الرئيسية / شؤون محلية / حرب صعدة.. المأساة الإنسانية وآفاق الحل
حرب صعدة.. المأساة الإنسانية وآفاق الحل

حرب صعدة.. المأساة الإنسانية وآفاق الحل

14 يونيو 2007 02:01 مساء (يمن برس)
يمن برس-خاص حذر نائب رئيس الدائرة الإعلامية للحزب الاشتراكي من استمرار اللعب بالأوراق الأمنية والتي تأتي حرب صعدة كواحدة من هذه الأوراق التي قد تعصف بمستقبل البلاد. واستغرب محمد المقالح من قيام وزير الداخلية بعقد مؤتمر صحفي صباح هذا اليوم مستعرضاً فيه صور لأسلحة وذخائر، وحديثه عن قيام الحوثيين بعمليات داخل المدن، قائلاً "الحكومة تستدعي الحوثيين بخطابها المستفز إلى صنعاء ونحن نعرف أنهم ليسوا معزولين في صعدة فقط، فلديهم وسط اجتماعي منتشر في أنحاء البلاد، وإذا قاموا بعمليات في المدن -ونحن سنقف ضدهم طبعاً- لكنهم إذا لجؤوا إليها فسيشكلون خطورة كبيرة على المجتمع". وأوضح المقالح أن قيام وزير الداخلية بعقد المؤتمر الصحفي صباح اليوم محاولة لإسكات هذه الحملة وإجهاضها بعد ارتفاع الأصوات المنادية بوقف الحرب في صعدة "وذلك حتى يعيدون الصمت إلى هذه القضية بعد أن تم كسر هذا الحاجز". وقال المقالح "ندعو إلى نقل هذا الاجتماع إلى الاعتصام أمام مجلس النواب، حتى يكون تحدياً لهذه الحرب، وندعو كل أبناء شعبنا لتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين من أهالي صعدة". وفيما استدعى محمد أبو علي الحاضرين لقراءة الفاتحة على شهداء حرب صعدة سواء كانوا من الجيش أو من الحوثيين أو من أبناء صعدة أعاد الكاتب قائد الطيري انتباه الحاضرين إلى يوم تقديم الرئيس علي عبد الله صالح أوراقه للترشح للانتخابات الرئاسية التي أعلن فيها مجموعة من المهام الرئيسية التي سينفذها ومنها "التصدي للانفصاليين والإماميين". وقال الطيري "قبل يومين كتبت صحيفة الثورة في افتتاحيتها الرئيسية أن جميع أحزاب اللقاء المشترك ومعها منظمات المجتمع المدني الداعمة لوقف حرب صعدة انفصاليين، ومعنى هذا أنه ولولا حرب صعدة فإن الحرب كانت ستطال جميع هذه الأحزاب والمنظمات". وأضاف "هذه السلطة سلطة حروب، وليست المشكلة في إقصاء القادة العسكريين الذين فشلوا في حسم هذه المعركة ولكن المشكلة في النظام السياسي الذي يعتمد النظام الجملكي وهناك اتجاه قوي في هذا النظام للعودة إلى ما قبل ثورة 1962م". وقال الطيري "هذا النظام تعود الحروب ضد اليمنيين وهو شلة من العسكريين اختزل تاريخ اليمن في شخصيات معدودة". في السياق اعتبرت وهبية صبرة رئيسة دائرة المرأة في الحزب الاشتراكي اليمني أن حرب صعدة "ليست قضية مذهبية، وإنما قضية سياسية بالدرجة الأولى" موجهة انتقادها لدور العلماء بقولها "العلماء لا داعي لهم في هذه القضية لأنهم لن يحلوا مشكلة كهذه، ومن حضروا منهم فهم علماء للسلطة يحللون ما تريده منهم". وذكَّرت وهبية بما تعانيه بعض المحافظات من استهانة وعبث مستمر بحياة الأفراد والأوراح خصوصاً "في محافظتي تعز وإب، والجعاشن وما حصل فيها" مشيرة إلى أن محافظة إب لا يوجد فيها مسؤول من أبنائها "غير أن كلهم وجميع من تم تعيينهم من المسؤولين ينتمون إلى منطقة سنحان لأنها محافظة غنية وفيها خيرات ومن ذهب إليها فإنه يرجع غنياً". واقترحت وهبية إقامة خيمة مستمرة "كما فعل حزب الله في ساحة الحرية بلبنان" وذلك بإقامتها في "ميدان التحرير أو أمام مجلسي النواب والوزراء، وتكتب فيها عبارات محفزة للناس وملفتة لهم إلى هذه القضية المأساوية". الناشط محمد الحربي أشار إلى ضرورة تشكيل لجنة لمتابعة ولقاء رئيس الجمهورية لمناقشته ووضع تصور واضح حول الحلول العملية لوقف الحرب في صعدة، داعياً إلى تشكيل لجنة لجمع التبرعات الإنسانية للنازحين والمتضررين من حرب صعدة. وقال الحربي "سمعنا كلام الأخ الرئيس في قناة الجزيرة وحديثه عن انتقاده للإخوة الفلسطينيين فيما يدور بينهم، وأن هذه