لحظة تأمل وتفكير في حياتنا اليوم ، كيف أصبحت ، هذه التقنية أين وصلت وأين أوصلتنا ، شيء لا يكاد يصدق ما حدث ويحدث على مر العقود الماضية ، الحواسيب الآلية ، هذه الأجهزة المبنية على أساس الكهرباء والترانزستورات ، والتي تعتمد على مفهوم الأصفار والوحايد للتفاهم بين الإنسان والآلة ، قد دخلت حياتنا من كل الجهات والجوانب ، وجعلتنا ندمن تطبيقاتها بحيث يصعب الآن فصلها عن حياتنا.
دعونا نتعمق قليلاً في التأمل ونغوص قليلاً في بحر التاريخ ، كي نتعرف على الأجهزة الأوائل التي كانت شرارة بدء وانطلاقة مسير نحو هذا التقدم الكبير في عالم التقنية والحواسيب والهواتف ، تلك الأجهزة التي كانت في وقتها ثورة وتطور كبير ونالت إعجاب الناس وانبهارهم في نفس الوقت. 40 عام مر على صنع أول حاسوب شخصي (Personal Computer) وبيعه بشكل تجاري ، كانت الحواسيب موجودة قبلها لكنها كانت حواسيب عملاقة ولم تكن تباع للأفراد مباشرة ، لكن من بعد عام 1975 بدأت هذه الفكرة الجديدة بالانتشار ، فكرة شراء الحواسيب ، أصبح أي شخص قادر على امتلاك حاسوب ، ثم بعد ذلك سميت هذه النوعية من الحواسيب الصغيرة بالحواسيب الشخصية.
هذه الأجهزة التي سنعرضها هنا ليست الوحيدة في عصرها ، بل كان هنالك شركات أخرى وموديلات متعددة ، لكن اختيارنا لهذه الحواسيب هو بناءً على الشهرة التي نالتها في وقتها ، والأثر التي تركته في تطوير صناعة الحواسيب.
(1) Altair 8800
في يناير 1975 عرضت مجلة Popular Electronics التي كانت متخصصة في الإلكترونيات الصغيرة ، جهاز حاسوب جديد يمكن شراءه واستخدامه في المنزل ، كانت مفاجأة كبيرة وشيء جديد على العالم ، فالشيء المسمى حاسوب أو (كمبيوتر) كان يعرف بأنه جهاز ضخم يستخدم في بعض الأماكن الهامة لإنجاز بعض المهام الخاصة ، لم يكن هذا الشيء معروفاً لدى العامة ، أولائك الهواة والمهندسين يعرفون عنه القليل فقط لأنه لم يكن في متناول اليد، لكن من بعد هذا العام بدأ انتشار الحاسوب فعلياً حين أصبح صغير الحجم وفي متناول الجميع.
كان المهندس ورائد الأعمال هنريد إدورد قد أنشأ شركة هندسية تسمى MITS متخصصة في صنع الإلكترونيات الخاصة بهواة بناء الصواريخ الصغيرة وأشياء هندسية أخرى ، لكن فكرة انشاء حاسوب صغير للهواة قد نبتت في رأسة في يوم من الأيام ثم بدأ تطوير هذا الجهاز وانتهى منه في أواخر عام 1974 ، لقد كان جهاز Altair 8800 ، أول جهاز حاسوب صغير (Microcomputer) ، هذا الجهاز مهم في رحلة وتاريخ صناعة الحواسيب لأنه البوابة التي دخلت عبرها جميع هذه الأجهزة التي نراها اليوم بما فيها الهواتف الذكية ، لأن هذا الجهاز قبل ان يخترع المكونات المادية هو ابتكر فكرة جديدة وهي أن يصبح الحاسوب من مقتنيات المنزل ومن الممتلكات الشخصية.
