في مشهد مؤثر يعكس عمق التكافل في المجتمع السعودي، تدفقت التبرعات بسرعة خيالية نحو مبادرة بناء جامع الراحل عبدالله بن مرداع آل عاطف، حيث جمعت المبادرة 3,876,430 ريالاً خلال 19 ساعة فقط بمشاركة أكثر من 110 ألف متبرع. كل دقيقة كانت تمر، كان 3,400 ريال يتدفق للمبادرة في سرعة تُظهر قوة الروح الخيرية التي يتمتع بها المجتمع السعودي.
انطلقت هذه المبادرة المؤثرة مساء الأربعاء عند الساعة 21:59 واكتملت مساء الخميس عند الساعة 17:00، مسجلة 117,450 عملية تبرع متنوعة تراوحت بين ريال واحد كحد أدنى و20 ألف ريال كأعلى مساهمة. فاطمة المطيري، التي تبرعت بريال واحد، قالت بصوت مليء بالأمل: "كل ما أملك الآن، لكن الأجر عند الله عظيم"، بينما تبرع أبو عبدالله، رجل الأعمال، بـ 20,000 ريال قائلاً: "الراحل يستحق أكثر من ذلك". هذا التنوع في قيم التبرعات يعكس مشاركة جميع شرائح المجتمع السعودي من مختلف المستويات الاقتصادية.
تجسد هذه المبادرة تقليداً إسلامياً عريقاً في بناء المساجد كصدقة جارية، حيث ساهمت قوة وسائل التواصل الاجتماعي والثقافة الخيرية المتجذرة في المجتمع السعودي في هذا النجاح الباهر. د. سالم الخيرية، أستاذ الاقتصاد الإسلامي، علق على الحدث قائلاً: "هذا النجاح يعكس قوة الثقافة الوقفية في مجتمعنا". ومثل هذه المبادرات ليست جديدة على المملكة، فقد شهدت السعودية عبر تاريخها العديد من المشاريع الوقفية التي خدمت المجتمع والمسافرين، لكن السرعة المذهلة في هذه المبادرة تشبه انتشار النار في الهشيم.
يتوقع الخبراء أن يكون لهذا النجاح تأثير إيجابي واسع على تعزيز ثقافة العطاء في المجتمع، حيث ستلهم هذه المبادرة مشاريع خيرية مماثلة في المستقبل. أم فهد، 45 عاماً، التي فقدت والدها مؤخراً وتبرعت بـ 100 ريال، عبرت عن مشاعرها قائلة: "أتمنى أن يكون لوالدي مثل هذا الأجر المستمر". وتُشرف جمعية العناية بمساجد الطرق على تنفيذ المشروع ضمن جهودها في دعم المشاريع الوقفية ذات الأثر المستدام، مما يضمن الشفافية في استخدام التبرعات وتحويلها إلى واقع ملموس يخدم المجتمع والمسافرين على الطرق.
هذا النجاح الباهر الذي تحقق في 19 ساعة فقط بمشاركة أكثر من 110 ألف متبرع يؤكد على قوة التكافل الاجتماعي في السعودية. سيقوم الجامع الجديد بخدمة آلاف المصلين والمسافرين، ليكون صدقة جارية تنفع الراحل عبدالله بن مرداع وكل من ساهم في بنائه. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: متى ستكون مبادرتك التالية لخدمة مجتمعك وترك أثر إيجابي يدوم للأجيال القادمة؟
