الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤٦ مساءً

ثقافة نظام (صالح)

عبد الرحمن البخيتي
الاربعاء ، ٣٠ نوفمبر ٢٠١١ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
إن فترة حكم (علي عبد الله صالح) لليمن ستدخل التاريخ، وستكون مجالاً للدراسة والبحث والتدريس في كتب التاريخ للأجيال المتعاقبة ، لتتعلم كيف تحمي نفسها من تكرار تجربة كهذه التجربة المخيفة.

فلم يكن حكم هذا الرجل لليمن حكماً سياسياً كما يتعارف علية العالم . ولكن هذا النظام كون ثقافة وطورها ونشرها وأرسى دعائمها مستخدماً ثروات اليمن وسمعتها ومكانتها في سبيل ترسيخ قيم ومعارف ما أنزل الله بها من سلطان .مستغلا ًلترويجها كل إمكانيات نظامه القمعية والمادية والإعلامية .

حتى بدأت تنتشر في أوساط الشعب، تدعمها عملية تجهيل وتظليل واسعة ومدروسة للشعب ، مسخرا كل إمكانيات العصر و تكنولوجياته لخدمة هذه الثقافة الهدامة .

واضعا نصب عينيه حاجة الشعب اليمني للاستقرار والعيش بهدوء مثل شعوب الأرض الباقية.

وقد بدء نشر و تعميم ثقافته الممنهجه هذه منذ بداية الثمانينات مستغلا الطفرة النفطية لدول الخليج العربي والتي عاشها المواطن اليمني من خلال الاغتراب في الدول النفطية وعلى عوائد المغتربين. وقد خلق هذا الأسلوب في إدارة البلاد لدى الناس( وهما) يؤكد بأن بلادنا تسير قدما وتواكب تطورات العصر بإنجازات لا توجد إلى في وسائل إعلام النظام ونشراته الإخبارية ،مع أن الحقيقة الواضحة لنا جميعا تقول أننا من البلدان النادرة في العالم التي ترجع إلى الخلف في كل المجالات (تعليم ،صحة ،كهربا ، مياه، زراعة ، بناء ....الخ) وبسرعة تفوق سرعة السائرين قدما من بلدان العالم .

وقد كانت( فلسفة) نظام (علي صالح) مجازا نطلق عليها فلسفة تقوم على قلب الحقائق والتلاعب بالمصطلحات، وتزييف الوعي الأخلاقي والوطني لدى العامة من الناس، فالرشوة صارت ذكاء، والنزاهة أصبحت غباء ، وتم اختزال الوطن إلى مجرد سارية علم .

إننا نتكلم عن هنا عن نظام قتل كل شيء جميل في حياتنا ،نتكلم عن منظومة قيم نشرها نظام امتهن الفساد ، محاولا إفساد شعب بأكمله ، وقد كاد أن ينجح ، وكل ذلك لأجل البقاء في السلطة وتوريثها لأبنائه وأسرته .

ومن اجل ذلك نشر هذه الثقافة وحاول تعميمها طوال فترة حكمه ، حتى أصبح الموظف الكفء النظيف أهبل وعاجز ، و الفاسد و اللص ذكي واحمر عين .

الرجل الوطني الغيور على بلاده عميل ، والأخر الذي يبيع الأرض والعرض وطني شريف ، الطالب المتفوق محبط ، والطالب الفاشل يرسل للدراسة في الخارج ، رجل الدين الصالح إرهابي، والمتدين الكاذب عالم وفاضل ، الحزبي المعارض خائن ومرتزق، والحزبي المستنسخ وطني غيور، والإعلامي الحر كذاب وموتور، وإعلامي السلطة يقول الحق والصدق ، وقاطع الطريق رجال (سمخ)، والمواطن الملتزم جبان ومراوغ، وغيرها من الصفات والمسميات التي لم تعرف وتنتشر في البلاد لا في الماضي البعيد ولا في الحاضر القريب بهذا الكم وبهذا الإصرار على جعلها ثقافة عامة للشعب ، ثقافة تدعوك للفساد وتشجعك عليه ، تدعوك للكذب والخداع وتعلمك الطريقة ، ثقافة تنشر الدعة والاسترخاء بين الناس، وتجعلها من المسلمات على طريقة ( ماعليك امشي بعد حالك ) ثقافة تجعل الواحد منا يكذب عينه ويصدق التلفزيون .

بعد كل ما ذكرته أنا متأكد أن من يقرا كلامي هذا ستقفز إلى مخيلته صورا كثيرة وأفكارا أخرى لأنواع شتى لم أحصيها في هذه المقالة واتركها للقارئ الكريم ليحكم بنفسه على نظام نشر وعمم ثقافة فاسدة محاولا إفساد شعبه لأجل البقاء في الحكم 33 عاما هي عمر جيل كامل سيلعنه تاريخا بأكمله.