في تلك الأثناء كان بيل جيتس وصديقه بول ألين (مؤسسا شركة مايكروسوفت) من هواة ومحبي الحواسيب ، وعندما قرءا اعلان الجهاز على صفحات المجلة ، قاما بمراسلة هنريد وعرضا عليه بيع برنامج مفسر اللغات البرمجية (Interpreter) للغة بيسك كي يشكل الجزء البرمجي للجهاز ، وعندما وافق المصنع بدءا مباشرة في العمل المكثف على جهاز محاكي يحمل نفس المعالج المستخدم في الجهاز حتى انتهيا من تطوير البرنامج ، وكانت بداية التجربة أن كتب ألين عبارة (PRINT 2+2) فظهرت النتيجة على الشاشة (4) ، اكاد اتخيل الفرحة الغامرة لبيل جيتس وصديقه عند مشاهدة الرقم أربعة على الشاشة
كان جهاز Altair 8800 يعمل على معالج انتل 8080 (8 بت) بسرعة تصل إلى 2 ميجاهيرتز ، وكان يحمل ذاكرة داخلية تتسع لـ 1024 كلمة (حوالي 1 كيلوبايت فقط) بينما برنامج مفسر البيسك الذي طوره بيل جيتس وصديقه كان يحتاج إلى ذاكرتين تتسع كل واحدة منهما لـ 4096 كلمة ، طبعاً كان يمكن شراء ذواكر إضافية مع الجهاز وتركيبها لتوسيع الذاكرة وأيضاً يمكن تركيب أجهزة إدخال وإخراج إضافية ، تم بيع الجهاز بسعر التكلفة آن ذاك لكن كان يتم الربح من خلال الإضافات الأخرى التي كانت ظرورية مثل الذواكر الإضافية وأجهزة الإدخال (مثل لوحة المفاتيح) والإخراج (مثل الشاشة)، وكان سعر الجهاز الأساسي بدون تلك الإضافات 621 دولار (بدون الشاشة والإضافات الأخرى) ، ذالك السعر آن ذاك يساوي أكثر من 2000 دولار في عصرنا الحالي ، يمكنك مشاهدة بعض الفيديوهات في هذا القناة اليوتيوبية والتي تشرح وتعرض هذا الجهاز بشكل مفصل ، أو قراءة الإعلان الترويجي في الصورة التالية الذي نشر في ملجة Popular Electronics في عدد يناير 1975 (انقر عليها للتكبير)
(2) Apple II
“بالنسبة لي؛ الكمبيوتر الشخصي يجب أن يكون صغير، موثوق، مريح في استخدامه وكذلك غير مكلف ماديا” بهذه الكلمات نشر ستيف وزنيك كلماته في مجلة بايت سنة 1977 معلقاً على الكمبيوتر الشخصي الذي صممه Apple II ، والذي كان ثاني جهاز يتم تصمميه وبيعه بعد جهاز Apple I الذي انتج سنة 1976. نعم إنها شركة أبل ، ثلاثة شباب يملأهم الشغف اشتركوا لصنع وإنتاج جهاز حاسوب شخصي هم ستيف وزنيك وستيف جوبز ورونالد واين ، لكن جهاز Apple II كان الأكثر نجاحاً وانتشاراً ، وتحول إلى سلسلة بعد ذلك استمرت في الإنتاج حتى عام 1993. (مصدر الصورة).
الجهاز كان يحمل معالج سرعته 1 ميجاهيرتز مع ذاكرة داخلية قدرها 4 كيلوبايت ، وكان يستعمل أشرطة الكاست لتخزين البيانات والبرامج (بديل القرص الصلب الآن) ، ثم بعد ذلك تم استبدال ذلك بمحركات الأقراص المرنة (فلوبي دسك) بحجم 5 وربع بوصة مع لوحة مفاتيح للإدخال وشاشة للعرض. كما كان الجهاز يحتوي على برنامج (Integer BASIC) الذي كان عبارة عن مفسر خاص بلغة بيسك يسمح للمستخدم أن يكتب البرامج والأوامر داخل الجهاز ثم يستمتع بالنتائج ، هذا البرنامج كان يخزن في ذاكرة قراءة فقط (ROM) كانت من ضمن مكونات الجهاز الداخلية.
بيع الجهاز بسعر 1,298 دولار آن ذاك (حوالي 5000 دولار في عصرنا الحالي) ، وهذا السعر هو أكبر من سعر جهاز Altair 8800 لأن الجهاز يأتي مكتمل القطع ، فهو يأتي مع الشاشة ولوحة المفاتيح وكذلك جهازين لقراءة الأقراص المرنة مع ذاكرة عشوائية أكبر من التي في جهاز Altair وذاكرة قراءة فقط تحتوي على برنامج مفسر البيسك.
