كشف رئيس هيئة علماء اليمن رئيس جامعة «الإيمان» بصنعاء، الشيخ «عبد المجيد الزنداني»، قصة اختفائه في صنعاء بعد دخول الحوثيين العاصمة وسيطرتهم عليها، وأين ذهب، وكيف غادر صنعاء إلى تعز، ولماذا تخفى طوال عشرة أشهر فيها ورفض الخروج إلا لحضور مؤتمر الرياض الذي شاركت فيه عدة أطراف يمنية، وكيف مر عبر نقاط التفتيش التي نصبها الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح»، دون القبض عليه واعتقاله؛ حيث إنه كان ممن يتم البحث عنهم.
فراره من الحوثيين
وقال الشيخ «الزنداني»: «عندما احتل الحوثيون والحرس الجمهوري، جامعة الإيمان في عدن انحزنا إلى الفرقة العسكرية المجاورة للجامعة، ولحظة الهجوم على الفرقة تسربنا من بين صفوف الحوثيين الذين كانوا يطوقون المكان، وتوجهنا إلى بيت غير معروف للخصوم، وبقينا فيه قرابة نصف شهر، إلى أن توجهنا إلى تعز (وسط)، ولم تعترضنا أي نقطة تفتيش على الرغم من كثرتها، وعندما وصلنا إلى تعز اختفينا في عدد من البيوت، ولم يشعر بنا أحد لمدة عشرة أشهر، حيث كان الرصاص الطائش من الأسلحة المتوسطة، خلالها، يصل بين الحين والآخر إلى منازل المواطنين».
وأضاف الشيخ «الزنداني»: «آثرت البقاء في اليمن، طوال تلك المدة، حتى لا تهتز معنويات أبناء الشعب، والمقاومة، وحتى لا يشعرون أنهم تُركوا وحدهم»، وأضاف قائلًا: «وعندما اهتمت السعودية بالقضية اليمنية، ودعت رجالات اليمن إليها في مؤتمر الرياض (17 مايو/أيار الماضي)، رأيت بأن العمل لإنقاذ بلادنا مما حل بها من المصائب والفتن، يستدعي مساهمتي في هذا الأمر، مع قوى الشرعية والمقاومة، لتحرير أرضنا من تسلط الانقلابيين وظلمهم لشعبهم؛ فقررت الخروج من تعز».
وتابع رئيس جامعة الإيمان قائلا: «خرجنا رغم علمنا أن هذه المحاولة قد تودي بحياتنا، حيث كان علينا تجاوز نقاط التفتيش في 4 محافظات يتغلب عليها الحوثيون، فمررنا بثلاثين نقطة تفتيش، وكنا على متن أربع سيارات متفرقة، دون أي توقف، وعندما شعرنا أننا تجاوزنا مناطق الخطر، واجهتنا النقطة الـ 31 التي استوقفتنا، وسألوا أفرادها من أنتم؟، من أين جئتم؟، إلى أين تذهبون؟، وماذا تريدون؟، فأجابهم المرافقون بوضوح تام، فارتفعت أصواتهم قائلين: أهلا يا شيخ عبدالمجيد، العفو منكم، وإذا بهذه النقطة هي الأولى للمقاومة في مأرب (شرق)».
اختيار السعودية
وقال «الزنداني»: «لقد اخترت الذهاب للسعودية؛ لأنها تبنت قضية اليمن وشعبه، وبذلت أقصى ما لديها، وفتحت بابها لجميع القيادات اليمنية، لإيمانها بحقوق الجوار، ونصرة من استنجد بها، وظهرت نتائج جهودها جلية في جميع الساحات والميادين العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية».
وقال عضو الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح، إن «التدخل العسكري كان فضلًا من الله، وإنقاذًا لشعبنا من مؤامرة عدوانية حاكها خبراء متمرسون، ونفذها الحوثيون ومعظم الحرس الجمهوري التابعين للرئيس المخلوع «على عبد الله صالح»، الذين دمروا اليمن».
أسباب سرعة تمدد الحوثيين
وحول أسباب سيطرة الحوثيين على عدد كبير من المدن في وقت قصير، أرجع الزنداني ذلك إلى «عنصر المبادرة والمفاجأة، مع استغلال الفقر والبطالة، وخيانة بعض الجهات (دون تسميتها)، وقبول التواطؤ».
وتابع: «لعل هذه العقوبة تكون تمحيصًا لصفوف الشرفاء من أبناء الشعب ونخبه القيادية، وقد كان هذا الاجتياح السريع سببًا في إيقاظ معظم أبناء الشعب، وكما تمكن الحوثيون من سرعة بسط تسلطهم، ستكون السرعة بإذن الله في هزيمتهم».
وقال الشيخ «الزنداني»: «لقد تمكن الحوثيون من خداع الكثير من أبناء الشعب ونخبه السياسية التي ساعدته في التسويق لمخططاته وبرامجه، وكان علماء اليمن يتوجسون خيفة، ويرجون أن يتخلى الحوثي عن انحرافاته العقائدية وعدوانه وظلمه، وكلما مرّ الوقت ازداد الأمر جلاء ووضوحًا، وظهر صحة ما كنا نتوجسه ونخشاه من قبل هذه الجماعة وحليفها السابق وأنصاره.
التحالف العربي
وأكد أن تدخل التحالف العربي العسكري: «كان فضلًا من الله، وإنقاذًا لشعبنا من مؤامرة عدوانية حاكها خبراء متمرسون، ونفذها الحوثيون ومعظم الحرس الجمهوري التابعين لصالح( ...) فهبت دول التحالف للقيام بواجب الإخوّة الإسلامية، وحق الجوار، ونصرة المظلوم، والدفاع عن النفس، فأحيت الأمل في نفوس شعبنا.
وحول التساؤلات لماذا لا توجد مقاومة مسلحة ضد الحوثيين في مناطق القبائل شمال اليمن، فيما تقتصر على الجنوب وبعض مناطق الوسط، قال «الزنداني»: «أُخذ الشعب في المحافظات الشمالية على غرّة، لكن المقاومة لم تختف من تلك المناطق، ومازالت تقوى ويشتد عودها، وتمتد لتشمل مناطق جغرافية جديدة، كما هو حاصل في الجوف وعمران وصنعاء وحجة، وغدًا إن شاء الله، نتوقع انتصارات لهذه المقاومة».
وختم الشيخ «الزنداني» قائلًا إن: «هناك مخططات تسعى لتقسيم جميع دول العرب والمسلمين، وإثارة ما يسمى الفوضى الخلاقة بين شعوبها، لتحقيق ذلك، وهناك قوى محلية تخدم هذه التوجهات الخارجية، لكنها بإذن الله سوف تفشل في ذلك عندما نكون أقوياء في ديننا، ووعينا، والحرص على وحدة أراضينا، وإقامة العدل، ونشر الأمن في ربوع بلادنا».