مليون ريال! هذا هو الفرق الصادم في سعر جنيه الذهب بين مدينتين يمنيتين تفصل بينهما مئات الكيلومترات فقط. في حدث يعكس عمق الكارثة الاقتصادية التي تضرب اليمن، أصبح المواطن في عدن يحتاج إلى 3 أضعاف المبلغ المطلوب في صنعاء لشراء نفس قطعة الذهب. الخبراء يحذرون: كل يوم تأخير في اتخاذ قرار حماية مدخراتكم يعني خسارة آلاف الريالات إضافية.
وبينما يبلغ سعر جنيه الذهب في صنعاء حوالي 515 ألف ريال للبيع، ينفجر السعر في عدن ليصل إلى مليون و561 ألف ريال - فارق يتجاوز المليون ريال كاملة! أحمد سعيد، موظف متقاعد من عدن، يروي مأساته: "كنت أدخر لشراء جنيه ذهب لابنتي عند زواجها، لكن السعر ارتفع إلى مستوى لا يصدق. ما كان يكفي لشراء جنيهين أصبح بالكاد يكفي لنصف جنيه". هذا التباين المدمر يؤثر على ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على الذهب كملاذ آمن لحماية مدخراتهم.
الأرقام تكشف حجم الكارثة: بينما يستقر جرام الذهب عيار 21 في صنعاء عند 65,500 ريال، يقفز في عدن إلى 205 آلاف ريال - زيادة تفوق 200%. هذا التباين الهائل لا يحدث بين دولتين مختلفتين، بل داخل نفس البلد، مما يذكرنا بأزمة الكساد الكبير عام 1929 عندما شهدت المناطق المختلفة تقلبات مدمرة في أسعار الذهب. د. محمد الشامي، خبير اقتصادي، يؤكد: "هذا التباين يعكس انهياراً حقيقياً في النسيج الاقتصادي للبلد، وننتظر تدخلاً عاجلاً قبل فوات الأوان".
التأثير على الحياة اليومية أصبح مدمراً للغاية. فاطمة عبدالله، ربة بيت من عدن، تحكي قصتها المؤلمة: "ذهبت لبيع سوارين من الذهب لسداد رسوم مدرسة أولادي، فوجئت بأن قيمتها انخفضت بشكل مرعب مقارنة بما دفعته عند الشراء". في المقابل، استطاع خالد الحميري، تاجر ذكي من صنعاء، استغلال هذا التباين المجنون لتحقيق أرباح استثنائية عبر نقل جزء من تجارته. المشهد في أسواق الذهب يعكس هذا التناقض: هدوء حذر في صنعاء مقابل نشاط محموم وتوتر واضح في عدن، حيث يتصارع المواطنون لحماية ما تبقى من مدخراتهم.
هذا التباين المرعب ليس مجرد أرقام، بل يمثل تهديداً حقيقياً لمستقبل اليمن الاقتصادي. مع استمرار هذا الانقسام، قد نشهد انهياراً كاملاً للثقة في العملة المحلية وتحولاً إجبارياً نحو الذهب كبديل نقدي. الخبراء ينصحون المواطنين بضرورة تنويع مدخراتهم وتجنب المضاربة المفرطة، مع متابعة الأسعار بحذر شديد. السؤال المصيري الآن: هل سيشهد اليمن انقساماً اقتصادياً دائماً يحكم على شعبه بمعاناة مضاعفة، أم أن هناك بصيص أمل في توحيد اقتصادي ينقذ ملايين اليمنيين من هذا الكابوس؟