلك الطريق التي سلكها اليهود حتى أصبحوا لا يملكون الشبر الواحد على وجه الأرض، ولا دولة في العالم يقبل أن يقيموا لهم سلطة على قطعة أرض في بلدها، وتواجدهم على أرض فلسطين احتلال عجزت كبرى الدول عن إضفاء الشرعية عليه.
حتى الحوثي نفسه يدرك أن التواجد الاسرائيلي في فلسطين احتلال، وكثيراً ما يتحدث عن ذلك..!!!، ولكنه لا يدرك لماذا هو احتلال، ولماذا اليهود لا وطن لهم على وجه الأرض؟؟!!!.
الخطوات التي سلكها اليهود حتى أصبحوا بلا وطن، ويسلكها الحوثي حالياً،، من أبرزها الاستعلاء على الناس وعدم الانصهار والانخراط في المجتمعات بحجة علو النسب، وادعاء الحق الالهي في حكم الأرض.
على مر التاريخ واليهود رغم كثرة هجراتهم وتنقلهم إلا أنهم لم ينصهروا في شعوب البلدان التي سكنوها حول العالم، بحجة أن نسبهم رفيع وأن الله فضلهم على العالمين، وأنهم أعلى من تلك الشعوب نسباً وأرفع شرفاً ومكانة وأحق بحكم الأرض من أهلها.
ونتيجة ذلك الاستعلاء على كل من حولهم، وجدوا أنفسهم غرباء في مجتمع واحد يؤمن بالعدالة والمساواة، ولا مكان للعنصرية والاستعلاء في أوساطه، ونتيجة طمعهم في الحكم بحجة أنهم أصحاب حق إلاهي وليس بصفتهم من أبناء ذلك البلد أصبحوا يهددون الأمن القومي لذلك البلد ويشكلون خطراً كبيراً على نظام الدولة فيه، وعلى امنه واستقراره، وتضطر الدولة إلى طردهم بعد أن أقاموا الحجة عليهم وأسقطوا على أنفسهم حتى حق المواطنة طمعاً في الحق الالهي والاستثمار في الانتساب لأنبياء الله.
اليهود حيثما حلوا ونزلوا يرفضون الانتماء للأرض التي أصبحت لهم وطناً، ويستعلون على أهلها بالانتساب لنبي الله يعقوب، بحجة أنهم أحق بالسلطة، ويتمسكون بالانتماء لفلسطين لتأكيد النسب، ونتيجة ذلك يخسرون الأرض التي كانت لهم وطناً، ولا يربحون فلسطين ولا يجدون ما يشرعن احتلالهم لها.. وهكذا أصبحوا بلا وطن.
الحوثي يقول إنه من بني هاشم وليس يمنياً، وأن موطنه الأصلي مكة وليس صعدة، وهو ما يعني أن وجوده في اليمن بمثابة لاجئ أو مهاجر أو مقيم، أو محتل، وليس من السكان الأصليين لليمن.
هكذا يقول ويصر على ذلك ويتمسك به، ويرفض الانصهار في المجتمع اليمني، وفي نفس الوقت يريد أن يحكم البلد وهو دخيل على شعبه وليس من أبناء جلدته.
يوماً بعد يوم يؤكد الحوثي للشعب اليمني بأنه ليس منهم ولا يتشرف بأن ينتمي لليمن، ولهذا الشعب العظيم العريق ولهذه الأرض الكريمة المعطاة، التي نمى عظمه على خيرها، ويريد أن يحكمها وهو لا يتشرف بالانتماء لها والانتساب إلى أهلها.
وبهذا الادعاء يكون الحوثي قد أقام الحجة على نفسه بأنه دخيل على الشعب اليمني، ومتحل لأرض اليمن، ومن حق أبناء الشعب اليمني طرده وتحرير بلدهم منه وعليه أن يبحث عن موطنه الأصلي الذي يفاخر بالانتماء إليه والانتساب لأهله، فاليمن ليست موطنهم.
وبما أن الحوثي يقول إنه ليس يمنياً ولا ينتسب لأهل اليمن ولا ينتمي لبلدهم، فهو لا يملك حق المواطنة في اليمن، لكونه ليس من السكان الأصليين ويدين بالولاء والانتماء لوطن آخر.
وإذا كان الحوثي لا يمتلك ما يشرعن وجوده كمواطن يمني، فكيف يريد أن يحكم بلد وهو ليس من مواطنيه؟؟ وكيف يعتقد أن الشعب اليمني سيقبل بحكم شخص أو سلالة أو أسرة ليست يمنية ولا تفتخر بالانتماء والانتساب لليمن؟؟!!.
حتى وإن جاء عبر انتخابات، وليس انقلاب كما هو الحاصل، فالانتساب لوطن آخر يسقط شرعيته ولا يسمح له بالمشاركة في الانتخابات وحكم البلد.
دخيل على أهل البلد، ولا يملك حق المواطنة لتكفل له حقه كمواطن، وتمنحه حق المشاركة في الانتخابات وحكم البلد، ورغم فقدانه لكل ذلك، يأتي بانقلاب ويريد أن يحكم بقوة السلاح، ويعتقد أنه سيملك شعب مضياف بالنار والحديد.
اليمن أوسع من الفضاء لكل من يفتخر بالانتماء إليه، وأضيق من خرم الإبرة على كل من لا يتشرف بالانتماء إليه والانتساب لأهله.
وقريباً سيجد الحوثيون أنفسهم بلا وطن، كما وجد اليهود أنفسهم بلا وطن، بسبب الاستعلاء على الناس وعدم الانصهار في المجتمعات، وادعاء الحق الإلهي، والتنكر على من حولهم ومنازعة أهل الأرض في أرضهم وحكمهم بحجة الحق والاصطفاء الالهي، وليس حق المواطنة.