اتفقت منظمات دولية ومحلية على أن الاقتصاد اليمني يواجه مخاطر الانهيار الشامل جراء الحرب الدائرة في البلاد، والتي أدت لتوقف عملية إنتاج النفط والغاز، وتدمير عشرات المصانع، واستنزاف مقدرات الدولة ونهب أموال واحتياطي النقد الأجنبي والمحلي من المؤسسات والوزارات الحكومية، وتحويل البلاد إلى سوق سوداء كبرى.
وألحقت الحرب أضرارا واسعة في البنية التحتية، وانقطعت خدمات الدولة الرئيسية من كهرباء ووقود.
ونتيجة استيلاء مليشيا الحوثيين على الدولة وطرد آلاف الموظفين ونزوح عشرات الآلاف بسبب الحرب تدهورت معيشة المواطنين، وارتفعت أسعار المواد النفطية والغاز المنزلي وسلع غذائية وتموينية بشكل غير مسبوق، كما قضت الأزمة الحالية على مدخرات اليمنيين، وزادت معدلات الفقراء والعاطلين.
وبات الاقتصاد اليمني على حافة الانهيار بسبب القيود على الاستيراد والتجارة والاستثمار، ومنع تداول العملات الأجنبية وتوفيرها للسوق المحلية، خصوصا الدولار، واستنزاف السيولة من العملة المحلية لدى المواطنين وكذلك الجهات الحكومية.
وكشف تقييم اقتصادي أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ست محافظات في اليمن أن حوالي 26% من الشركات أغلقت منذ مارس/آذار 2015 بسبب الحرب.
شركات هائل
وزاد مخاطر كارثة الانهيار الاقتصادي تلويح مجموعة شركات هائل سعيد أنعم -وهي أكبر مجموعة تجارية وصناعية في البلد- بتوقف مصانعها وشركاتها عن الإنتاج، بسبب عدم توفير الوقود -خصوصا الديزل- الذي تحتاجه المصانع والشركات لمتابعة نشاطها ونقل منتجاتها إلى الأسواق.
وأثار بيان للمجموعة أصدرته الأسبوع الماضي -تحدث فيه عن توقف إنتاج مصانعها وشركاتها منذ قرابة شهر حاليا- تساؤلات ومخاوف عما إذا كان آخر معاقل الاقتصاد اليمني المرتبط بمعيشة المواطنين سيتوقف لتزيد الأعباء الحياتية والمعيشية على المواطنين.
وأشارت المجموعة إلى أن "الأمر لم يقتصر على وضع العراقيل أو عدم السماح لنا باستيراد احتياجاتنا من الديزل، بل تجاوزه إلى اللجوء لاستخدام أساليب الضغط من خلال حملة تشويه وتشهير"، وذلك على خلفية اتهمت المجموعة بأنها باعت وقودها المستورد في السوق السوداء.
تحذير من التوقف
وقال الصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية صادق الشويع إن "الحوثيين لا يفقهون أن إغلاق مجموعة هائل سعيد أنعم لمصانعها أخطر من سقوط الحكومة اليمنية التي اعتاد المواطن العيش دونها لنحو عام كامل، لكنه لا يستطيع أن يعيش حياة طبيعية مع انقطاع منتجات بيت هائل التي توجد في كل مائدة ومع كل وجبة وفي كل منزل".
واعتبر الشويع في تصريح للجزيرة أن "خطورة توقف مصانع بيت هائل ليس متوقفا عليها فحسب، بل يعني أن جميع المؤسسات والمصانع المماثلة ستتوقف حتما باعتبار أن أضخم مؤسسات القطاع الصناعي الخاص والأكثر قدرة على المقاومة لم يستطع الصمود بسبب إدارة العصابات والمليشيات للدولة، ومنعها تزويد القطاع الصناعي بالديزل، وجهلها التام بتقدير خطورة ذلك على الاقتصاد اليمني المنهار أصلا".
ويرى مدير مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أن الذي يحول دون دخول اقتصاد اليمن مرحلة الانهيار الكامل هو استقرار سعر الصرف، ودفع المرتبات لموظفي الدولة -عسكريين ومدنيين- قبل أن يترنح الريال اليمني بفعل سياسات غبية مع استقرار نسبي في المرحلة الأخيرة.
القطاع الخاص
ويضيف نصر أن "الأخطر من هذا كله أن ينهار القطاع الخاص باليمن"، مؤكدا أن "انهيار القطاع لن يقتصر على رحيل رجال الأعمال إلى الخارج، بل بانسحاق رأس المال الحقيقي لصالح طبقة طفيلية تنشأ مستفيدة من فوضى الحروب وتراكم ثروة منتزعة من بطون ملايين الجوعى والمشردين".
وأشار نصر إلى أن من أبرز الفوائد التي يقدمها القطاع الخاص حفاظ المجموعات التجارية الكبيرة على عمالتها وعدم تسريحها إلا في حالات نادرة، ولفت إلى أن مجموعة هائل سعيد أنعم توظف أكثر من ١٥ ألف عامل في مصانعها وشركاتها بصورة مباشرة، ناهيك عن عشرات الآلاف من الوظائف غير المباشرة.