الرئيسية / كتابات وآراء / نظرة مغايرة للخلاف الخليجي

نظرة مغايرة للخلاف الخليجي

أحمد ردمان
الجمعة , 16 يونيو 2017 الساعة 08:27 مساء

شذوذ موقفٍ ما عن الطبيعة الايجابية لفرد أو لتكتل بشري لا يعبر عن جوهر ذلك الفرد او التكتل ، وبما ينشئ تصورا تحدوه الطمأنينة المنبثقة عن تقييم ذلك الموقف على أرضية النهج الايجابي لتلك الدولة .

ولعل عقدة الشعور بالنقص لدى المواطنين العرب والذي تولدت في بيئات الفشل المتلاحقة التي وقعت فيها الانظمة العربية جعلت الوجه المظلم للحدث هو الاقرب الى مخيلة المواطن العربي وبالتالي الاقرب الى تحليله .. بل انه يقوم بتطويع جوانب الاشراق أو تعليلها لصالح التحليل السلبي… في خطوة غير مستنكرة نظرا للحالة العربية المتفننة في رسم لوحات الفشل السياسي لعقود من الزمن .

إن المملكة العربية السعودية قد استيقظت من غفوتها التي كادت ان تطيح بها وبالامة العربية جمعاء ، ولقد كانت عاصفة الحزم في اطار التحالف العربي عنوان يقظتها ، وإنشاء التحالف الاسلامي مؤكدٌ لصحوتها ، ولقد أثبتت المملكة منذ العاصفة انها تتخذ مواقف لا تصدر الا من دولة مسئولة تتصرف وفق رؤية لا ينقصها الوضوح ..

ولعل في تبرير مقاطعة المملكة لقطر استفزازا للكثير من القرّاء ، ودافعا لتغليب المشاعر السلبية نحو الكاتب الذي يتصور نسبة الصواب فيما كتب اكبر من نسبته في رأي من انتقد لقراءة الكاتب للمقاطعة من النوافذ التالية :

اولا : ينُدُّ هذا الموقف عن التوجه العام للمملكة بعد الصحوة ، وبما يشير إلى غلبة العوامل الدخيلة المؤثرة عليها لتتخذ هذا القرار الذي لا يمثل جوهرها ولا ينسجم مع مواقفها ..

ثانيا : أهمية احتواء الامارات ومصر وتثبيت اقدامهما للسير في إطار البيت العربي في ظل الاستقطاب الاقليمي والدولي ..خاصة ان حكّام هاتين الدولتين لديهم القابلية للارتهان لأي مشروع يحقق لهما اهدافهما الانتقامية من اعدائهم المفترضين ..كنهج متبع لفاقدي القيم ولهم في المخلوع علي صالح أسوة

ثالثا : لا بد من ثمن تدفعه المملكة لأمريكا لتحقيق المقايضة لصالحها على حساب المشروع الايراني ..

رابعا : النزعة العدائية التوسعية لنظام الملالي تُعد مهدِّدا حقيقيا للمنطقة العربية والتي لا تمتلك مشروعا موحدا يُعتمد عليه للدفاع عنها وخاصة تلك الدول الصغيرة كقطر والبحرين والكويت والامارات واللواتي يقعْن على فتحة فم الافعى الفارسية فكان لا بد من مبرر مقبول لاستدعاء قوات تركية وباكستانية لتشكل تلك القوات سياجا سُنيّا امام الاطماع الشيعية الفارسية ، وكأن تلك الخطوة ثمرة من ثمار التحالف الاسلامي والتي تمثل تلك الدول الى جانب المملكة محور ارتكازه .

ولعل هذه النقطة الاخيرة تحقق المراد من اختيار عنوان المقال… فعلى افتراض ان المقاطعة تكتيكا سعوديا فالخير فيها للمبررات السابقة ، وان كان الوجه الاخر للصورة حقيقيا ولا تكتيك فيه وبما يفيد بتبني المملكة للمقاطعة الجدية ..فالخير فيها ايضا ، ذلك الخير المنبجس، من تواجد تلك القوات الاسلامية التي تمثل الضامن الحقيقي لحماية المنطقة من المد الفارسي في ظل فقدان الثقة بالعربان جميعا بما فيهم المملكة التي تعلقت بها الامال العربية والاسلامية لاكثر من عامين ، والتي اضحت مواقفها متأرجحة لصالح خصومها وخصوم الامة - في حال كونها جادة في المقاطعة - ، وبالتالي فان خطوة تستدعي التواجد الاسلامي الاعجمي ستكون كفيلة بفتح افاق جديدة لامال العرب والمسلمين في حماية ارضهم واجيالهم من ابشع غزو تتعرض له الاوطان ..وما العراق وسوريا عنا ببعيد .

ان اتخاذ قرار العاصفة ، وبناء التحالفات العربية والاسلامية ، والتمرد على العم سام ثم امتلاك زمام المبادرة في اعادة العلاقة معه ..ينبئ عن رؤية تضيع في اشعتها اوهام التخبط المزعوم بشأن اتخاذ قرار المقاطعة.