1996/11/1في مثل هذا اليوم، وقبل عشرين عاماً، ثقب الانسان العربي جدار الاستبداد، كسر قيد الديكتاتور واطلق شعاع كبرياءه المجيد، ثم قرر ان يولد حراً من جديد، وصرخ عبر الفضاء المالح للحاكم/ اللص ، لقد انتهى زمن الطغيان..
ثم كان ان انبثقت قناة الجزيرة في تلك الدلجة الحالكة من ليل تشرين الباردة ، واخترقت جدار الحاكم العربي، مانعة اياه من الاستفراد بعقل الامة وروحها، قائلة له : هذا زمن العربي العنيد، زمنا يبدأ الان وينتهي بالقاء جثثكم في مجاري التاريخ..
صورتنا المتلامعة في قلب الظلام، صوتنا الحميمي في زمن الاصوات المنكرة، ذراعنا الصلبة التي خمشنا بها وجه الطغيان القبيح، اصابعنا العنيفة التي عصرنا بها عنق الفساد، تشبهنا كثيراً، تنام في حلب وتسيقظ لتحرس مصر من مخالب الذئاب، وفي الظهيرة تزور طرابلس ومع المساء لا تنس صنعاء مهجورة لوحدها ...
قالت الجزيرة بصوت صاخب: ايها الحاكم العربي الغبي ، ايها الاحمق:
لقد ولى ذلك المواطن الرعديد، ذو الايدي الوجلة والعيون المنهكة، وها نحن نخلق لك مواطنًا اكثر صلابة ومكرا ودهاء، ما عاد ممكن لك ان تدنس روح الشعوب وعقلها، نحن نصنع له الضوء ونسقيه نورا وفكرا كل صباح وغدا سيكنسك هذا الشاب ويهيل عليك التراب وتغدا خبرا في جريدة مهملة.. ..
يمكنك ان تختلف مع الجزيرة بعض الشيء لكنك لا تستطيع انكار عنفوان ادائها واشتعال صورتها وسطوع عينيها في قلب كل عربي مقهور، صانعة لملحمة الوعي، هادمة لعروش المتجبرين ، كتلة من اللهب احرقت كل نفايات الانظمة العربية الملعونة، جمرة تدحرجت والتهمت كل وحوش الليل العربي البائس، لم يكن مخطئاً ذلك الذي قال ان الشرارة الاولى للربيع العربي كانت في نوفمبر /تشرين 1996..
هناك عداء بدوي ساذج تجاه نافورة النور هذه، وعندما تسأل الرجل الذي يبغضها عن السبب سيقول لك كلاما ترابيا بلا اي معنى، يتلخص كله عن سبب دورها في نقل صراخ المساكين والجوعى في الساحات، ابان خروج المارد العربي إلى الشارع 2011، ولن ينسى ان يذكرك بفيديو تعذيب السجناء في ابو غريب ؛ ليثبت لك ان كل شيء تقوله هذه القناة يعد كلاما كاذبا ولو انها تتحدث عن تاريخ نهر النيل، وتنشر تقريراً عن تراث بغداد..
م. د