لندن ـ \'القدس العربي\': هل يعود او لا يعود، مع الانباء عن رحيل علي عبدالله صالح للعلاج في السعودية بعد تعرض المجمع الرئاسي في العاصمة صنعاء الى هجوم يوم الجمعة اسفر عن مقتل احد عشر من حراسه وخمسة من المسؤولين اضافة للرئيس نفسه، حيث اصيب بحروق في يديه ووجهه حسب التقارير، ظل السؤال مخيما على صنعاء حيث سكتت المدافع بعد الوساطة السعودية بين الموالين لصالح وآل الاحمر الذين نفوا اية علاقة بالصاروخ الذي اصاب المسجد الذي كان يصلي فيه صالح الجمعة.
وترى التعليقات الغربية ان مجرد قبول صالح العرض السعودي للعلاج في الرياض دليل على ان السلطة باتت تتسرب من بين يديه. ونقلت صحيفة \'اوبزيرفر\' عن مسؤول سعودي طلب عدم ذكر اسمه قوله \'انه مجرد قائد ووجوده لتلقي العلاج، فنحن اقرب دولة اليه ولدينا المعدات الطبية\'. ورفض المسؤول التأكيد ان كان صالح قد قرر التنحي عن السلطة مؤكدا انه موجود للعلاج فقط. ويرى معلقون ومحللون انه طالما طلب الرئيس العلاج في الخارج فمن المستبعد ان يكون قادرا على العودة مرة ثانية للبلاد. واكدت التحليلات ان السعودية لم تكن لتوافق على نقله لو لم تنتزع منه موافقة على الاستقالة، خاصة ان الرئيس الجريح بات اكثر اعتمادا عليها من مالها النفطي. فقد منح حادث الجمعة السعودية الفرصة للتدخل وبشكل حاسم لترتيب وضع اليمن لكنها ستواجه مصاعب كبيرة من اجل انشاء نظام انتقالي يعبر عن امال مطالبي الحرية والديمقراطية ويرضي الاطراف جميعها صاحبه المصالح. ونقلت \'واشنطن بوست\' عن جوان زاراتي الذي خدم في ادارة جورج بوش قوله \'في اللحظة التي يعتب خارج اليمن، فالسؤال الكبير ان كان سيرجع ام لا؟\'.
وكان صالح قد وافق على الخروج للعلاج بعد تدهور حالته الصحية على الرغم من انه قام في محاولة منه لتطمين الموالين بتسجيل صوتي اذيع على التلفاز مع صورة قديمة له، وبدا صوته متعبا.
ونقلت \'نيويورك تايمز\' عن مسؤولين سعوديين قولهم ان صالح وافق على الرحيل للعلاج بعد تدهور وضعه الصحي، فيما هاتف مستشار الرئيس باراك اوباما لشؤون مكافحة الارهاب الى نائب الرئيس اليمني، عبدالرب منصور الهادي الذي كلفه صالح بانه ينوب عنه ويخشى المحللون حسب الصحيفة من ان يؤدي غياب صالح الى فراغ في السلطة، ويؤدي الى فوضى اكثر في البلاد، حيث خسرت الحكومة اجزاء من البلاد التي خرجت عن سيطرتها لتنظيم القاعدة فيما تحاول الجماعات الجهادية الاخرى الاستفادة من الفوضى. وستتضرر السعودية الجارة القريبة والتي يرتبط امنها باستقرار اليمن، في حالة انهيار الوضع وانزلاق اليمن نحو الفوضى والحرب الاهلية. ويهم السعودية الاستقرار خاصة انها شعرت بنوع من الهزة والصدمة من الربيع العربي حيث سارعت بالوساطة وامنت وقفا للنار بين المتحاربين ورتبت نقل صالح للعاصمة الرياض لتلقي العلاج. وكان صادق الاحمر، احد الاخوة الثلاثة من ال الاحمر ممن لهم علاقة بالنزاع مع صالح قد اكد ان الملك السعودي عبدالله قد قام بالتدخل وانه سيحترم وقف اطلاق النار. واتهم الاحمر صالح بانه وراء ما اسماه الكابوس الذي يعيش في ظله اليمنيون. ولكن دعاة التغيير ممن يتمترسون في ساحة التغيير عبروا عن خشيتهم من سرقة ثورتهم السلمية حيث اصبحت الان صراعا على السلطة بين عائلة تسيطر على القوات الامنية واخرى تسيطر على التجمع القبلي وهو \'حاشد\'.
