الرئيسية / يمنيون في المهجر / قصة صحافي يمني حوّلته الحرب والحوثيون إلى نادل في مطعم صومالي‎ (صور)
قصة صحافي يمني حوّلته الحرب والحوثيون إلى نادل في مطعم صومالي‎ (صور)

قصة صحافي يمني حوّلته الحرب والحوثيون إلى نادل في مطعم صومالي‎ (صور)

16 سبتمبر 2016 03:00 مساء (يمن برس)
لم يدُر بخلد الصحافي اليمني عبده الحاج قط، أنه سيصبح يوماً ما، لاجئاً في بلد أفريقي دأب الكثير من قاطنيه على التدفق إلى اليمن، هرباً من العنف وضيق العيش، ليبادلهم الهروب، بعد أن أصبح بلده هو الآخر، ساحة حرب، بين الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي صالح، ومناهضيهم في المقاومة الشعبية والجيش الوطني، بإسناد من قوات التحالف العربي المشترك.

ترك عبده، أسرته وأولاده في قريته، بعد أن نقلهم من العاصمة صنعاء، أواخر مارس/ آذار من العام الماضي، خشية البطش به من قبل الحوثيين، نتيجة عمله السابق كمخرج فني ومحرر في صحيفة “القضية” الصادرة من عدن، جنوبي البلاد، والقريبة من الحراك الجنوبي المطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله، رغم انتمائه للمناطق الشمالية.

بدأ القلق يساوره بعد أن اختطف الحوثيون العشرات من زملائه الصحافيين، -الذين لا يزال نحو 14 منهم قيد الاخفاء القسري-، وحينها اتحذ عبده قرار الفرار.

عبر ميناء المخا التاريخي بمحافظة تعز، وجد الصحافي عبده، ذو الـ 37 عاماً، ضالته في الخروج من مأزق الحرب في اليمن، كحال أكثر من 30 ألف يمني (وفق أوتشا).


إحدى الوُجهتين

وصل إلى الميناء قادماً من صنعاء، ليجد أمامه وجهتين، إحداهما جيبوتي والأخرى الصومال، اختار الرحيل للأخيرة، على أمل أن ترد له شيئاً من الجميل الذي كان يقدمه بلده الموقع على اتفاقية اللجوء العام 1951، من خلال استضافة نحو مليوني لاجئ صومالي، منذ تسعينيات القرن الماضي، وفقاً لما أعلنته السلطات اليمنية العام 2012.

ظلّ عبده فترة طويلة يبحث عن عمل يجعله مستقراً، استبدل فيها ساعات مكوثه أمام جهاز الكمبيوتر لتحرير المواد الصحفية وإخراج ورقية “القضية” في غرفة مكيّفة، بعمل عضلي شاق يحتضن فيه المعول لشقّ الأرض بحثاً عمّا قسمه الله له، في قارّة جديدة.


بارقة أمل

في إحدى الليالي، كان يقلّب بأصابع منهكة صور أولاده، (بلال 7 أعوام، لمياء 5 أعوام وجوري عامان)، وهو يتألم شوقاً إليهم، بعد أن نال الإحباط منه، وفجأة ألهمته صورهم ليتذكّر صديقه الإثيوبي “اسملاش” الذي كان معتقلا في اليمن قبل سبعة أعوام في السجن المركزي بصنعاء، حين كان عبده ناشطاً حقوقياً يتابع أمور المعتقلين ظلماً، بينهم هذا الأثيوبي الذي بات الآن تاجراً.

يقول عبده الحاج لـ”إرم نيوز”، إن صديقه اسملاش موّل مشروعه الاستثماري في الصومال، المتخصص في استيراد فاصوليا من إثيوبيا إلى الصومال، وأصناف أخرى من البقوليات، لكنه سرعان ما تعرّض لعملية نصب واحتيال من قبل شخص يمني. ولم يبد أي تفاصيل أخرى تتعلق بذلك، بسبب وفاة هذا الشخص.

عاد مجدداً إلى البؤس، ولم يشأ العودة إلى الجزء الجنوبي من اليمن بعد تحريره من الحوثيين والموالين لصالح، فثمة “غضب شعبي في الجنوب ضدّ كل ما هو شمالي، بسبب اعتداء الحوثيين على المناطق الجنوبية، ولذلك أصبح شخصا غير مرغوب فيه كوني -يقول- أحد أبناء محافظات الشمال”.

يبدو عبده متشائماً في النظر إلى مستقبل بلده. متوقعًا أن القادم في كل الأحوال سيء. وفي تعليقه على الحرب يقول :”إنها فتنة، لن تنطفئ إلا في حال اتفاق الأطراف الخارجية”.

ولم تعد لديه رغبة في العودة لمهنته السابقة، ولو ممارسة نزر يسير منها في متابعة أخبار بلده ومستجدات المعارك، وبحسبه، فإن لقمة العيش تشغله عن كل شيء.


في مطعم “اليمن السعيد”

في الآونة الأخيرة، بدأت الصومال تبتسم نوعاً ما لليمني عبده، في الوقت الذي تتعقد فيه الأزمات التي يتعرّض لها اليمنيون في وطنهم. استطاع أحد رجال الأعمال اليمنيين في الصومال أن يؤمّن له عملاً في سلسلة مطاعمه، في منطقة بربرة الساحلية، وبات يعمل منذ السادسة صباحًا وحتى الحادية عشر ليلا كمسؤول لمشتريات المطعم، ونادلاً يقدم الطعام للزوار في فترتي الظهيرة والعشاء.

يقول عبده الحاج، إن عمله في مطعم “اليمن السعيد” يؤمن له مبلغ 10 دولارات يومياً، يصرف منها 3 دولارات، ويحتفظ بالمتبقي إلى آخر كل الشهر، ليرسله لأولاده وأسرته، بمعدل 210 دولارات شهرياً.

قد تبدو حالته أفضل من آلاف اليمنيين الذين أفقدتهم الحرب أعمالهم ووظائفهم، ولم يعد لديهم مصادر دخل مادية، تزامناً مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية، حيث حذّرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، من كارثة إنسانية، بعد أن أصبح 14.4 مليون يمني، بحاجة ماسة إلى توفير الأمن الغذائي والمساعدة في تأمين سبل العيش.






شارك الخبر