جهاز أبل هذا كان يخوض منافسة شرسة مع جهازين آخرين في تلك السنوات ، هما جهاز Commodore PET و TRS-80 ، في البداية كانت مبيعات جهاز أبل 2 قليلة جداً نظراً لسعره المرتفع مقارنة بالجهازين الآخرين ، لكن بعد ذلك بدأت المبيعات تتحسن بسبب إضافات الجهاز اللاحقة المتمثلة في قارئ الأقراص المرنة وزيادة الإقبال بشكل عام على اجهزة الحواسيب الشخصية ، ففي السنة الأولى لإنتاج الجهاز (1977) باعت أبل 600 جهاز فقط ،، وفي السنة التالية باعت 7600 جهاز ، أما في السنة الثالثة فقد باعت حوالي 35 ألف جهاز. لكن رغم هذه المبيعات الجيدة ، إلا أنها لم تكن الأولى في حجم المبيعات ولم يكن جهازها هو الأكثر طلباً في تلك السنوات ما قبل 1980.
استمرت أبل في إنتاج إصدارات محدثة ومطورة ضمن هذه السلسلة في فترة الثمانينات (حتى عام 1993)، واستمرت المنافسة بينه وبين الحواسيب الشخصية الأخرى ، كان المنافس الأكبر له من جهة المبيعات هو جهاز Commodore 64 في تلك السنوات ،، كانت جهود أبل تتحرك في إدخال أجهزتها في عدة حقول مثل الحقول التعليمية وحقل المال والأعمال ، لذلك فقد كانت تحاول انتاج برامج حصرية خاصة بأجهزتها ، ومن أمثلة ذلك برنامج الجداول الحسابية VisiCalc ، الذي كان اول برنامج جداول حسابية ، وقد انطلق سنة 1983 في أجهزة أبل 2.
(3) Atari 800
شركة أتاري مشهورة ومعروفة لدينا في صنع أجهزة اللعب والترفيه ، نعم هي في الأصل شركة متخصصة في هذا المنتجات ، فقد بدأت في أوائل السبيعنات في إنتاج أجهزة ألعاب الفيديو ، وكان جهازها PONG من أشهر أجهزة الآركيد التي نالت رواجاً كبيراً وانتشرت انتشاراً واسعاً في حقبة السبعينات ، لكنها اتجهت في أواخر السبعينات إلى إنتاج أجهزة الحاسوب الشخصية ، فكان جهازها Atari 800 هو الأول في هذا الباب ، حيث تم انتاجه وبيعه سنة 1979 وحقق مبيعات جيدة في بداية الثمانينات واستمر إنتاجه حتى العام 1983، ثم تلاه عدة أجهزة اخرى كانت كلها ضمن سلسلة الـ 8 بت.
بسبب خبرتها في ألعاب الفيديو ، كانت أجهزتها الحاسوبية أفضل في الأداء من أجهزة المنافسين من ناحية الصوت والفيديو ، كما أن الألعاب كانت تحتل أهمية كبيرة لدى الشركة المصنعة بتوفير الأدوات اللازمة وبرامج الألعاب التي يمكن شرائها بشكل منفصل وتشغيلها على هذا الجهاز ، وهذه ميزة إضافية أتاحت لهذا الجهاز النمو السريع وتحقيق الكثير من المكاسب ، حيث بلغت مبيعات هذه السلسلة اكثر من 2 مليون قطعة بين عامين 1979 و 1985.
الجهاز كان يستخدم معالج (MOS Technology 6502) بسرعة قدرها (1.8MHz) وذاكرة عشوائية قدرها 4 كيلوبايت مع إمكانية التوسعة إلى 48 كيلوبايت ، يمكن ربط الجهاز بأجهزة اخرى للتخزين والقارئة مثل القرص المرن ومشغل شرائط الكاست المخصصة لتخزين البيانات ، وكان يعمل بنظام تشغيل خاص به هو (Atari OS).
(4) Commodore 64
لقد شهدت الثمانينات من القرن المنصرم نمواً كبيراً لسوق الحواسيب الشخصية ، كانت هنالك عدة شركات تنتج وتبيع الحواسيب الشخصية في تلك الحقبة ،، الكثير من تلك الشركات بعد ذلك اختفت وتلاشت في التسعينات واختفت معها أنظمتها التشغيلية الخاصة بها وانقسمت المنافسة بعد ذلك بين نوعين من الأجهزة فقط هما الماكنتوش من شركة أبل والبي سي الذي طور أساساً من قبل شركة IBM . نعود إلى فترة الثمانينات ،، وإلى الجهاز الذي تصدر قائمة المبيعات وكان الأشهر والأنجح في تلك الحقبة ، إنه جهاز Commodore 64. الكلام التالي مقتبس من صفحة الويكي بيديا الخاصة بهذا الجهاز.