المواقف لا تشرف الفلسطينيين" مؤكداً بأن هناك مفارقات في إطلاقه لفظ الأخوة على الفلسطينيين "بينما يتجاهل الأخوة في صعدة وما يحصل لهم". وأضاف "علينا أن نخرج للساحات العامة وهذا شيء مهم، والحرية ليست بلا قيمة ولا بد لها من تضحية، وما علينا إذا سجنا فنحن مستعدون، وإذا سقط منا شهيد فنحن مستعدون لذلك، وعلينا أن نفعل اللقاءات في الأماكن العامة بحيث تكون واسعة". فيما قدم الناشط الناصري هاشم العزعزي مقترحاً بتصعيد الفعاليات الاحتجاجية في المرحلة القادمة من خلال برنامج عملي لأنشطة يتم إقامتها إلى جانب "تشكيل محكمة شعبية لمحاكمة الجناة الذين تسببوا في هذا النزيف وإشعال هذه الحرب في صعدة التي ندفع ثمنها جميعاً". *حرب غير قانونية: وفي ورقته التي قدمها بعنوان "وجهة نظر دستورية قلقة من: مخاطر استمرار الحرب على أرض محافظة صعدة على سلامة وأمن التعاقد الدستوري بين الشعب والقوى الحاكمة في اليمن" نوه المحامي ياسين عبد الرزاق إلى أن "الحرب قد نحت الدستور وأحكامه وحيدت الحكومة عن ممارسة مسؤولية إدارتها". وقال ياسين "هذا يجعل المخاطر من استمرارها عناصر تهديد كافة أحكام المرجعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية والدستورية للبلاد وتعود بها إلى ما قبل تحقق الاستفتاء على الدستور ونفاذه فيما بعد 15/ 15/ 1991م ، وتعديلاته التي تمت بعد حرب 1994م، و2001م". وأضاف "لو ترك الأمر دون حوار أو نصح أو إقناع لرأس السلطة سيكون ذلك الأمر هو الخطر الحقيقي على مستقبل البلاد الدستورية والديمقراطية، وهما مرجع قيام دولة الوحدة، وضمان تجدد النظام الجمهوري وتطوره الديمقراطي والسياسي التي تمثل الحرب نقيض تلك المضامين، ونفي لها أن لم تكن لأجلها". وأكد ياسين أن المهمة الأساسية في الوقت الحاضر "وقف نزيف هذه الحرب التي لا وجود لأطراف قانونية فيها رغم غزارة الدم وحجم الضحايا، و تدار لهدف عبثي غير ملتزم بمسوغات الدستور". وقال "علينا السعي إلى ترتيب أوضاع سياسية تنتقل بالبلاد إلى الأوضاع غير الدستورية المقبلة في هدف التوريث السياسي التي يناهضها الأحكام الدستورية الحالية، وما زلنا لم نر بعد صورة المشهد النهائي المرسوم لهذه الحرب". ودعا ياسين إلى أهمية "تطبيق مبادئ العلنية للحرب والواجب الذي يقوم وتقوم به المؤسسات التي تنوب عن المجتمع في الدفاع عن الدستور وحماية من الخروج عليه من الطرف المحارب، وتعريف المجتمع عن كافة الوجوه العسكرية والسياسية وما تم وما يتوقع أن يتم ومبرراته العسكرية أو التفاوضية من أجل السلام الاجتماعي والدستوري" إلى جانب ""الدعوة إلى اشتراك للقوى الاجتماعية الدستورية لوضعها في صورة الوضع العسكري والسياسي والاجتماعي لإدارة الحرب والاستماع للرأي والعمل على نفاذه.. لأن الحرب معني بها كل المجتمع السياسي وليس المتصرف بالسلطة". *مقترحات وحلول: وفي ورقته التي قدمها بعنوان "آفاق الحل في صعدة" تحدث الكاتب أحمد الفقيه عن الطريق إلى الحل لما يحدث في صعدة والتي أكد على أنها تتطلب "تغيير جميع القادمة العسكريين في صعدة بآخرين لا يعتبرون السلام فشلاً شخصياً لهم، تماماً كما قام الرئيس ترومان بتغيير الجنرال ماك آرثر الذي اعتبر الحرب الكورية قضية شخصية". إلى جانب ذلك "إعلان وقف شامل لإطلاق النار من قبل الدولة ودعوة الحوثيين إلى المثل، وتشكيل لجنة مصالحة وطنية تضم قادمة أحزاب اللقاء المشترك والتجمع ورأي وقيادات المجتمع المدني من مختلف مناطق اليمن، مع الالتزام الكامل من قبل الدولة باحترام بنود قرار جديد للعفو العام متفاوض عليه، مقابل تسليم الحوثيين لأسلحتهم، والعودة إلى الحياة المدنية والسياسية الطبيعية بضمان لجنة المصالحة الوطنية، التي ستعين مراقبين يشرفون على حسن تطبيق الاتفاق من قبل الدولة الحوثيين حتى استتباب السلام الكامل في المنطقة وتطبيع الأوضاع