الرئيسية / كتابات وآراء / الحج في نهم..الطواف في تعز..!

الحج في نهم..الطواف في تعز..!

محمد المياحي
الخميس , 08 سبتمبر 2016 الساعة 09:46 صباحا
صالح هو الجرم الكبير الذي اقترفته هذه البلدة ذات نهار عاق، هو ذنبنا الاسود الذي غمرنا به الشيطان في ليلة فحش كبير، هذا القنفد الصخري عثرة امة تائهة وسقطة شعب طاهر ، بقعة سواد ممتدة على اردية الجميع، ولأن هذا الرجل منبع فواحش دائم التدفق، وكفر جماعي اصاب معتقدنا، والحاد غبي نخر ايماننا، فلابد من توبة عاجلة تقضي بردم فوهة الشرور هذه واستعادة ايماننا الفطري بخالق الارض والانسان ، حين يحضر صالح تغدو كل الفرائض التعبدية تكاليف ثانوية، يتحتم اولا ازالة الذنب وايقاف الخطيئة حتى تجد الطاعات طريقها الى الله، لا جدوى من الذهاب إلى الكعبة للتطهر من خطايا النفس الصغيرة وانحرافات الجسد البسيطة، بينما الموبقة الكبرى \"صالح \" مازالت تضغط على صدر هذه الامة ليل نهار، وتهدر حياة ملايين المساكين في ارض الله. يا عبادي ادهسوا راس الشيطان قبل ان تلتحفوا لباس الاحرام، كأني اسمع الله جيدا يقول هذا...

الحج مقاومة للشر، مناجزة للطغيان، تلبية شعب لنداء الحق المهدور ، هبة جمهور مسلح لانقاذ الحياة من التلف ، هو ذا شعبنا يتطهر من خطيئته بالسلاح، يكفر عن ذنوب سنوات العجز والخور كلها، يدفع ضريبة الزلة الكبرى كاملة، يقص اظافر البغي، ويحلق راس الاجرام، يطوف في الجبهات بالبندقية الخاشعة ويكبر في وجوه العابثين؛ معلنا انتهاء زمن الجرمُ وقرب احتضار الشيطان..

لدي قناعة راسخة بان العمل المقاوم اليوم من اقدس العبادات العملية ذات الاثر الجليل، وازعم ان مقاصد الشريعة وهدف الاديان الكبير ينحازان الى هذا القول، حيث تعلي الشريعة من قيمة الحرية ، وتعظم كل عمل يدافع عن حق البشر في امتلاك مصيرهم والذود عن ارادتهم واستعادة ارضهم من انياب الكلاب البشرية المسعورة، تلك التي تفسد الحياة والاحياء، ولهذا نقول المقاومة في حالتنا اكثر تمثيلا لقيم الدين في هذا الموسم..


شرع الله الحج لتحرير النفوس من اثقال الذنوب، وكي تستعيد الروح نضارتها وخفتها ويكتسي الجسد بغطاء ناعم من نور الله، لكن هذه المكتسبات الفردية سرعان من تزول حين يعود الانسان الى بلده ليعيش فيجد صالح يمطر الحياة بجثث العشرات كل يوم، وهكذا تتبخر قرباتنا كلها مادام هذا الممحون يتنفس في ارضنا، لا احرام يليق بجسدنا في هذه اللحظات كحرمة الحياة نفسها، لا اكثر قداسة من حياتنا ، وحياتنا هذه توجب علينا محاصرة نجاسة صالح التاريخية التي تشوه جمالنا وتبعثر قيم الحق والخير منذ زمن...

اذا ما وقف المرء في الثلث الأخير من الليل، واقتنص لحظة تجلي الله واقترابه من الارض، ثم استجمع شجاعة طفل صغير واستفسر الله قائلاً : يا الهي اي عمل احب اليك ان اذهب للحج في بيتك واترك صالح وعبد الملك يقتلان عبادك ويفسدان حياة امتك اليمنية ام انفق حياتي وما املك لحراسة خلقك في الحياة ، والدفاع عن ارضك من عار السوء؟ اكاد اجزم ان الله _وهو الحق المطلق _سيقف الى جانب الحجيج في مارب وتعز، سيباهي بهم ملائكته قبل حجيج مكة، مع التنوية ان حجيج مكة يؤدون فريضة مقدسة ايضا، لها مكانتها عند خالقهم، لكننا عن الموازنة بين الفعلين وفي حضور الظرف اليمني يكون حج المقاوم اكثر التصاقا بالله، واكثر حميمية في ميزان القربى لدى الاله الرافض /المقاوم لكفر صالح وعبد الملك بالحياة ...


حين تحيق لعنة الخطيئة بشعب لا ينفع معها سوى اصطفاف تطهري كبير، ومهرجان توبة مفتوحة تتقرب فيه الشعوب من خالقها، وتعلن قطيعتها الشاملة مع خطايا التاريخ؛ لنسعى في صفا الضباب ومروة نهم، نذرع الارض سبع مرات لتستعيد براءتها، وتعود كما انجبها خالقها في اليوم الرابع لبدء فعل الخلق الاول من قبل الالهة ..


اذا ما كان الحج هو الركن الخامس من اركان الاسلام، فإن المقاومة هي الركن الاول من اركان الحياة الحرة. الحج فريضة يمكن تاجيلها حتى تحقق شرط الاستطاعة، فيما العمل المقاوم اليوم فريضة ضرورية ملحة لا يمكن التراخي عنها، كل شخص يمكنه تأدية هذه الفريضة من مكانه وبقدر ممكناته، لا عذر لاحد تخلف عن موكب التوبة هذا، لا مبرر يغفر لك احتفاظك بقذارتك دونما اغتسال في شهر المقاومة الحرام ...