في مشهد استثنائي هز سماء المملكة، سجلت محافظة الخفجي رقماً قياسياً مذهلاً بـ 31 ملم من الأمطار في 24 ساعة فقط - كمية تكفي لإرواء مزرعة كاملة وتعادل ما تحصل عليه بعض المناطق في شهر كامل! شبكة ضخمة من 65 محطة رصد تراقب كل قطرة مطر تسقط على مساحة تزيد عن مليون كيلومتر مربع، والأمطار الآن قد تحدد شكل الموسم الزراعي المقبل بأكمله.

تحولت شوارع الخفجي إلى مرايا مائية تعكس السماء الرمادية، بينما انتشرت موجة مطرية شاملة ضربت 4 مناطق رئيسية بكميات متفاوتة خلال يوم واحد. سجلت جزيرة جنة بالجبيل 25.4 ملم، تلتها السعيرة بحفر الباطن بـ 18.3 ملم، في تفاوت مذهل وصل إلى 30 ضعفاً بين أعلى وأقل معدل هطول. "فاطمة السليم، مزارعة من الدرعية، لا تخفي فرحتها: 'هذا المطر المبارك سيوفر علينا تكاليف الري لشهور قادمة، إنها نعمة من السماء'".

هذا النظام الجوي المداري الذي تكون فوق الخليج العربي وامتد شرقاً يذكرنا بأمطار شتاء 2018 الاستثنائية التي جعلت الصحراء تزهر وتكتسي بالخضرة. تغيرات الضغط الجوي والرياح الموسمية تضافرت لتشكل هذا المشهد الاستثنائي، بينما يؤكد خبراء الأرصاد أن "هذه الكميات مفيدة جداً لتغذية المياه الجوفية والتنوع البيولوجي". المختصون يتوقعون استمرار النشاط المطري خلال الأسبوع مع إمكانية وصوله لمناطق جديدة.

على أرض الواقع، تحسنت جودة الهواء بشكل ملحوظ وانخفضت درجات الحرارة، مما وفر على المواطنين فواتير التكييف المرتفعة. سعد العنزي، موظف في مطار الدمام، يصف المشهد: "شاهدت كيف غسلت الأمطار المدينة وجعلت الهواء منعشاً، حتى رائحة التراب المبلل تملأ المكان بعبق الطبيعة". بينما حذر أحمد المطيري من الخفجي قائلاً: "اضطررت لتأجيل سفري بسبب تجمع المياه، لكن منظر الخضرة التي بدأت تظهر يستحق الانتظار".

بينما تواصل شبكة الرصد تسجيل هذه الأرقام القياسية، تفتح هذه الأمطار المباركة آفاقاً واعدة لنمو الغطاء النباتي وازدهار الزراعة في المملكة. الخبراء ينصحون بمراقبة توقعات الطقس والاستعداد للاستفادة من هذه النعمة، مع توخي الحذر من تجمعات المياه في الطرق. السؤال الذي يشغل الجميع الآن: هل ستمتد هذه الأمطار المباركة لتشمل جميع مناطق المملكة وتحقق حلم الخير الشامل؟