فيها". *مشاريع كبيرة لحل المشاكل: وفي ورقته بعنوان "حرب صعدة.. هول المأساة الإنسانية.. وفداحة الكلفة المادية" تحدث العلامة محمد مفتاح عن الآثار المترتبة والأضرار الناجمة عن حرب صعدة في الجوانب "الاجتماعية والأضرار البيئية وأثرها على الوضع الإنساني والأضرار الاقتصادية والتعليمية". وأوضح مفتاح أن هذه الحرب ستخلف على الصعيد الاجتماعي "سلسلة من الثارات والإحن والضغائن وسيجد الانتهازيون وأصحاب النفوس المريضة فرصة لاستغلال نتائج هذه الحرب وستزداد خطورة عصابات تهريب الأطفال لكثرة الأيتام والمشردين الذين فقدوا مساكنهم وأسباب معيشتهم، وستزداد مخاطر ما يسمى بالزواج السياحي بسبب كثرة العوانس". وقال مفتاح "سنحتاج إلى أكبر مشروع في الجزيرة العربية لكفالة الأيتام وإيواء المشردين، وستظهر مشاكل اجتماعية من قبيل تزويج الأرامل وقسمة المواريث والنزاع على الحدود القبلية والنزاع على المشيخة، وموضوع مرتبات الموظفين الذين قتلوا في صف جماعة الشعار وموضوع إعادة بعضهم إلى وظائفهم، وسنحتاج بعد هذه الحرب إلى أكبر مصحة نفسية في الجزيرة العربية لإعادة التأهيل النفسي لمعظم من شاركوا في الحرب أو تضرروا منها، إضافة إلى الأعداد الكبيرة من السجناء والسجينات على خلفية أحداث صعدة الذين معظمهم من محافظة صعدة". كما أن هذه الحرب "ستخلف نوعا من التوتر القبلي والمذهبي والعرقي في محافظة صعدة بالدرجة الأولى وعمران وحجة بالدرجة الثانية وبقية اليمن بالدرجة الثالثة والكمية الهائلة من الأسلحة والذخائر التي منحتها السلطة لأنصارها من المشايخ والقبائل ستكون مادة خطرة على الاستقرار في تلك المناطق المتخمة أصلا بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر وقد يتسبب وجود هذه الأسلحة والذخائر في سلسلة من الحروب القبلية الطويلة المدى". وفيما لم يكد الوضع الاقتصادي يتماثل للشفاء بعد حروب "2004-2006" ذكر مفتاح أن هذه الحرب "استنزفت ما بقي في العروق بعد الذبح وأتت على معظم النشاط الاقتصادي للمحافظة، فالتجارة انهارت والزراعة تعطلت والحياة الاقتصادية بشكل عام صارت شبه متوقفة إضافة إلى الأضرار البليغة والدمار الشديد الذي لحق بالممتلكات الخاصة بما فيها محتويات المنازل وبالتالي فسيؤدي ذلك إلى تدني مستوى المعيشة -المتدني أصلا- لمعظم سكان هذه المحافظة وسينتج عن ذلك الكثير من المعاناة الإنسانية من سوء التغذية وانتشار الأمراض والمشاكل الاجتماعية من طلاق وتفكك أسر وغيره". أما الوضع التعليمي فقد تخلف عن الدراسة "عشرات آلاف الطلاب والطالبات وأما في حرب 2007م فقد تعطلت معظم المدارس في محافظة صعدة وتخلف عن الدراسة عشرات آلاف الطلاب والطالبات كما تخلف عن الدراسة الجامعية المئات من طلاب وطالبات محافظة صعدة". وقال مفتاح "لا يخفى على أي متابع أن تخلف الطلاب عن الدراسة لمدة عام أو أكثر سيجعل أعداد كبيرة منهم تصرف النظر عن الدراسة أصلا وتدفع بهم الظروف إلى سوق العمل ومعترك الحياة العائلية في سن مبكرة وفي ذلك ما فيه من المعاناة الإنسانية". وإلى جانب ما سبق فإن أهالي صعدة "يعانون اشد المعاناة ومن تمكن منهم من الانتقال إلى العاصمة وبعض المحافظات فإنه لا يجد مسكنا يستأجره إلا بصعوبة بالغة نتيجة خوف الناس من أهل صعدة بسبب الحملة الإعلامية والأمنية التي تشنها السلطة على أهل صعدة وبسبب غلاء الإيجارات ونظرة الشك والريبة التي تلاحقهم وعدم توفر فرص العمل حتى أن تاجر ذهب اضطر أن يعمل على دراجة نارية بعد أن فقد محله ومحتوياته في مدينة الطلح". وقال مفتاح "إن هذه الحرب هي أكبر حرب تشهدها محافظة صعدة في تاريخها على الإطلاق من حيث نوعية الأسلحة المستخدمة وكثافة النيران والتركيز الجغرافي والشراسة القتالية والمدة الزمنية وحجم الدمار ولا أبالغ إن قلت بأنها أكبر حرب تشهدها اليمن بنفس الاعتبارات السابقة".
شارك الخبر