لكن دعاة التغيير عبروا عن شكوكهم من المحاولة السعودية ونقلت عن متحدث باسم مجلس تنسيق ثورة شباب التغيير قوله ان الامر مثير للاحتقار فبعد كل التضحيات التي قدموها والاراوح التي زهقت يقوم \'صالح والسعودية بخداعنا\'. واكد \'هذه ليست النهاية فصالح لم ينته بعد\'، خاصة ان صالح تراجع اكثر من مرة عن توقيع المبادرة السعودية.
تحد ومخاوف من انزلاق
وقال تقرير لصحيفة \'نيويورك تايمز\' ان رحيل صالح للعلاج قد صدم اليمنيين ويمثل تحديا كبيرا للحكومة الامريكية التي تخشى من انزلاق البلاد نحو الفوضى. وتقول الصحيفة ان السعوديين سيحاولون جهدهم بمنع عودة صالح كرئيس حسب محللين وهو الهدف الذي حاولوا مع حلفائهم في دول الخليج تحقيقه لعدد من الاسابيع.
وترى الصحيفة انه مع رحيل صالح فالتوتر قد يتلاشى في العاصمة لكن بدون بديل وخطة واضحة لتحقيق الانتقال من السلطة بشكل سلمي، فهناك مخاوف من صراع على السلطة داخل الاطراف التي عارضت حكم صالح، سواء بين القبائل والجماعات المسلحة وكذا داخل الجماعات الشبابية المطالبة بالتغيير. اضافة الى النزاع الحوثي المسلح والمطالبين بالانفصال في الجنوب. ومن هنا فالضغوط على السعودية التي ستخسر كثيرا من اندلاع العنف المسلح ستكون كبيرة، خاصة ان السعودية تعتبر الحليف الاكبر لامريكا في المنطقة، فيما اعتبرت امريكا صالح الحليف القوي لها في الحرب على الارهاب. وبدا السعوديون غير قادرين على التعامل مع الاحداث ـ الربيع العربي- حيث اخذتهم على حين غرة، وبدأوا محاولاتهم لتهدئة الاوضاع على اكثر من جبهة، فقد دخلوا في حرب كلامية مع اوباما بسبب تخليه عن حسني مبارك، وارسلوا قواتهم للبحرين لحماية آل خليفة، وها هم الان يدخلون معمعة اليمن. فصالح ظل الحليف الوفي لها ومنذ سنين، واعتمدت عليه كي يحقق الاستقرار في بلد مصاب ببلاء التناحر القبلي، لكنها بدأت بالقلق مع تصاعد التظاهرات التي اخذت الهامها من الربيع العربي في تونس ومصر. وعليه جاءت اصابة صالح يوم الجمعة وهو الهجوم الذي القى فيه صالح باللوم على ابناء الاحمر، بمثابة الفرصة التي منحت السعوديين للتدخل وبشكل حاسم، من خلال ترتيب نقل صالح وستة من المسؤولين الذين اصيبوا بسبب الهجوم، كما قامت بالتوسط لوقف اطلاق النار بين قوات صالح والقبائل.
دور القابلة
وزادت الضغوط في الاسابيع الماضية على صالح للتنحي، فقد حث العاهل السعودي، الملك عبدالله صالح على التوقيع على المبادرة الخليجية فيما بدأت ادارة اوباما محاولاتها لاقناع صالح بالتنحي وتأمين خروجه، وارسلت واشنطن جون برينان- مستشار اوباما للمنطقة الاسبوع الماضي لهذا الغرض.