جهاز كومودور 64 (Commodore 64) هو جهاز كومبيوتر منزلي (8 بت) من إنتاج شركة كومودور انترناشيونال Commodore International، تم الإعلان عنه في شهر يناير 1982. بدأ الإنتاج الفعلي لهذا الجهاز في ربيع عام 1982، مع إطلاقه للبيع في السوق الأمريكية في شهر أغسطس من العام نفسه بسعر 595$ دولار أمريكي (في تلك الأيام) . يأتي هذا الجهاز كخليفة لجهازي (Commodore Vic-20) و (Commodore MAX)، متمتعاً بذاكرة 64 كيلوبايت مع إمكانيات رسومية وصوتية أعلى وأفضل من الإمكانيات المتوفرة في الأجهزة المتوافقة مع آي بي ام IBM في تلك الفترة. سمي هذا الجهاز بـ”صندوق الخبز breadbox” و “أنف الثور bullnose” بسبب شكل ولون الدفعة الأولى منه.
وصلت مبيعات كومودور 64 خلال الفترة التي كان يصنع فيها ما بين 12.5 إلى 17 مليون وحدة، ليصبح أكثر أجهزة الكومبيوتر الشخصية مبيعاً على مدى التاريخ. وخلال الفترة ما بين (1983-1986)، سيطر هذا الجهاز على سوق الكومبيوتر الشخصي بنسبة تتراوح ما بين 30% و40% من السوق، مع مبيعات تصل إلى 2 مليون جهاز في العام، متجاوزة بذلك الأجهزة المتوافقة مع آي بي ام IBM، آبل Apple، وأجهزة الـ8 بت من أتاري Atari 8 bit. وفي هذا السياق، يذكر سام ترامييل Sam Tramiel، الرئيس السابق لشركة أتاري Atari، وابن مؤسس شركة كومودور، في مقابلة تعود لعام 1989 “عندما كنت في شركة كومودور، كنا نقوم بتصنيع 400،000 وحدة من جهاز كومودور 64 في كل شهر لعدة أعوام.
يعود أحد أسباب نجاح هذا الجهاز لبيعه في متاجر التسوق عوضاً عن متاجر الإلكترونيات. كما أن شركة كومودور قامت بنفسها بتصنيع الكثير من الأجزاء الداخلية للتحكم بعملية التوريد وتكاليف الإنتاج. وفي بعض الأحيان كان يتم مقارنته بسيارة فورد موديل-تي Ford Model-T لإسهامه في إدخال تقنية جديدة إلى الطبقة المتوسطة من الناس بإنتاج كميات كبيرة وبشكل خلاق. أما بالنسبة للبرمجيات، فقد تم إصدار ما يقارب 10،000 برنامج لكومودور 64 بما فيها أدوات تطوير البرامج، تطبيقات الإنتاجية المكتبية والألعاب . ويوجد حالياً العديد من المحاكيات لكومودور 64 C64 emulators تسمح لأي شخص مع جهاز كومبيوتر حديث، أو منصة ألعاب متوافقة، بأن يقوم بتشغيل واستخدام هذه البرامج. كما ساهم هذا الجهاز بزيادة شعبية سوق الكومبيوتر الشخصي. بالإضافة إلى ذلك، ما زال استخدام هذا الكومبيوتر مستمراً من قبل بعض الهواة.
