يستغل تجار البشر عاهات اليمنيين وفقرائهم من أجل التكسب بها، عن طريق التسول في السعودية، حيث تنشط عصابات الاتجار بالبشر مؤخراً، وبيعهم على بعضهم، وتوريدهم تجاه السعودية، من أجل استغلالهم في جمع الأموال لتلك العصابات، عن طريق التسول، والتي غالباً ما تتمركز في تهامة اليمن في محافظة الحديدة، وتحديداً في حدود السعودية البرية "حرض"، فيما يعمل لديها سماسرة في مناطق عدة من المحافظات اليمنية والسعودية، يستقطبون المعاقين بمبالغ معينة أكبر من الفقراء والأيتام، فيما يتعرض المتسولون والمتسولات لأبشع التعنيف، ما لم يتبعوا أهواء القادة.
سماسرة تستغل الفقر
تتنافس العصابات على جمع أكبر عدد من مبتوري الأطراف، لاستغلالهم في عمليات التسول داخل اليمن أو بعد تهريبهم تجاه السعودية، وكشف لـ"سبق" طفل متسوّل في الثانية عشرة من عمره، هارب من أحد قادة عصابات التسول بعد أن تم تهريبه للسعودية قائلاً: في اليمن العيش صعب وأنا أبحث عن لقمة العيش، توجّهت لأحد الذين لهم خبرة في التسلل نحو السعودية وقال لي إنه لديه لي عمل سهل ومُيسّر في السعودية وسأجني منه مبالغ كبيرة، دون تردد وافقته وأخذني تجاه حرض، وأوصلني لدى أشخاص في حرض، مباشرة أدخلني في "حوش" التهريب وبعدها هربوني لداخل السعودية عبر منطقة جبلية أنا ومجموعة من النساء والأطفال، وشاهدت بعيني كيف يعنفون الأطفال الذين يبكون حتى وهم رضّع خوفاً من كشف أمرهم.
وتابع: وصلنا لمسكن مهجور ومكثنا به وبدؤوا يوزعونا على المواقع، من أجل التسول ولنا ربع مانجمع، ويقول: كان بعض النساء يجمعن مايقارب 500 ريال ولايحصلن منها إلا الربع وبعضهن يتزوجن من قادة العصابات ولايحصلن إلا على مأكلهن ومشربهن فقط .
مبتورو الأطراف يستغلون
ويتابع المتسول الهارب من العصابة: كنت أشاهد تنافسهم على مبتوري الأطراف، حيث يشترونهم من السماسرة بمبالغ كبيرة فبعدما باعوني اكتشفت أن ثمني كان 150 ريالاً سعودياً كانت من نصيب الشخص الذي أخذني لهم، أما مبتورو الأطراف خصوصاً القدمين واليدين، يبيعهم السماسرة بالآلاف، وتستغلهم العصابات في التسول لما يثيرونه من شفقة في السعودية، ويقدمون لهم الصدقة، بينما ينام بعضهم - مبتورو الأطراف- أحياناً جياعاً.
وحول كيفية تهريبهم وهم يقدرون على المشي يقول: يهربونهم على الأكتاف، أو على الحمير، حتى يصلون بهم لأقرب طريق ليصعدوا مع مهربين .
يرهنون الأطفال لعودة الأمهات
وكشف المتسول الهارب في حديثه لـ"سبق"، أن العصابات تأخذ الأطفال من أمهاتهم وتعطيهم نساء أخريات، ولايعرفن أماكن تسول بعضهن حتى العودة لمواقعهم في الأودية، حتى لاتفر منهم !.
وحول هروبه قال: عندما وجهوني للتسول في محافظة صبيا، ابتعدت عنهم قليلاً، حتى وصلت لأحد الأودية القريبة من قرية الحسيني واختفيت عنهم كلياً، وتوجهت أبحث عن يمنيين يعيدوني لبلادي، ولكن الثمن كان غالياً فلم أستطع، فمكثت أعمل متنقلاً، بين القرى حتى هذا الحين ومنذ شهرين كي أجمع ثمن العودة .
وتابع: لو لم يعثر علي لكنت قد تعرضت لأبشع أساليب التعنيف، كما تعرض له سابقاً أطفال رُضّع، ونساء، ومنها الكيّ !.
وفي محاولة من "سبق" للوصول لموقع رئيس العصابة، عن طريق المتسول الهارب، ماكان من الأخير إلا أن يفر هارباً متوقعاً إلقاء القبض عليه.
