وأدت سيطرة المسلحين الحوثيين على العاصمة ومدن اخرى منذ سبتمبر الماضي الى إلقاء اعباء اضافية على الاقتصاد الهش، جراء توقف النشاط الاقتصادي، وانخفاض التدفقات النقدية من المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وإيرادات السياحة.

 

ووصف حسام الشرجبي نائب وزير المالية الوضع الاقتصادي والمالي بالصعب. وقال لصحيفة "الرياض" السعودية: لا يخفى على احد ان الوضع المالي صعب جدا، واذا لم نتخذ اجراءات حاسمة فيما يخص ترشيد النفقات وزيادة الايرادات، واذا لم نحصل على مساعدات كبيرة في العام القادم، يتوقع ان يكون العجز كبير جدا".

 

واكد الشرجبي ان الوضع الامني الراهن وانتشار الميليشيات المسلحة ومحاولة تدخلها في عمل الدولة، وعدم الالتزام باتفاق السلم والشراكة سوى من الحوثيين او غيرها من الاطراف يؤثر كثيرا على النشاط الاقتصادي، وعلى رغبة الدول سوى في الاقليم او العالم في مساعدة اليمن.

 

وتجد الحكومة الجديدة برئاسة خالد محفوظ بحاح نفسها امام مأزق مالي خطير جراء الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الاقتصاد بسبب الهجمات المستمرة على انابيب النفط، وتراجع كمية الانتاج، وبالتالي تراجع الايرادات.

 

وكان البنك المركزي اليمني اكد في اخر تقرير له اواخر نوفمبر ان صادرات اليمن من النفط الذي تعتمد عليه موارد الخزينة العامة بنسبة 70% انخفضت بأكثر من ستة ملايين برميل خلال 9 أشهر من العام الحالي، مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي. سجلت عائدات حصة البلاد من صادرات النفط مليار و340 مليون دولار خلال الفترة من يناير سبتمبر 2014 بانخفاض بلغ 660 مليون دولار عن الفترة المقابلة من عام 2013 بسبب الاعتداءات المتكررة على انابيب النفط وتراجع كمية الانتاج. وقال التقرير ان الاعتداءات التخريبية التي تعرضت لها أنابيب النفط، تسببت في انخفاض حصة الحكومة من كمية الصادرات إلى 5ر12 مليون برميل خلال التسعة الاشهر الماضية من 2014 بانخفاض كبير بلغ اكثر من ستة ملايين برميل عن الفترة المقابلة من العام الماضي.

 

كما نجم عن الاعمال التخريبية وتراجع القدرات الانتاجية لعدد من الابار انخفاض كميات اﻻنتاج المخصصة لﻼستهﻼك المحلي الى 5ر14 مليون برميل خلال ذات الفترة، بتراجع بلغ 5ر2 ملايين برميل عن الفترة المقابلة من عام 2013م.

 

هذا الوضع دفع الحكومة الى تغطية عجز الاستهلاك المحلي باستيراد كميات كبيرة من المشتقات النفطية من الخارج لتغطية احتياجات السوق من الوقود أكثر من مليار 630 مليون دولارخلال نفس الفترة، وهو ما اثر على الاحتياطي النقدي للبلاد من العملة الاجنبية الذي هبط بنسبة 2.4% في سبتمبر الماضي، ليصل إلى 5.056 مليارات دولار، مسجلا انخفاضا للشهر الثاني على التوالي، بحسب تقرير البنك المركزي.

 

وفي ظل محدودية الخيارات المتاحة امام الحكومة في مواجهة العجز المالي وتوفير موارد بديلة في ظل الوضع السياسي والامني المتدهور، واستمرار سيطرة المسلحين الحوثيين على العاصمة وغيرها من المدن وانتشار جماعات العنف الاخرى كتنظيم القاعدة ومليشيات قبلية اخرى لمواجهة الحوثيين في مناطق مختلفة، وهو ما يخلق بيئة طاردة للاستثمارات، يرى محللون اقتصاديون ان هناك قلقاً من عدم قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين والتي تلتهم نسبة 30-40% من موازنة الدولة.

وعلى الرغم من نفي وزارة المالية للأنباء التي تحدثت عن عجز الدولة عن دفع رواتب الموظفين، الا ان مسؤول حكومي اكد ل"الرياض" صحة هذه المعلومات، وقال ان الحكومة اقترضت من البنك المركزي لدفع رواتب الموظفين.

 

وقال الكاتب والمحلل الاقتصادي محمد العبسي ل"الرياض" "ان انخفاض ايرادات النفط بشكل كبير جراء فشل الحكومة في تأمين أنبوب النفط في مأرب، ونقص الاحتياطي النقدي، والسحب على المكشوف، وارتفاع نسبة الدين الداخلي، وأذون الخزانة، مؤشرات تؤكد اننا مقبلون على ازمة اقتصادية حقيقية، ما لم تجد الحكومة بدائل، ترفع نسبة الضرائب".