للمرة الثانية في أسبوع واحد، تهز عملية عسكرية أمريكية جديدة أسواق النفط العالمية، بعدما احتجزت الولايات المتحدة ناقلة نفط فنزويلية في ظلام ما قبل الفجر، في تصعيد غير مسبوق يُنذر بإعادة رسم خريطة الطاقة العالمية. بينما ينام العالم، تُكتب فصول جديدة من الصراع على أكبر احتياطي نفطي في العالم - 303 مليار برميل تحت الأراضي الفنزويلية.
في عملية عسكرية دقيقة كساعة سويسرية، نفذ خفر السواحل الأمريكي بدعم من وزارة الدفاع عملية الاعتراض قبل الفجر وسط كشافات ضوئية قوية تخترق ظلام البحر الكاريبي. "رأيت أضواء ساطعة وأصوات مروحيات في الظلام"، يروي صياد محلي شهد العملية وهو يرتجف من الخوف. الكابتن راميريز، قائد الناقلة المحتجزة ووالد لثلاثة أطفال، يواجه الآن مصيراً مجهولاً، بينما أعلنت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم أن "أمريكا ستواصل ملاحقة النفط الخاضع للعقوبات الذي يمول إرهاب المخدرات".
هذا التصعيد الجديد يأتي كحلقة أخرى في مسلسل الضغوط التي تشنها إدارة ترامب منذ عودتها للسلطة، مثل حصار برلين في الحرب الباردة لكن بأدوات القرن الواحد والعشرين. العقوبات التي بدأت منذ 2019 تتحول الآن إلى حصار نفطي شامل، والخبراء يحذرون من أن هذه مجرد البداية. الدكتور مارتينيز، خبير الطاقة الدولية، يؤكد أن "ترامب لا يستبعد التدخل بقوة أكبر، والأمر مازال قيد الدراسة"، في إشارة مقلقة لاحتمالات تصعيد عسكري أوسع.
بينما يصرخ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو واصفاً العملية بـ"القرصنة البحرية"، تشعر الأسواق العالمية بالقلق من ارتفاع أسعار الوقود والطاقة. الشعب الفنزويلي، الذي يعاني أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة، يواجه الآن احتمال تدهور أكبر في ظروف المعيشة. كقطة تطارد فأراً في متاهة، تحاصر أمريكا فنزويلا من كل جانب، بينما تتزايد المخاوف من نشوب صراع إقليمي أوسع قد يعيد تشكيل توازن القوى في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي.
مع احتجاز ناقلتين في أسبوع واحد وتلويح ترامب بإجراءات أقسى، يقف العالم على أعتاب مرحلة جديدة من عدم الاستقرار الجيوسياسي. الخبراء ينصحون بضرورة تنويع مصادر الطاقة ومتابعة تطورات الأسواق بحذر شديد. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نشهد بداية حرب نفطية جديدة قد تعيد رسم خريطة الطاقة العالمية وتُغرق المنطقة في صراع لا نهاية له؟