لا تزال أنيسة الضباعي تزاول عملها منذ سنوات في إدارة فندق "لامار أوتيل"، في العاصمة اليمنية، ساعيةً على الدوام لتطوير عملها. هي أول امرأة في اليمن تدير فندقاً راقياً في مجتمع محافظ تحكمه العادات القبلية التي ترفض انخراط المرأة في سوق العمل.
تقول أنيسة: "لم أخف من انتقاد المجتمع أو من نظرة القبيلة الدونية إلي والتي تعتبر أن عمل المرأة عار، فزوجي وأهلي دعماني لتحقيق حلمي". هذا الدعم جعلها لا تخشى من تهديدات القبيلة التي كانت تصلها شفهياً، إذ تنتمي أنيسة إلى قبيلة "الضباعي"، كبرى القبائل اليمنية في منطقة يافع الجنوبية.
تظهر في الفندق بصمات أنيسة في شكل واضح، فهي اختارت تصميم الفندق الذي أرادته أن يكون عصرياً، بحسب ما تقول، "ليتميز عن الفنادق الأخرى، فتمتّعي بالصلاحيات الكاملة في إدارة كل أعمال الفندق دفعني إلى بذل المزيد من الجهد، حتى بات فندقي ينافس الفنادق الأخرى".
موظفو الفندق أكدوا ارتياحهم للعمل تحت إدارة امرأة برغم معارضة معظم الرجال في اليمن لذلك، ويقول طارق اليحري مدير المكاتب الأمامية في الفندق: "عملت في فنادق يمنية مختلفة تحت إدارة رجال، إلا أن العمل هنا مختلف، إذ دعمتني أنيسة كثيراً، عدا أنها دائماً تأخذ بأفكار واقتراحات جميع موظفي الفندق، ولا تنفرد بالقرارات المتعلقة بالعمل، بل تجمع العاملين وتستشيرهم في كل ما تريد فعله ليكون النجاح حليف الجميع".
عملت أنيسة الضباعي موظفةً في القطاع الحكومي مدة 17 عاماً، أولاً في وزارة النفط، ثم مدير عام رقابة وتفتيش في هيئة النقل العام. وتقول: "السنوات العشر التي شغلت فيها منصب مديرة الشؤون المالية والإدارية في مجمّع سكني في صنعاء، الذي تحول لاحقاً إلى فندق لامار، أكسبتني الخبرة في إدارة الفندق". تتمنى أمينة اليوم من خلال عملها في مجال إدارة الفنادق الذي لطالما كان حكراً على الرجال في اليمن، أن تساهم في فتح الأبواب على مصراعيها أمام النساء اليمنيات للخوض في هذا المجال وفي مجالات مختلفة أخرى، فعلى حد قولها “داخل كل امرأة يمنية عوالم إبداع، أعطوها حريتها فقط”.
الأستاذة المساعدة في جامعة تعز الدكتورة ألفت الدبعي استغربت إدارة امرأة لفندق في اليمن، واعتبرت أن "حالة أنيسة نقلة نوعية للمجتمع الأنثوي في اليمن، الذي لا يتقبل ممارسة المرأة إلا للأعمال التي تجاري ثقافته التهميشية كربة بيت أو مدرّسة وممرّضة في بعض الحالات". وتذكّر الدبعي أن المرأة اليمنية وصلت الى مرتبة شيخة قبيلة تحكم بين الناس قديماً، إلا أنها تمرّ اليوم بواقع محبط، أفرزته الصراعات السياسية بين الحزب الاشتراكي والتيارات الإسلامية الأخرى، و"هذا ما أنتج ثقافة تقليدية قيّدت المرأة وأحبطتها".
كذلك لفت أستاذ علم الاجتماع في جامعة إب الدكتور جلال المذحجي لـرصيف 22 إلى أن المجتمع اليمني هو الوحيد من بين المجتمعات العربية الذي تقبّل أن تحكمه امرأة. وقال: "الملكة بلقيس حكمت البلاد قبل الإسلام، والملكة أروى بنت أحمد الصليحي حكمتها عام 492 هجري، وكانت توكل كرمان المرأة العربية الوحيدة من أصل يمني الحائزة جائزة نوبل للسلام". لذا يرى المذحجي أنه إذا ما أعطيت المرأة اليمنية فرصة الإقدام بمشروعها الخاص أو في المجالات المعاصرة، فسترتقي إلى أعلى المناصب.