الرئيسية / كتابات وآراء / اليمن : تركة الرجل المريض!

اليمن : تركة الرجل المريض!

محمد المياحي
الاثنين , 22 يونيو 2020 الساعة 04:57 مساء

يتقاسمون أرضنا كأننا بلاد بلا راع، يرونها تركة رجلٍ مريض، رئيس معطل، دعاهم لنجدته، استضافوه في ديارهم؛ ثم هبوا لتقاسم أرضه والعبث بمصير شعبه.  جيراننا الأنذال، يعتقدون أنها لحظة مواتية ليجهزوا على ما تبقى من اليمن المثخن بالجراح.

سقطرى للإمارات، حضرموت والمهرة من نصيب السعودية، مثلت: عدن، الضالع، لحج، لحليفهم الداخلي المستحدث "الإنتقالي" وما تبقى شمالًا وجنوبًا من نصيب الشرعية والحوثي وسوف يتدبرون لاحقًا صيغة سياسية هشة تؤِّلف بين هذه القطع المفككة وتُسوِّق لنا تسوية مؤقتة أشبه بمكسنات تأريخية تحمل بذور فشلها منذ البداية.

يعتقدون أن هذه الطريقة المرقعة في تسوية الوضع، هي الخطة الآمنة لضمان يمنٍ تحت السيطرة، هكذا يحلم الأعراب في تقرير مصير الأرض اليمنية؛ كي تظل الدولة كسيحة ورهينة في أيديهم إلى أمد بعيد..هذه الأوهام السياسية هي من تحرك خطط الحلفاء الغادرين، ونقول عنها أوهامًا؛ لكوننا نعلم أنها مهما بدت ناجحة في اللحظة الراهنة، إلا أن معطيات التأريخ وحقائق الأرض والسكان تؤكد أن هذه البلاد لا يمكنها أن تستقر وفق خطط ترقيعية أثبتت فشلها على مدى تأريخ هذه البلدة.

حسنًا، يا صبيان الرغوة النفطيّة، واصلوا عبثكم بنا، يمكنكم رفع تكلفة الاستقرار في بلادنا، إطالة زمن الفوضى، إعاقة مشروع التحول الذي أراده اليمنيون، تخريب محاولتهم تصحيح وضع الجمهورية ومعالجة انحرافات نظامها الحاكم، كل هذه أمور ممكنة، إلا أن هذه البلاد غريبة الطباع كثيرًا، وبخلاف كل ما تتصورون، بلاد كلما اعتقدت أنك أمسكت بزمامها، تنفلت من يديك، أرض زلقة، تأريخها سائل وإنسانها متقلب المزاج، لن تتمكنوا من ترويضها ولا يمكنكم تقرير مصيرها النهائي كما تحلمون.

بلاد الجن والشعراء، لم تستقر طوال تأريخها لأحد، نعم، ظلت مفككة وضعيفة، تستقر حينًا وتضطرب أحايين كثيرة، يتناهش أبناءها فيما بينهم، يتأمرون ضد بعضهم، وفي لحظات ما قد يبيعون ويشترون، لكن الأرض ظلت كتلة صماء طوال تاريخها، أرض واحدة مهما تعددت أطراف النزاع داخلها، وبلاد متفلتة أمام من يحاول السطوة عليها، فلا يمكن أن يستحوذ عليها طرف داخلي واحد كما يرغب، فضلًا أن تذعن للغرباء وتستطيب لهم كما يأملون ويخططون.

أخيرًا: لا يوجد جار شريف، تدعوه لنجدتك، فيأتي؛ ليدس أصابعه في جيبك؛ينهب ما تبقى من ممتلكاتك ثم يمعن في هدم بيتك، يفعل كل ذلك وهو يراك تنزف على قارعة الطريق، هذا الإنحطاط التأريخي يكشف لؤم الأعراب، خساسة الطبع وتفكير البداوة الجشعة، بأطماعها الحديثة ومخاوفها القديمة والمتجددة.