واصل الحوثيون وصالح اغتيال السلام في اليمن وإغراق البلاد في حرب مستمرة مهددة بكارثة تفوق كل التوقعات .
وفي الوقت الذي يقرعون فيه طبول حملات الضجيج للتضليل على إصرارهم مواصلة الحرب ، فإنهم وبلا مسئولية يكشفون عن هذا الموقف بجملة من الممارسات الطائشة التي تؤكد أنهم يخشون السلام ويضعون العراقيل نحو الوصول إليه بصورة ممنهجة ، وأن موقفهم من السلام لم يتغير منذ أن انقلبوا عليه بقوة السلاح .
وبالطبع لن تكون مهزلة أحكام الإعدام التي أصدروها مؤخراً آخر ما في جعبتهم من تصرفات غير مسئولة تجاه ما يجتاح البلاد من كارثة بسبب هذا السلوك المراوغ الذي شكل انقلابهم على عملية السلام وإطارها الشرعي جذره القبيح .
ولأنهم يفتقرون الى الخيال القادر على استشراف أحلام الشعب وقراءة اختياراته فقد اعتقدوا بداية أنهم سيتمكنون من السيطرة على اليمن وحكمها بأدوات وامكانيات الدولة التي تم تسليمها لمليشيات على نحو يندر أن تجد له مثيلاً في التاريخ السياسي ، وعندما تبين لهم استحالة ذلك ، بسبب الرفض الشعبي الواسع لإنقلابهم ، لجأوا إلى خيار حشد نقائض الدولة الوطنية ، بما في ذلك أنقاض ميراث الحكم الإمامي واستنهاض الزعامة "الجامعة المقدسة "من ثنايا تاريخ خرافي ، هذا الى جانب ما تم استنساخه قبل ذلك من زعامة كرتونية كبدل فاقد كل وظيفتها هو إسناد المليشيات في مواجهة استعادة الدولة في مشهد يعيد إلى الاذهان مظاهر الصراعات التاريخية التي كانت تنتهي بانتصار فكرة قيام الدولة وهزيمة ما قبلها من تكوينات اجتماعية وأبنية سياسية وثقافية باعتبار أن ذلك هو التطور الطبيعي للحياة البشرية .
وبعد أن بدا واضحاً أن استعادة الدولة هو اختيار شعبي يستند الى تلك الحقيقة التاريخية ، وأنه لا مفر من تحقيق ذلك عبر إسقاط البنى الخرافية التعسفية لجأوا إلى التمسك بأجزاء من البلاد كرهينة للوصول إلى تسوية طائفية كحد أعلى ، أو إنقاذية جراء ما ارتكبوه بحق البلاد والعباد كحد أدنى.
كان ذلك هو الهدف النهائي الذي توصلوا اليه بعد أن صدمتهم الحياة بحقائق ما كان لهم ان يكتشفوها إلا بواسطة تلك المقاومة الباسلة التي تصدت لمشروعهم الفوضوي ، والذي على اساسه أعادوا صياغة تكتيكاتهم العسكرية والسياسية والإعلامية.
وتتلخص هذه التكتيكات إجمالاً في عنصرين أساسيين هما: عرقلة عملية السلام وتعظيم كارثة الحرب واستمرار حملات التضليل الاعلامي المنادية بوقف " العدوان " من ناحية ، والتمسك بما تحت أيديهم من أرض كرهينة للتسوية النهائية من ناحية اخرى .
وفي تساوق مع هذا التكتيك فإن الانقلابيين لم يعد يعنيهم شيء من أمر الدولة وقضايا الناس إلا ما يتعلق بأمنهم وتأمين الوصول الى هذا الهدف الذي يسعون إليه بعد أن خسروا فرصة السيطرة الكاملة.
ولهذا فإنهم يواصلون إغراق البلاد في هذه الكارثة التي صنعوها انتقاماً من ذلك الوعي الوطني الذي قرر أن يستعيد المبادرة في مواجهة انقلابهم ، ومن ثم تصفية عوامل التخلف التي يعاد إنتاجها في صور شتى من الفساد السياسي والاستبداد الملتبس بمزاعم الحق الاعتباطي بالحكم .
إن الوعي الوطني الذي أخذ يعيد بناء مقاربات وطنية لشكل الدولة ومضمونها ونظامها السياسي وأسلوب إدارتها قد ترسخ بحقيقة أنه الأكثر قدرة على إقامة الجسور مع المستقبل بعد أن أثبتت الوقائع أن الذين تحركوا في اتجاه معاكس لم يحصدوا غير الفشل الذي أفضى الى الحروب والفوضى وسرقة احلام الناس البسيطة في الأمن والاستقرار والعيش بكرامة.
من صفحته على "فيس بوك"