57 عاماً من الاستقرار تنهار في لحظات حرجة بعد اجتياح قوات جنوبية لمحافظات شرق اليمن الغنية بالثروات، مما يضع المملكة العربية السعودية أمام قرار تاريخي قد يعيد تشكيل الخريطة السياسية لليمن إلى الأبد.
تشهد محافظات حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى توتراً غير مسبوق منذ مطلع ديسمبر الجاري، حيث تقدمت قوات من أقصى الجنوب اليمني نحو هذه المناطق الاستراتيجية التي تضم نصف مليون كيلومتر مربع من أغنى الأراضي بالموارد الطبيعية.
عجز الحكومة اليمنية الشرعية عن صد هذا التقدم العسكري دفع أبناء المحافظات الشرقية للتطلع نحو الضامن السعودي الذي يحمل مسؤولية حماية المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني منذ عام 2011.
تحمل هذه التطورات أهمية قصوى كونها تهدد منظومة الأمن الاجتماعي لمناطق ظلت لعقود بمثابة رئة تنفس آمنة بفضل علاقاتها الخاصة مع الحدود السعودية والعمانية منذ ضم المحمية الشرقية عام 1967.
التحدي الأمني الجديد يضع الرياض أمام معادلة معقدة تتطلب موازنة دقيقة بين:
- التزاماتها كضامن رئيسي للمبادرة الخليجية
- ضرورة حماية أمنها القومي من تداعيات الفوضى
- احترام إرادة شعوب المنطقة في تقرير مصيرها
يؤكد مراقبون أن تأمين وضع الشرق اليمني على مسار الحل السلمي قد يكسر حدة الصراع الدائر، خاصة أن هذه المحافظات لطالما اعتبرت جائزة المنتصر في النزاع المحتدم على الثروات الهائلة.
الموقف الحرج يتطلب قراراً سريعاً قد يحدد ما إذا كانت ترتيبات سياسية جديدة ستحكم المنطقة وفقاً لمبدأ عدم فرض الوقائع بالقوة، أم أن المنطقة ستشهد تحولاً جذرياً في بنيتها السياسية يعكس موازين قوى جديدة تماماً.