وكشفت إجابات بعض الأطفال حقيقة مايتعرضون له من استغلال حيث، قالوا لـ"سبق" رداً على السؤال لمن تعطون أموالكم؟: نعطيها لأمنا وأمنا تعطيها لجدنا، وبسؤالهم أين جدكم قالوا لا نعلم. في إيضاح لعدم معرفة لما تعامل به والدتهم من استغلال ممن خلفهم.
"سبق" ترصد مواقع نومهم
رصدت "سبق" صوراً لمواقع نومهم خلال فترة عملهم في التسول، وكانت مصادر قد دلّت "سبق" على أماكن نومهم، وأكدت المصادر أنهم لايحضرون معهم ليلاً إلا "كراتين" ينامون عليها مختبئين بين كثافة الأشجار، ويزيلونها نهاراً خشية انكشاف موقع نومهم.
ماذا تملك مافيا التسول ؟
قال يمنيون في حديثهم لـ"سبق" إن العصابات تمتلك في بلادهم منازل وأراضي زراعية، عمروها من جراء استغلال الفقراء، وإجبارهم على التسول، وحكى أحد اليمنيين في حديثه قصة أحد قادة المتسولين الذي كان يقطن وادي غوان في محافظة صبيا، ويستقر في ذلك الموقع لعدة سنوات، كان متزوجاً من ثلاث نساء يتسولن، في القرى والتجمعات قرب الوادي، وكان لديه نحو اثني عشر متسولاً، غيرهن، أنه جمع عشرات الآلاف جراء تشغيل الأيتام واستغلال مبتوري الأطراف، وبنى له عمارة في قريته في اليمن، بل ويرفض تزويج بناته ممن لايمتهنون التسول تأكيداً منه أنها أفضل مهنة يمكن أن يسعد مدخولها بناته.
كيف يُعامل المتسوّل في اليمن
ويضيف اليمنيون أن المتسوّلين في اليمن لايعاملون كما يعاملون في السعودية، ففي اليمن لايعطون أبداً أولئك الأصحاء الذين لايعملون، بعكس من يعرف عنهم الفقر من السكان، والمرضى المعاقين، معتبرين عدم إعطائهم ردعاً لهم عن ممارسة التسوّل، وإجبارهم على العمل كغيرهم من الرجال والنساء .
وتابع اليمنيون: هناك تشديدات من قبل العسكر اليمنيين على المتسولين، ودائماً مايقع المتسولون في قبضة العسكر .
المتسولون يتكاثرون في جازان
شهدت شوارع منطقة جازان ومدنها وقراها، توافد الكثير من المتسولين، يخرجون من أودية شهدان وغوان، ونخلان، ووادي صبيا، وغيرها، ما يؤكد استمرار تلك العصابات في استغلال الفقر في اليمن، وعدم الاستقرار.
وحول ظاهرة التسول، أكدت إمارة منطقة جازان مجدداً اهتمامها ومتابعتها لظاهرة التسول باعتبارها آفة اجتماعية خطيرة وسلوكيات سلبية تتطلب تضافر جهود الجميع لمحاصرتها والقضاء عليها حفاظاً على الوجه الحضاري لبلادنا الغالية.
وأوضح الوكيل المساعد للتطوير والتقنية والمتحدث الرسمي للإمارة علي بن موسى زعله بأن الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز قد اطلع مؤخراً على بعض التقارير الصحفية التي ترصد استمرار وتزايد حالات التسول وظهور جماعات عائلية تضم نساءً وأطفالاً تجوب قرى المنطقة لهذا الغرض.
وتابع: أصدر توجيهاته العاجلة لوكالة الإمارة للشؤون الأمنية بسرعة التنسيق مع محافظي المحافظات ومديري الجهات الأمنية المختصة وإبلاغهم بضرورة مضاعفة التواجد الميداني وتكثيف الحملات على المواقع التي يتردد عليها المتسولون في المراكز التجارية والأسواق الشعبية وأمام إشارات المرور وأجهزة الصرف الآلي واتخاذ الإجراءات النظامية حيالهم، وتطبيق التعليمات بحق المخالفين ورفع تقارير دورية لسموه بما تم اتباعه من خطوات لمكافحة التسول وما أسفرت عنه من نتائج.
* صحيفة سبق السعودية
* صحيفة سبق السعودية