الرئيسية / كتابات وآراء / تعز... من وحي فيلم فرنسي

تعز... من وحي فيلم فرنسي

عبد الإله الحريبي
الأربعاء , 01 فبراير 2017 الساعة 07:09 صباحا
شاهدت فيلماً فرنسياً تدور أحداثه في ظلّ الاحتلال الألماني لفرنسا، عن فترة ما قبل تشكيل المقاومة، وعن العمل السري للمقاومة بعد تشكيلها، عن الشباب الرافض الاحتلال، عن المعاناة الكبيرة جداً للمنخرطين في المقاومة الشعبية، وعن كلّ ما يجول في خواطرالمنتمين للمقاومة، بخصوص دعم لندن لهم، أو تقاعسها عن دعمهم، عن جوعهم وأحياناً تمرّدهم على سياسات قادتهم، وأيضاً عن ذلك القائد الفرنسي الذي استطاع أن ينتشل فرنسا من القاع، ويأخذ بها نحو مصاف الدول الكبرى، إنه الرئيس شارل ديغول، وأيضاً عن تشكيل مجلس للمقاومة والتنوع الذي تحتويه سياسياً وإيديولوجياً، اليسار واليمين والوسط، أيضا عنً تأثير الاختلاف حول مستقبل ما بعد التحرير.
وأنا أشاهد الفيلم، أغوص في حال المقاومة الشعبية في تعز، وأتساءل إن كان حالنا مختلفاً في الأحداث، فالمحتل هنا يمثله انقلاب الحوثي وعلي عبدالله صالح، وتدعمه قوة كبيرة هي إيران، والجيش الوطني والمقاومة الشعبية يخوضان المعارك بدعم السعودية وبقية دول التحالف العربي.
رأيت في هذه المقاومة الجوع والمعاناة والألم، ورأيت البسالة والشجاعة والصبر والقدرة على مواجهة الجوع، رأيت الاختلافات في صفوفها، وأحياناً تصل إلى حد الخوف منها في المستقبل، كما حدث خلال الفترة الماضية بين فصيلين، أحدهما سلفي والآخر قبلي موال لحزب التجمع لإصلاح، وقدرتها على تحويل هذه الخلافات إلى عامل يعزّز قدرتها على الدفاع عن تعز، والانطلاق في تحرير ما بقي منها، والتزام الجميع بمبدأ النظام والقانون، والعودة إلى الدولة في حلِّ أي خلافٍ يستعصي حله.
هناك أيضاً تلك النظرة إلى دول التحالف، والدعم الذي تقدّمه للشرعية والمقاتلين في صفوفها، الشك حول حقيقة الدعم وإلى أي مدى يمكن أن يكون؟ وهل مهمة هذا التحالف الداعم للشرعية تنتهي عند تأمين الحدود السعودية، وضرب خطر الحركة الحوثية للجوار، أم عودة الشرعية وتسليم المليشيات الحوثية أسلحة الدولة المنهوبة، وكل سلاح يمثل خطرا على الدولة والشعب مستقبلاً، وما يأمله المقاومون من التحالف العربي، ومن الشرعية بعد تحرير الوطن من قبضة المليشيات، ومصير المقاومة بعد ذلك.
دارت في خلدي تساؤلات كثيرة، منها: هل نستطيع أن نتجاوز كل الخلافات السلبية، بعد تحرير تعز؟ أم أنّه لا زال هناك ثمناً باهظاً، ربما سندفعه نظير الحرية والكرامة ومشروع الدولة الاتحادية؟
ستأتي الإجابات في وقتها، المهم الآن التحرير، والبشائر تتوالى.

\"العربي الجديد\"