الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٦ مساءً

علمدار ودعوة أنيس!

سلمان الحميدي
السبت ، ٢٠ يونيو ٢٠٢٠ الساعة ١٠:٣٩ مساءً

أسذج تبرير لما حدث في سقطرى، هو ما يردده الببغاوات: خوفاً من تركيا! وأسخف منه البهجة التي تساور أشياع المكونات التي تدعمها الإمارات العربية تشفيا بالمكونات التي ترفع علم تركيا..   علم بلدنا يضيع وسط رفرفة أعلام الآخرين.. وعدوى التبريرات تمتد إلى خليجيين في تويتر وأنصار الشرعية يتراشقون مع أنصار المكونات الخارجة عنها.   قد يبدو كل شيء مفهوما، عدا التبرير المثير للسخرية الذي ينم عن جهل بعلاقة دولة مع أخرى، والذهاب إلى القول بأن سقطرى لو سقطت في يد الأتراك لسكت غضب الغاضبين، وأن سقوطها في يد الانتقالي ورفع علم الإمارات أفضل، ذلك أن الانتقالي من البلاد وأن الإمارات عربية متحدة.   إلى وقت قريب لم يكن لتركيا أي ذكر في المشهد اليمني، ولم يرفع اليمنيون غير شعار "شكراً سلمان" بعد انطلاق عاصفة الحزم تقديرا للملك الشهم، وحتى حزب الإصلاح عندما تخلى عن سياسته كحزب، أخرج مظاهرة لترفع امتنان الحزب إلى الإمارات، لكسر حدة دسائس الوشاة التي استشعرها كما يبدو.   السعودية والإمارات، لا يعرف اليمنيون غير الدولتين وتدخلاتهم في أرضهم، وبعد استشعار أن الأرض مازالت تحمل آلامها وربما تضاعفت، وتحولت معركة الخلاص من جماعة الحوثي لتحقيق أهداف أخرى بعد خمس سنوات من المأساة، وغرقت الشرعية ـ وهي الجهة الوحيدة التي تحمل الصفة القانونية ـ في بحر الفساد والوهن، بدأ الملل يدب في عزائم اليمنيين، وليس هذا تبريرا لما قام به أنيس منصور ودعوته للتدخل التركي أسوة في ليبيا، لو قدمنا هذا التبرير للوسم الذي دعا إليه أنيس لكان أسذج من تبرير الآخرين لما حدث في سقطرى: اقتحام الجزيرة الهادئة وسقوطها في يد مليشيا الانتقالي، أفضل من مجيء الأتراك لطرد المكونات الانقلابية" يشعرك الذين يرددون هذه النغمة أن تركيا تدرس خيار إرسال مراد علمدار وشلته إلى اليمن، استجابة لدعوة أنيس منصور.   الدول لا تتدخل عسكريا في دول أخرى بناءً على دعوة مهفوف مثلاً، أو على تصدر "هاشتاج" في تويتر، هناك جهات شرعية ودستورية هي المخولة بدعوة دولة ما، أما صرخات الآخرين فليس لها أي غرض غير النكايات والمناكفة والمعايرة، فمن دعا التحالف العربي هي الشرعية التي يمثلها الرئيس وحكومته، لأن مصدر قوة هذه الجهة الضعيفة تكمن في قانونيتها، والمعذرة على الخلط الواضع بين الدستور والقانون.   في ليبيا أيضاً، تدخلت تركيا بناء على طلب من حكومة الوفاق، حكومة السراج.. وهكذا.   الجهة اليمنية الوحيدة التي تستطيع توجيه طلب ما، هي الرئاسة أو الحكومة، وليس أنيس منصور وأنصار الهاشتاج.   المهم، ما يحدث هو صراع أدوات لإرادات ممولين، ويتضح ذلك من تصفيق أنصار الأطراف وهم يلصقون الصفة النضالية لمكون ما، غير أن الأعلام تفضحهم.   وحده الحوثي يمدد رجليه ولا يبالي، وينتشي بالخدمة الجليلة التي يقدمها خصومه، والتي تمنحه إشباع شهوة الدم، والتشفي بالتحالف ومن دعاه، وإعلان استعداده لمحاربة أي احتلال محتمل..