بعد 48 ساعة من انتهاء تساقط ثلوج نادر لم تشهده المنطقة منذ سنوات، تستعد السعودية لموجة برد قارسة قد تهز الحياة اليومية لملايين المواطنين. الطبيعة تتنفس الصعداء بعد عاصفة شتوية استثنائية، لكن البرودة القارسة لم تنته بعد! خبراء الأرصاد يحذرون: ليلة واحدة قد تكون كافية لتدمير مزروعات بملايين الريالات بسبب الصقيع المتوقع، في تطور يتطلب استعداداً فورياً.
انحسر بالكامل المنخفض الجوي الاستثنائي الذي أغرق تبوك والجوف وشمال الرياض بثلوج نادرة تتكرر مرة كل عقد، مع عودة تدريجية لاستقرار جوي خادع يخفي خلفه برودة قارسة. صفر أمطار متوقعة للأسبوع المقبل، ودرجات حرارة دون الصفر المئوي ليلاً في المناطق الشمالية والداخلية. "النماذج العددية تؤكد غياب أي مؤشرات مطرية"، يعلن خبراء طقس العرب، بينما يؤكد د. سالم الجوهري، خبير الأرصاد: "هذا الاستقرار طبيعي بعد المنخفضات القوية، لكن البرودة ستكون قارسة". أحمد الصحراوي، مزارع في الجوف، يروي قلقه: "كنا نحتاج المطر أكثر لمزروعاتنا، والآن سنواجه الصقيع المدمر."
هذا المنخفض الجوي الذي ضرب المنطقة كان استثنائياً بقوته، يذكرنا بشتاء 2016 عندما شهدت المنطقة ثلوجاً مماثلة ثم فترة استقرار طويلة امتدت شهوراً. تغير أنماط الضغط الجوي والموقع الجغرافي الفريد للمنطقة يفسران هذا التحول الدراماتيكي من العاصفة الثلجية إلى الهدوء التام، مثل انقضاض الصقر من العنف إلى السكون المطلق. خبراء الأرصاد يجمعون على استمرار هذا الاستقرار مع برودة شديدة، وعدم توقع عودة الأمطار في المدى القريب، مما يضع المزارعين أمام تحدٍ حقيقي.
ملايين السكان يتأهبون الآن لتغيير كامل في نمط الحياة، من الملابس الثقيلة إلى تغيير مواعيد النشاطات اليومية لتجنب البرودة القارسة. زيادة متوقعة في استهلاك الكهرباء للتدفئة، وتأثر خطير للمزروعات المكشوفة يتطلب إجراءات وقائية عاجلة. فاطمة المطيري، أم لثلاثة أطفال من تبوك، تعبر عن مشاعر مختلطة: "الحمد لله على الطقس المستقر، سنتمكن من الخروج مع الأطفال دون قلق من الأمطار، لكن البرودة مخيفة." المشهد يتناقض تماماً مع أصوات المطر التي ملأت المنطقة قبل أيام، ليحل محلها صمت الصحراء وصوت أجهزة التدفئة في البيوت.
انتهت العاصفة الاستثنائية وبدأت فترة استقرار بارد قد تستمر أسابيع، مع غياب كامل للأمطار يضع المنطقة أمام واقع جديد. الطقس المستقر يفتح فرصاً ذهبية للأنشطة النهارية والرحلات، بينما الليالي القارسة تتطلب استعداداً خاصاً. حماية المزروعات من الصقيع المدمر أصبحت أولوية قصوى، واستغلال ساعات النهار الدافئة نسبياً بات ضرورة حياتية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستتحمل مزروعات المنطقة ليالي الصقيع القادمة؟ أم أن الطبيعة تحضر لمفاجأة أخرى في جعبتها؟