(5) IBM PC
شركة آي بي إم (IBM) هي من الشركات العريقة والقديمة في مجال الحواسيب، كانت مشهورة في مجال صناعات الحواسيب الكبيرة (Mainframes) وكانت تتعامل مع جهات حكومية وشركات عملاقة في عدة دول ، لكنها قررت في بداية الثمانينات أن تدخل عالم الحواسيب الصغيرة ، فطورت وانتجت جهاز الـ بي سي (PC) وهو اختصار لكلمة (حاسوب شخصي) (Personal Computer) ، حيث كانت هذه النوعية من الحاسبات تسمى مايكروكومبيوتر إلى أن بدأت شركة آي بي إم في استخدام مصطلح الحاسوب الشخصي. في بداية الثمانينات كانت الحواسيب الشخصية تزدهر وتنتشر والمبيعات تكبر وتكبر ، أدى هذا إلى أن تلتفت هذه الشركة العملاقة إلى هذا السوق بعد أن تراجعت مبيعاتها في مجال الحواسيب الضخمة والمتوسطة في السبيعنات، فقررت أن تبدأ بإنتاج أول جهاز حاسوب شخصي والذي كان (IBM PC 5150)
اختارت آي بي إم ان تستخدم معالج (Intel 8088) وطلبت من شركة عريقة في مجال البرمجيات تسمى (Digital Research) صاحبة نظام التشغيل القديم (CP/M) أن تصمم لها نظام تشغيل لجهازها الجديد ، لكنها لم تكن متحمسه كثيراً فطلبت من شركة صغيرة أن تقوم بالعمل ، هذا الشركة كانت مايكروسوفت، لكن شركة مايكروسوفت آن ذاك لم تكن قادرة على إنجاز العمل فقامت بشراء نظام تشغيل كتب بواسطة شركة صغيرة يسمى QDOS وهو اختصار لجملة (Quick and Dirty Operating System) ، حيث سمي النظام بـ(PC-DOS) وبعد ذلك تحول إلى (MS-DOS) ومن هنا كانت بداية شركة مايكروسوفت الفعلية.
الإصدارات الأولى لهذا الجهاز لم تكن ذو إمكانيات كبيرة ، كان يحمل الإصدار الأول اسم (IBM PC 5150)، حيث كانت تأتي بذاكرة عشوائية مقدارتها 16 كيلوبايت فقط وبدون قارئ أقراص مرنة (Floppy disk) ، حيث كانت تستخدم شرائط الكاست لتخزين واسترجاع البيانات والبرامج ، لكن رغم ذلك فقد حصل هذا الجهاز على اقبال ومبيعات كبيرة في السنوات التالية لعام 1981 بسبب شهرة شركة آي بي إم وكذلك امكانيات توسعة الجهاز مع جودة عالية في المكونات الملحقة للجهاز.
استمرت الشركة في إنتاج الأجهزة واستمرت الأجهزة في الانتشار ، فيما بعد أصبحت هذه البنية الحاسوبية وهذه التركيبة نموذجاً ومعياراً ، وأصبحت الكثير من القطع الإضافية والملحقات التي يتم صنعها تحمل علامة (متوافق مع IBM) للتعبير على أنها تعمل وفق بنية أجهزة آي بي إم ، فيما بعد (التسعينات وما بعدها) افترق طريق الحواسيب الشخصية إلى PC وهو امتداد لأجهزة آي بي إم والأجهزة المتوافقة معها ، وأجهزة ماكنتوش من شركة أبل ، أما الأجهزة الأخرى فقد تلاشت تدريجياً ليبقى في حلبة السباق والمنافسة هاذين الجهازين إلى وقتنا الحاضر.
(6) Osborne 1
يعتبر جهاز Osborne 1 هو أول جهاز محمول (portable) استطاع ان ينجح في السوق بشكل جزئي ، فلقد استمر انتاجه لأكثر من سنتين ، حيث انتج سنة 1981 من قبل شركة (Osborne Computer Corporation) لكن الشركة توقفت عن إنتاجه وبيعه سنة 1983، هذا الجهاز وغيره من المحاولات في تلك السنوات لم تنجح في صنع جهاز حاسوب محمول حقيقي، بسبب أن التقنية نفسها لم تكن قد تطورت بالقدر الكافي لصنع جهاز محمول يمكن حمله ببساطة في شنطة صغيرة ويمكن ان يكون رفيق الشخص في ذهابه وإيابه.
الجهاز كما هو ملاحظ في الصورة يتموضع داخل صندوق صغير يمكن حمله في اليد ، لكن كانت مشكلته في شاشته الصغيرة بالإضافة إلى ثقل وزنه البالغ 10 كيلوجرامات ، الجهاز أتى بمعالج من نوع Zilog Z80 ، وذاكرة عشوائية قدرها 64 كيلوبايت ، ويعمل على نظام التشغيل الأشهر تلك الأيام (CP/M)، كان سعره في تلك الأيام 1,795 دولار أمريكي (أكثر من 5 الف دولار في عصرنا الحالي) وهو ما شكل عائقاً أمام انتشار الجهاز أكثر وأكثر.
