دفع تنامي الدور الإيراني في كل من اليمن وسوريا والعراق دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا إلى السعي المتبادل لتعزيز التعاون بينهم في مجالات شتى، وعلى رأسها التعاون العسكري.
وفي هذا الإطار، وصل، الأحد الماضي، وفد من الحرس الوطني الكويتي، برئاسة قائد الحماية والتعزيز، اللواء ركن فالح شجاع فالح، إلى أنقرة لبحث التعاون العسكري والأمني مع قوات الدرك التركية، والاطلاع على المهام العسكرية والأمنية لهذه القوات، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الكويتية.
- خطوة لها أثرها
وتأتي الزيارة كمحاولة لتفعيل الاتفاقات العسكرية التي وقعها الرئيس التركي السابق عبد الله غُل منذ بضع سنوات، مع الكويت، المتضمنة تنسيقاً مشتركاً في مجال التدريب العسكري، وتبادل الخبرات، وإجراء المناورات المشتركة بين القوات العسكرية لكلا البلدَين، فضلاً عن تعزيز التعاون في مجالات الصناعات الدفاعية.
ويجمع الكويت وتركيا علاقات اقتصادية متميزة، ترجمت بالتوقيع على 40 اتفاقية تعاون اقتصادي وسياحي وثقافي خلال العام الماضي.
- تعزيز العلاقات التركية-الخليجية
الانطلاقة الأولى للشراكة الأساسية التركية الخليجية انطلقت عبر توقيع مذكرة تفاهم على هامش اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في دورته الـ 108 عام 2008.
وتشكّل هذه المذكرة قفزة حقيقية في شكل وطبيعة العلاقة بين تركيا والخليج، لا سيما أن واشنطن ترتبط بعلاقات قوية مع الطرفين، كما أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تحقيق تقارب حقيقي مع الطرف الخليجي، وهو ما عبر عنه في مبادرة إسطنبول للتعاون (ICI).
وفي السياق، اعتبر خبراء ومحللون أن التقارب الاستراتيجي بين الطرفين سوف يرفع من درجة الاستقرار السياسي في المنطقة، وسيخفف كذلك من الاعتماد على الغرب في حل قضاياه الساخنة، نظراً لحجم القدرات العسكرية التركية والتسلح الخليجي الكبير.
- تركيا.. بوابة الخليج لحلف الأطلسي
ثمة أمر آخر يعزز حرص "دول مجلس التعاون" على بناء علاقة أمنية واستراتيجية مع تركيا، وهي أن تركيا أحد اللاعبين الأساسيين في مبادرة إسطنبول، ومن ثم فإنها بمثابة "بوابة للحوار السياسي" البالغ الأهمية مع دول المتوسط والاتحاد الأوروبي.
كذلك، يمكن لدول الخليج الاستفادة من الوجود التركي في حلف الأطلسي، وذلك في حالة مواجهة التحديات المستقبلية، وفق ما قاله الخبراء.
وفي المقابل، فإن تركيا تعتبر تعزيز التعاون الأمني والعسكري مع دول الخليج فرصة قوية لتعزيز دورها في المنطقة، في ظل تراجع وضعف النظم السياسية الرئيسية.
- قطر والسعودية سبقتا الكويت
وفي مارس/ آذار الماضي، صادقت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي على اتفاقية التعاون العسكري بين تركيا وقطر، التي تتيح لتركيا نشر قوات عسكرية في قطر والعكس أيضاً.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي، برات جونقار، في بيان نقلته وكالة أنباء الأناضول التركية، آنذاك، إن الاتفاق يضمن تعاون البلدين في تطوير صناعات عسكرية وتبادل خبرات تدريبية، إلى جانب إجراء مناورات عسكرية مشتركة، وتبادل نشر قوات إذا اقتضت الحاجة.
وجاءت المصادقة عقب زيارة أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، لتركيا وتوقيعه على اتفاق تعاون مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص إنشاء لجنة استراتيجية مشتركة بين البلدين.
وفي تغريدة للسفير القطري السابق لدى واشنطن ناصر آل خليفة، قال: إن "من لا يفرح بالتقارب بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا فهو إما غبي أو عميل لإيران".
ويضيف آل خليفة في تغريدة على موقع "تويتر": "تفاهم خليجي تقوده العربية السعودية مع تركيا سيحجم لعبة إيران ويخلق توازناً نحتاجه، ضحت به الحكومات الأمريكية منذ غزو العراق وتسليمه إيران".
- تعزيز العلاقات مطلب الخبراء
وتزامنت التحركات الخليجية التركية مع مطالب الخبراء والمحللين السياسيين بضرورة التنسيق والتعاون الأمني بينهم.
من بين هؤلاء، المحلل السياسي الدكتور عبد الله النفيسي الذي قال في إحدى تغريداته بضرورة التحالف التركي السعودي نظراً لاستهدافهما من قبل الحلف الروسي الإيراني.
بل ذهب النفيسي إلى ضرورة أن تنهج دول مجلس التعاون الست جميعها نهج التعاون العسكري والأمني مع تركيا كخطوة استباقية لدرء التهديدات التي تتعرض لها بين الحين والآخر
وفي مقاله "التقارب السعودي القطري التركي هل بدأ فعلاً؟" يؤكد المحلل والكاتب خيام الزعبي أن السعودية وتركيا تمثلان كتلة سنية قادرة على وقف الزحف الشيعي الذي أخذت إيران على عاتقها مسؤولية تكوينه، خصوصاً في العراق ولبنان، كما أن التهديد الإيراني الاستراتيجي لتركيا، يظهر من خلال بروز إيران كلاعب إقليمي مؤثر في المنطقة، ومن ثم فإن التقارب السعودي التركي يأتي للتصدي لتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، وخاصة في سوريا".
وكانت صحيفة "أكشام" التركية نقلت عن يغيت بولوت -كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان- أن تركيا دخلت سوق الأسلحة السعودية بعدما وقعت اتفاقية عبر شركة "أسلسان" التركية للصناعات الدفاعية مع المملكة العربية السعودية ممثلة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة تقنية الدفاع.
وفي الختام، فإن تعزيز التعاون العسكري التركي الخليجي بات ضرورة ملحة، على الطرفين إتمامه والتوسع فيه، إلا أن خبراء أشاروا إلى أن نتائج هذا التعاون لم تظهر بعد، وما زالت محدودة.
يذكر أن تركيا والكويت وقعتا اتفاقية تعاون عسكري في منتصف عام 2009 لإرساء إطار قانوني لتوسيع التعاون بين الجيشَين. وفي مايو/أيار 2010، وقّعت السعودية وتركيا، كذلك، اتفاق تعاون عسكري يغطّي التدريب والأبحاث العلمية والتنمية التكنولوجية. ويتمثّل المجال الآخر للتعاون السعودي-التركي في قيام الشركة التركية "إف إن إس إس" بتحديث مئات ناقلات الجند المدرّعة "إم113" الأمريكية الصنع.