الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٧ مساءً

اليمن بين حوار البنادق وحوار الفنادق

سعد بن طفلة العجمي
الجمعة ، ٢٢ ابريل ٢٠١٦ الساعة ٠٢:٢٣ صباحاً
بتأكيد المبعوث الدولي لليمن- أحمد ولد الشيخ - قبول الحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح بقرار مجلس الأمن 2216 وعودة الشرعية وإنهاء مظاهر الانقلاب، فالآمال معقودة بمحادثات الكويت بوضع اليمن على سكة مسيرة جديدة تنهي حالات الاقتتال والتمزق وتدخله مرحلة بناء وأمل.

الضمانة الأكيدة لنجاح محادثات اليمن بعد وصول كافة الأطراف، هو إظهار حسن النوايا، أهم تلك المؤشرات هي الالتزام بوقف إطلاق النار وتبادل المعتقلين والأسرى، وإيصال المساعدات للمناطق المنكوبة، ومنع التدخل الإيراني بتخريب الاتفاق، ثم الدخول بتفاصيل تطبيق قرار الشرعية الدولية ضمن حوار يجري بالفنادق بعد أن استمر بالبنادق منذ انقلاب سبتمبر عام 2014.

ولكن ماذا بعد ذلك؟ وهنا يكون السؤال الأهم وهو سؤال يجب أن نوجهه لأنفسنا كخليجيين قبل أي طرف آخر، فاليمن أصبح مشكلة خليجية مباشرة، وأصبح في صلب الاهتمامات الخليجية بعد أن أهملناه عقودا طويلة بسياسات تعتقد أن التقارب مع المخلوع صالح وزعماء قبائل بعينها، سيضمن تقدما لليمن ويكفينا عناء التدخل المباشر بمشاريع تنموية فعالة تنقذ اليمن من فاقة الفقر والعوز الاقتصادي وتخلف البنى التحتية التي دمرتها إدارة المخلوع طيلة عقود ثلاثة.

إن مارشال خليجي لليمن هو الترجمة الفعلية "عملية إعادة الأمل"، وهو مشروع هائل لإنقاذ اليمن من براثن الآلام الاقتصادية وبالتالي عدم تشرد آمال شبابه بين التطلع لإيران وبين وهم خطاب قديم الزمان.

في محاضرة له بعد تحرير الكويت عام 1991، قال الدكتور أحمد الخطيب- الرمز القومي والتقدمي الكويتي- شارحا أسباب التعاطف الشعبي الهائل بجنوب اليمن مقارنة بشماله الذي كان في غالبه مناصر للعدوان أو ربما غير مكترث للمأساة الكويتية في حينها، أن المساعدات الكويتية والخليجية بشكل عام للجنوب كانت تتمثل بمشاريع تنموية مباشرة يشرف عليها "صندوق مساعدة أبناء الجنوب" التابع للخارجية الكويتية والذي كان يشرف عليه الأديب الكويتي القومي المرحوم أحمد السقاف، وذلك منعا لوصولها للقيادة اليمنية الثورية اليسارية في حينه. بينما كانت تذهب المساعدات لأهل الشمال في غالبها للمخلوع صالح ولقيادات قبلية توهمنا بأن شراؤهم سيكون في صالح أبناء الشمال وقبائلها. المساعدات للجنوب أخذت أشكال بنى تنموية وإنسانية من مدارس وطرق ومستشفيات بالجنوب يشعر بها الإنسان اليمني مباشرة، بينما تراجع شكل المساعدات للشمال بعدما كان على شكل جامعة صنعاء بتمويل كويتي ومستشفيات ومدارس وطرق، إلى شيكات ومنح يستولي عليها المخلوع وعصابته ونسبة العشرين بالمائة وما فوق لأي مشروع خليجي يتلكأ إنجازه بين الأوامر التغييرية والإكراميات القبلية لهذا الشيخ القبلي أو ذاك بغية تمرير شحنة اسمنت أو صلبوخ أو طابوق عبر أراضي القبيلة.

هل تعلمنا الدرس؟ لابد أن نكون على مستوى المسئولية التاريخية والأخلاقية والقومية تجاه اليمن الشقيق، فدماء الشهداء من أهل اليمن والخليج بحرب عاصفة الحزم لا يجب أن تذهب سدى، ولا يجب أن نفرط باليمن بعد الانتصار الاستراتيجي بقطع يد إيران عنها، وللبدء بذلك علينا بإعادة الأمل، ولعل البداية تكون بسؤالنا لأنفسنا: كم بلغت زيادة العمالة اليمنية بالخليج منذ انطلاق العاصفة؟ وهل ذللنا عقبات الإجراءات للشباب اليمني المعطاء للعمل بدول الخليج؟ وهل رسمنا خطة مارشال خليجية شاملة باليمن تبدأ باستيعاب أبنائها وخلق فرص عمل لهم تستبدل كثيرا من العمالة الأجنبية بالخليج؟

أترك الإجابة للمنصف المتابع!! وللشاب اليمني الذي تقدم بطلب تأشيرة عمل بدولة خليجية!

*الشرق