لم يكن هذا هو الجهاز المحمول الوحيد في تلك الحقبة ، فقد كانت هنالك أجهزة ومحاولات أخرى مثل (Kaypro II) و (Bondwell 2) و (Compaq Portable) ، وغيرها من الأجهزة التي صنفت على أنها محمولة ، لكن في واقع الأمر كانت أجهزة محمولة يصعب حملها بسهولة ، كانت عبارة عن صناديق صغيرة أو متوسطة الحجم وكانت الشاشة في اغلب الحالات هي الضحية لتصغير الحجم ، لكن الوزن في نفس الوقت لم يكن يهبط بشكل كبير ، بإمكاننا أن نعتبر تلك المحاولات على أنها اعادة لتصميم أجهزة الحاسوب كي تكون أسهل في النقل، أما عهد الحواسيب المحمولة أو اللابتوب فلم يكن شمسه قد بزغ بعد. الصورة التالية لجهاز (Kaypro II) الذي كان يتميز بشاشته الأكبر ، والتي تليها لجهاز (Compaq Portable)
في عام 1989 انتجت شركة أبل أول جهاز محمول فعلي وعملي بإسم (Macintosh Portable) ثم بعد ذلك انتجت سلسلة من الأجهزة المحمولة الأصغر حجماً والتي تشبه في تصميمها أجهزة اللابتوب الحالية والتي كانت تحت اسم (PowerBook) ، وإذا اعتبرنا أن أجهزة (Osborne 1) والأجهزة الأخرى المشابهة لها كانت عبارة عن تصميم جديد للأجهزة العادية ، فإن أجهزة أبل هذه هي عملياً أول الأجهزة المحمولة إنتاجاً.
(7) Macintosh 128k
إنه الإصدار الأول لجهاز الماكنتوش (سنة 1984) ، كان اسمه فقط (Macintosh) لكن تم إضافة (128k) لتفريق هذا الإصدار عن الإصدارات الأخرى ، فقد أتى بذاكرة داخلية قدرها 128 كيلوبايت فقط ، هذا كان من العيوب الهامة بالإضافة إلى سعره المرتفع والتي أدت إلى عدم تحقيق مبيعات كبيرة في بداية انطلاقه ، حيث كان يباع بمبلغ (2,495) دولار أمريكي في سنة انتاجه وهو سعر عالٍ مقابل الأجهزة المنافسة له في السوق آن ذاك. لكن بعد ثمانية أشهر تم تحديث جهاز الماكنتوش وأصبح يحمل ذاكرة مقدارها 512 كيلوبايت بدلاً من 128 ، أما مواصفات الجهاز الأخرى فهي معالج من نوع (Motorola 68000) بسرعة (7.83) ميجاهيرتز ، وقد أتى بشاشة مدمجة عرضها 9 بوصة ودقتها 512×342 بكسل.
في مقابل السعر المرتفع ، أتى جهاز الماكنتوش بأشياء جديدة ومذهلة لكثير من المستخدمين ،، لقد أتى الجهاز بشيء جديد اسمه (الماوس) (رغم أن تقنية الماوس كانت موجودة قبل ذلك بسنوات عديدة) كما انه يحتوي نظام تشغيل بواجهة استخدام رسومية (Graphical User Interface) فأصبح المستخدم يتعامل مع الماوس للتحديد والنقر واصبح هنالك أيقونات ونوافذ و…..الخ . انه شيء مذهل فعلاً لكثير من المستخدمين ،، الحاسوب أصبح شيء جذاب ويمكن التعامل معه عن طريق الأشكال والرسوميات بدلاً من الأوامر الجافة، لقد أعلنت شركة ابل في تلك السنة بداية حرب أنظمة التشغيل التي أصبحت بعد ذلك أكثر جاذبية وأسهل في التعامل ، ذالك كان نظام التشغيل الجديد من أبل (Mac OS) والذي كان يستخدم من قبل أجهزة الماكنتوش الأوائل ومازال. لقد بدأت حرب السوفتوير ، لم تعد الأهمية محصورة فقط في القدرات المادية لأجهزة الحاسوب ، لكن أصبحت البرامج وأنظمة التشغيل من العوامل المهمة لنجاح الجهاز في السوق الجديد الذي ينموا أكثر وأكثر.
