لو ان الانقلابيين يحترمون فعلا إرادة الجماهير ويؤمنون بأنها اداة التغيير الحقيقية لما لجأوا الى السلاح لاغتصاب السلطة ، ما الذي يجعل صاحب الجماهير العريضة يلجأ الى الانقلابات العسكرية والى استعراض القوة وتفجير الحروب ؟ الم تكن البلاد قد حسمت امرها بالعملية السياسية السلمية وبالحوار وبقي على الجميع الانتظار ليقول الشعب كلمته فيما تم الاتفاق عليه . لماذا فضلوا السلاح على الجماهير ؟ هذا هو السؤال الذي سيظل حاضرا في ضمير ووجدان الشعب اليمني ليفسر حقيقة هذه التجمعات التي يحاول الانقلاب ان يتخفى وراءها .
لا مودة بالمطلق بين الانقلابيين والجماهير سوى انهم كما سخروا منها بالامس وقمعوها بالقوة فانهم يواصلون سخريتهم منها بتوظيفها في حروبهم الانتقامية بتجمعات مناطقية في تماس طائفي واضح حسب ما تمليه الحاجة العسكرية والسياسية .
لا يعبر المشهد اليوم في صنعاء بعد كل ما صنعه ويصنعه اغتصاب السلطة عسكريا من دمار في كل أنحاء اليمن الا عن حقيقة واحدة وهي ان الانقلاب قد افرز وضعا انقسامياًً يجري فيه الاستعانة بكل مكونات ما قبل الدولة الوطنية في جزء من البلاد عسكريا وجماهيرياً لتدمير الجزء الأكبر منها كما بحدث في تعز وبقية أنحاء اليمن . لنتأمل ما يحدث جيداً لنكتشف ان أوراق اللعبة اصبحت مكشوفة وان الطائفية السياسية كشفت عن ساقيها اللتين صنعتا طوال خمس وثلاثين سنة من الحكم بالخصومة تارة وبالتحالف تارة اخرى .. ونكتشف فوق هذا كله ان السبعين يسحب خارج تاريخه .