خلال ساعات قليلة، بكى آلاف السعوديين على شخص لم يقابلوه قط - مبارك الدوسري "أبو بشت"، صانع المحتوى الذي رحل في قمة عطائه دون إنذار، دون وداع، دون سبب واضح. الآن، وقبل أن تختفي ذكراه وسط ضجيج الحياة، يكشف لنا رحيله المفاجئ حقيقة مؤلمة عن هشاشة الحياة وقوة التأثير الإنساني.
تحول الإنترنت السعودي إلى بحر من الدموع عندما انتشر نبأ وفاة الرجل الذي علّم الملايين أن البساطة هي سر التأثير. آلاف المعزين تدفقوا خلال ساعات قليلة، واسمه تصدر محركات البحث ليصبح الأكثر بحثاً في المملكة. "كان مثل الأخ الكبير الذي لم أقابله، رسائله كانت تسعدني كل يوم"، تقول سارة المطيري، متابعة مخلصة لثلاث سنوات، وصوتها يرتجف من الحزن.
ما يثير الذهول أكثر أن "أبو بشت" كان في أوج حضوره الرقمي عند رحيله، كسقوط نجم في سماء صافية - مفاجأة مؤلمة في ليل هادئ. "فقدنا صوتاً أصيلاً نادراً في عصر المحتوى المصطنع"، يصف د. فهد السليمان، خبير الإعلام الرقمي، هذه الخسارة التي تشبه كوفاة عبدالحسين عبدالرضا - فقدان فنان شعبي محبوب يصعب تعويضه. غموض سبب الوفاة يفتح باب التساؤلات، بينما تتزايد الدعوات لاحترام خصوصية عائلته.
اليوم، يشعر ملايين المتابعين كفقدان مليون صديق دفعة واحدة - فكل متابع فقد مصدراً يومياً للبهجة والإيجابية. "رأيته صباح أمس طبيعياً جداً، يضحك مع أطفاله، لا أصدق أنه رحل"، يروي خالد العتيبي، جار الراحل، بينما تملأ شاشات سوداء حسابات المتابعين حيث كانت ضحكاته تتردد. حتى رائحة القهوة التي اشتهر بشربها في فيديوهاته أصبحت تذكّر به بشكل مؤلم. الصلاة على جثمانه ستقام في الرياض وسط توقعات بحضور عدد كبير من محبيه.
رحل مبارك الدوسري تاركاً إرثاً من البساطة والإيجابية في عالم رقمي معقد، ودرساً قاسياً عن قيمة كل لحظة نعيشها. مستقبل المحتوى السعودي سيحمل بصمته، والسؤال المؤلم يبقى: هل سنتذكر دروسه في البساطة والإيجابية، أم سيصبح مجرد ذكرى تتلاشى؟ الإجابة تكمن في كيفية تكريمنا لذكراه اليوم وغداً.