لم يكن هذا الجهاز هو الأول الذي يأتي بواجهة استخدام رسومية، فلقد كان لشركة أبل جهاز آخر انتجته قبل الماكنتوش بسنة وكان يحمل اسم (Lisa) الذي كان أول جهاز حاسوب شخصي بواجهة استخدام رسومية ، لكن كانت مشكلته في سعره المرتفع جدا والذي كان يبلغ أكثر من 9 ألف دولار آن ذاك. بل جيتس وشركة مايكروسوفت أعلنت عن تطوير نظام بواجهة استخدم رسومية اسمه (وندوز) سنة 1983 لنظام تشغيلها MS-DOS ، لكن أول إصدار له كان سنة 1985. كان هنالك منافس قوي لجهاز الماكنتوش وهو (Amiga 1000) الذي أنتجته شركة Commodore سنة 1985 والذي أتى بنظام تشغيل يحمل واجهة استخدام رسومية لكن هذه المرة بالألوان وبمييزات أخرى جعلته جهازاً رائعاً ، لكن للأسف لم تتمكن الشركة من الاستمرار في بيعه بسبب بعض المشاكل المالية، لكن بعد ذلك عادتالشركة بجهاز آخر هو (Amiga 2000) سنة 1987.
كما هي عادة منتجات أبل اليوم ، أتى جهاز ماكنتوش الأول بشكل لا يقبل تحديث القطع التي فيه أو زيادة قدراته ، حتى أنه يصعب فتح غطائه الخارجي إلا بواسطة معدات خاصة ، إنها شركة أبل التي تعودنا عنها تقديم منتجات قوية لكن في نفس الوقت انغلاقها حول نفسها وعملها لوحدها ، لهذا السبب فقد كتب بيل جيتس مذكرة إلى إدارة شركة أبل سنة 1985 يشيد فيها بجهاز الماكنتوش الجديد وبتصميمه الفريد ، لكن في نفس الوقت يخبرهم أنهم قد فشلو في جعل الجهاز معياراً (standard) كما فعلت شركة IBM.
في عام 1993 ، أنتجت شركة أبل نسخة ملونة من هذا الجهاز أسموها (Macintosh Color Classic)، الفيديو التالي يعرض هذا الجهاز بطريقة مفصلة:
(8) صخر MSX
نختم هذه المقالة بجهاز حاسوب انتشر بشكل كبير في عالمنا العربي، انه كمبيوتر صخر العائلي ، لقد دخل هذا الجهاز الكثير من المنازل في فترة الثمانينات ، ومازال يمكث في أدراج القطع الأثرية والذكريات الجميلة في بعض المنازل. حاسوب صخر كان نتاج تعاون بين شركة (العالمية) العربية وشركة (ياماها) اليابانية ، كان الجهاز يستعمل نظام ومعيار MSX ، وهو معيار ونظام أطلقته شركة مايكروسوفت في أوائل الثمانينات ليكون معياراً للحواسيب المنزلية كي يتوافق الجميع عليه من أجل تطوير البرامج والتطبيقات وتشغليها على أي جهاز يحمل نفس هذا المعيار ، لكن للأسف هذا النظام الجديد لم ينتشر بشكل كبير في أمريكا والدول الأوربية ، كان انتشاره اكثر في اليابان والدول العربية (عبر جهاز صخر) وفي بعض الدول الأخرى ، وفي أواخر الثمانينات توقفت شركة مايكروسوفت عن تطوير وتبني هذا النظام.
الموديل الأشهر لأجهزة صخر الحاسوبية كان (AX-170) حيث بيع منه أكثر من ربع مليون جهاز ، لكن كانت هنالك عدة إصدارات أخرى مثل (AX100, AX123, AX150) وغيرها من الإصدارات ، كانت بداية نظام MSX الذي استخدم في إنتاج حواسيب صخر سنة 1983 ، وكانت شركة ياماها من الشركات التي أنتجت الكثير من أجهزة الحاسوب المنزلية من هذا النوع ، حيث استخدم في المدارس في بعض الدول وانتشرت الكثير من التطبيقات والألعاب المتوافقة مع نظام MSX والتي يمكن تشغيلها في أي جهاز يحمل هذه العلامة بما فيها حاسوب صخر ، كانت هنالك عدة شركات تنتج برامج وألعاب لهذا النظام ، منها شركة العالمية نفسها والتي انتجت عدة برامج عربية مميزة في تلك الحقبة لتشغيلها على هذه الأجهزة وكذلك شركة كونامي اليابانية المتخصصة في إنتاج الألعاب.