لم أود اختتام العام هكذا، بتسجيل فيديو ونشره على فيس بوك. من أين يأتون بالشجاعة أولئك الذين يجلسون كثيرًا أمام الكاميرات؟ لقد فعلتها أخيرًا وأشعر بالحرج، وأعتقد أن الفرغة هي من تجعل الناس يذهبون للقيام بأعمال لم يألفوها، وعلى كل، ذلك أجود من الذهاب للحرب..
أنا ميال للسخرية في هذا الظرف، وكان الفيديو الذي وضعته مسخرة، رغم أن كثيرين أبدو ملاحظات تشجيعية وتحفيزية، بإمكانك أن تفيدنا بمعرفتك بطريقة مبسطة وساخرة، توظيف القراءة في بعض الأحداث الموجودة في الساحة. كانت فكرة التشجيع والاستمرار جيدة وبسيطة، سرعان ما فكرت بصعوبة المقترح، الأمر يحتاج إلى إعداد، وكأنني سأظهر على السي إن إن، أو شبكة فوكس الأمريكية "لست متأكدًا إن كانت هناك شبكة بهذا الاسم"..
فكرة الفيديو تدور حول المعتقدات الجديدة لعلي البخيتي، والمقارنة السريعة والمتناقضة مع أخيه محمد، مع الرجل الذي كأنه البخيتي نفسه قبل تحولاته غير المنتهية..
ما بين الدعوة للإلحاد والدعوة لأن نكون أنصار الله.
ما بين أن نشرب الخمر وننشئ مصنع نبيذ في بني حشيش كما يقول علي، وبين حاجة تعز المحاصرة لشرب المياه.
ما بين الحريات الجنسية، وبين تتبع أربطة البوالط وملاحقة الحلاقين..
ومحاولة الاستعانة بغوستاف لوبون صاحب الكتاب المهم "الآراء والمعتقدات".
وقد اكتشفت إني لفظته "بولون" مع تأكدي مائة في المائة أنه لوبون، المفكر الذي مات قبل تسعين سنة، وتتبع كيف تنشأ الآراء والمعتقدات، وتتطور عند الفرد والجماعة، وتضمحل أيضًا.
ولعل أغرب ما ذكره لوبون، هو عامل "الطراز" وكيف يؤثر في تكوين الآراء والمعتقدات، والطراز الذي قصده الرجل، هو "الموضة" في أيامنا هذه، ولأنه يدعم بحثه بالاستنتاجات من الواقع، فقد مثل بتأثير الملابس في النساء في تلك الحقبة، وقد اكتشفت إني قلت أن محمد البخيتي "جاء من هذا العامل ليحرق أحزمة البوالط ويدافع عن الأخلاق المطوقة لخصور النساء".
العالم اليوم مفتوح، ومن أراد أن ينتج موادًا فيمكن أن يفعلها بسهولة، إن توفر له قليل من الخبرة، غير أنه من السيء استخدام عائلة البخيتي كفكرة للظهور.
وشخصيًا، لا أملك الخبرة، وفي الأسبوعين الأخيرين كانت هذه العائلة حاضرة في الرأس نتيجة التسجيلات التي يقوم بها علي البخيتي وتصل لأبناء القرية، فيقتلب المجلس ويحتد النقاش حول أفكار البخيتي وإلحاده، والتحليلات الغريبة التي تصل إلى حد الذهاب أنه شخصية مدعومة من إسرائيل لتشويه الإسلام والإساءة لليمنيين.
كنت قبل ذلك قد سجلت مقطعًا لدقيقة ونصف تقريبًا، عن فصاحة غلام يمني ذكره أبو علي القالي في مصنفه الأمالي، ذكر أن أبو عمرو بن العلاء التقى بغلام يمني ينشد عنزًا، فقال له: صفها لي يا غلام. فقال الغلام: حسراء مقبلة، شعراء مدبرة، ما بين غثرة الدهسة وقنوء الدبسة، سجحاء الخدين، خطلاء الأذنين، فشقاء الصورين، كأن زنمتيها تتوا قلنسية، يا لها أم عيال وثمال مال..
والمعنى، أنها قليلة الشعر في مقدمها، كثيرة الشعر في مؤخرها، لونها بين لون غبرة التراء والحمرة القانية، حسنة الخد، طويلة الأذن، متباعدة القرون... إلخ.
وقلت في النهاية، لو ضاع علي البخيتي، لن نجد من يتمكن من وصفه هذا الوصف..
بعدها خجلت من المشاهدة..