وعلى الرغم من الوضع القوي للسعوديين، الا انهم سيجدون انفسهم امام واقع معقد في اليمن وعليهم عبء تنظيم نظام سياسي لتحقيق انتقال السلطة في بلد لم تبق فيه اية مؤسسة على حالها ويعاني من شلل ومخاوف انهيار اقتصادي بعد شهور من الاحتجاجات. والمهمة ستكون صعبة خاصة ان وثائق السفارة الامريكية في اليمن التي كشفت عنها ويكيليكس كشفت عن ان الكثير من اليمنيين حانقين على دور السعودية في بلادهم. ويرون العلاقة بانها تعمل في صالح السعودية التي تحاول الابقاء على التوازن لمنع تدفق العمالة اليمنية والجريمة وعدم الامن المحتملة. ونقلت \'نيويوك تايمز\' عن باحث متخصص في شؤون اليمن بجامعة برنستون، برنارد هيكل قوله انه من اللافت للنظر ان تتحول السعودية لقابلة كي تحقق التغيير وهي التي ظلت تعارضه. وادى قصف المجمع الرئاسي لصالح الى حالة من الصدمة في العاصمة التي تشهد حربا منذ اسبوعين. ووصف تقرير لمجلة \'تايم\' الامريكية الوضع في العاصمة صنعاء بالتوتر في صباح السبت، حيث نقل عن مواطنين عدم تصديقهم ان صالح لا زال على قيد الحياة، خاصة ان وضعه ظل محلا للتكهنات، وقالوا ان فشل الرئيس بالظهور على التلفاز دليل على انه ميت، حيث قالوا ان صوته لا يكفي، وترى المجلة ان مجرد قبول صالح العرض السعودي دليل على انه خنع في النهاية لمطالب اليمنيين الذي يتظاهرون منذ اربعة اشهر مطالبين اياه بالرحيل. ووصف التقرير شعور سكان العاصمة بعد سماعهم انباء خروج صالح بانها اعطتهم نوعا من الراحة حيث خرج الناس ليلة السبت من بيوتهم الى المقاهي في البلدة القديمة ـ لرحيله.
امريكا تخسر حليفا
ومن الجانب الامريكي تخشى الولايات المتحدة ان يؤدي رحيل صالح الى التأثير على حربها ضد القاعدة المتمركزة فيها، حيث اكد متحدث باسم وزارة الدفاع الامريكية الاسبوع الماضي ان الوضع في اليمن اخذ يؤثر على جهود محاربة الارهاب. ونقلت ما قاله المتحدث باسم الوزارة العقيد ديفيد لابان من ان الولايات المتحدة بدأت الان تنظر الى مرحلة ما بعد صالح حيث قال ان مصالحنا المشتركة مع الحكومة اليمنية لهزيمة القاعدة لا ترتبط بشخص واحد.
وتحتفظ الولايات المتحدة بعدد غير معروف من المستشارين والخبراء الذين يدربون القوات الخاصة اليمنية على محاربة القاعدة. ونقلت صحيفة \'واشنطن بوست\' ان نجل صالح احمد الذي يقود القوات الخاصة اضافة الى اقاربه ممن يديرون الجيش والذين بقوا في البلاد قد يحاولون انهاء اولاد الاحمر.
وقالوا ان قوة احمد وابن عمه تنبع من سيطرتهم على الجيش. وربما اعتقدا مع ابناء قبيلتهم ان لا خيار لديهم سوى القتال. وقال غريغوري جونسين ان الخطوة القادمة غير واضحة وتساءل عما سيحدث لعائلته. واهم ما يقلق الامريكيين هي ان قدرة الرئيس اليمني على حكم البلاد ضعفت بعد ان فقد السيطرة على مناطق في الجنوب لجهاديين، مما اقلق بال الامريكيين الذين يرون في قاعدة شبه الجزيرة العربية التهديد الاكبر لامنهم، خاصة ان معظم المحاولات لضرب امريكا جاءت من اليمن في الاعوام الاخيرة.
وعليه فان امريكا قلقة من نزاع قد يحصل بين الجيش والقبائل برحيل صالح.
وقال جونسين ان صالح لو رحل فهو يشعر بالتشاؤم بما سيحدث بعد، واعتقد ان الوضع قد ينحدر لحالة من الفوضى وبشكل سريع. مما يعني منح القاعدة مساحة للتنفس ومعها مشاكل لامريكا. وقال ان امريكا قد تحاول تجميع خطة بعد خسارة حليف على الرغم من مشاكله، قائلا ان الادارة الحالية لم تركز كثيرا على مرحلة ما بعد صالح. ومع ان ال الاحمر حظوا بعلاقات جيدة مع السعوديين فانه لا يعرف ان كانوا مع الجنرال محسن الاحمر سيحاولون ملء الفراغ برحيل صالح فقد نقلت صحيفة \'لوس انجليس تايمز\' عن مسؤول سعودي قوله \'الله وحده يعلم\'.
الرئيسية
/
شؤون محلية
/
تقرير: السعودية ربما لا تترك علي صالح يعود لليمن وواشنطن تخطط لمستقبل اليمن بدونه.. ومخاوف من فوضى
اخترنا لكم
آخر تحديث
السبت,23 نوفمبر 2024
الساعة 02:36
مساء
# | اسم العملة | بيع | شراء |
---|---|---|---|
دولار أمريكي | 2074.00 | 2061.50 | |
ريال سعودي | 542.00 | 540.00 |