الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٥ مساءً

عدن الائتلاف والاختلاف

فؤاد عبد القوي مرشد
الجمعة ، ٠٢ ديسمبر ٢٠١١ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
قيل عنهم بأنهم جيل الاندفاع والطاقة وهو كذالك بحكم العمر خرجوا للشوارع للاعتصام والتظاهر هم نفسهم من في الساحات من قال عليهم احد الشعراء من جيل (هرمنا ) بما معناه جئتم وعملتم اللي نحن عجزنا نعمله .

لسنوات طويلة ساد الاعتقاد بان الأدوات الوحيدة لتغيير أي نظام لم تعد في متناول اليد لذا يفترض الانتظار، وانتظرت الشعوب طويلا حيث كان يعتقد بان تمرد الجيش وقيامه بالانقلاب الوسيلة الوحيدة لإمكانية التغيير لامتلاكه الأدوات كما حصل في الماضي عندما انقلب العسكر وتولوا السلطة في كثير من الدول العربية وتجرعت الشعوب فيما بعد سنوات المر منهم ومن هذه الآلية في التغيير ، حيث كان شكل الحكم يتغير فقط بتغيير ألبستهم حيث كانوا يبدلون زيهم العسكري إلى المدني والعكس ضنا أنهم يوهمون الشعوب بالتغيير مع انه الشخص نفسه والعقلية نفسها ، حيث تجرعت الشعوب مرارة السلطة والحكم الديكتاتوري .

هو الأسلوب الأوحد كما كنا نظن القادر على إطاحة بنظام مستبد .

جئتم انتم أيها الشباب يدفعكم مرارة حاضركم وغموض مستقبلكم بفعل الفساد والإفساد الذي أصبح برنامج يومي لمجتمعات تتآكل من الداخل ويضرب به الأمثلة في التخلف والفقر والفساد ، حيث لا يملك الإنسان فرص للحياة الكريمة فلا تعليم مناسب ولا تطبيب مجاني ولا سكن ولا إمكانية إيجاد عمل مناسب أو تكوين أسرة ، كل ذالك في ضل دولة ينخر الفساد فيها أمام أعينهم وتذهب المليارات إلى جيوب الفاسدين في مشاريع وهمية وصفقات مشبوهة بمقدرات البلد ويزداد الغني غنا والفقير يزداد فقرا .

وبتجاربكم المتواضعة بحسب السن جئتم لتزعزعوا هذا الاعتقاد وهذه العروش وبدون الحاجة إلى طلقة رصاصة أو مدفع أو دبابة . ولكن بطرق مبتدعة سلاحها الوحيد حناجركم وصدوركم العارية .

صحيح كل ثورة لا تخلو من السلبيات وخصوصا إذا كانت التركة ثقيلة واذرع الإخطبوط لازالت قادرة على المراوغة .
أضف إلى ذالك تعدد الرؤى والأفكار والاتجاهات والذي تعتبر بحكم الطبيعي إذا لم تدعي احتكار الحقيقة وإقصاء الأخر بسبب الفكر الذي يتبناه أو المنطقة الذي ينتمي لها .
وهذا ما برز إلى السطح من بعض المكونات الشبابية ، وفي مدينة عدن كمثال ظهر جليا ذالك ، وبرز اتجاهين رئيسيين ربما كلاهما على حق في الهدف رغم اختلافه ولكن في الوسيلة اختلف الأمر ، أو بمعنى آخر كانت العاطفة صادقة ولكن الحساب كان فيه خلل ، فثمة فاصل بين الرؤية للأحداث من منظور عقلاني وبين رؤيتها بمنظار عاطفي اندفاعي ربما صاغته التعبئة في الأسرة والشارع والإعلام .

اتجاه كان مبني على قليل من العقلانية وكثير من العاطفة ، والطرفين محقان في جزئية فقط وهي الإحساس بالغبن ، لكن هناك فارق بين الاتجاهين في المعالجة ، فالأولى يمكن أن يستند عليها لأنها تقيس الأمور بمقياس العقل والواقع ، والأخرى لا يمكن الاستناد عليها مع عدم نكران الغبن التي تعانيه ، ولأنها تقوم على عاطفة صادقة وتصرف خاطئ يمكن للمرء أن يشاركها بالبكاء فقط لكن لا يمكن أن يبنى عليها حلول .

اتجاهين جميعهم عانوا من غبن سلطة لم تفرق بينهم عندما عممت عليهم نتائج الفساد ونهب الثروة وتوزيع الأرض للحاشية والمتسلقين جدار السلطة ، فريقين اتفقا في المعاناة واختلفا في المعالجة ، فمنهم مع زوال النظام المتسبب في هذه الماسي الكارثية ومنهم من يريد الخلاص ليس من النظام فقط أو الوحدة ولكن من ( اليمننة ) بشكل عام , والى هنا يكون الوضع طبيعي وفق حسابات تعدد الرؤى والأفكار والأطروحات مهما كانت حدتها ، ولكن من يدعى بأنه هو على حق فقط والآخر ليس كذالك هنا يكمن الخلل ، حيث راح البعض يفتش عن تاريخ وأماكن الميلاد ليفصل مقاسات للولاء والانتماء بحسب المنطقة ، وراح آخرون يقطع الشوارع عل المارة وإغلاقها وتخريب الإنارة وتشويه المدينة كجزء من عملية انتقام غير موفقة من سلطة لا علاقة لها بممتلكات شعب .

وهذا ما يضعف الحجة ويشوه الثورة ويتوه المطالب المشروعة .
كان النظام يتغنى بجيل الوحدة كثيرا باعتباره الجيل الذي سيبني اليمن الجديد الخالي من عقد ،وصراعات الماضي ، ولكن لم يدرك هولاء المتغنون بان الفساد لا يبني ،والتهميش يقتل روح المبادرة والمشاركة ، والفقر لا يمحي عقد ، والجوع كافر .