في مشهد لم تشهده عدن منذ أشهر، استيقظت العاصمة الجنوبية على صوت المطر بدلاً من صهد الصحراء، حيث غطت السحب الرمادية الكثيفة سماء المدينة كبطانية ناعمة وهطلت أمطار متفاوتة الشدة شملت عدة مديريات. صفر خسائر مسجلة حتى الآن رغم التغطية الواسعة، لكن خبراء الأرصاد يحذرون: المناطق المنخفضة في خطر خلال الساعات القادمة، والسكان بحاجة لليقظة القصوى.
تحولت شوارع عدن إلى مرايا تعكس السماء الرمادية، بينما امتلأت قلوب المئات من السكان بالامتنان لهذه النعمة النادرة. "شفت المطر ينزل بقوة في كريتر، بس الناس فرحانة والله" قال أحمد الحضرمي، سائق تاكسي شاهد على هذا المشهد الاستثنائي. رائحة التراب المبلل تملأ الأجواء، وصوت قطرات المطر على الأسطح يحكي قصة انتعاش طال انتظارها، بينما يؤكد سالم المقطري، مزارع محلي: "هاي بركة من السما، أرضنا عطشانة من زمان".
عدن، بموقعها الاستراتيجي بين البحر والصحراء، تشهد تقلبات مناخية موسمية، لكن هذه الأمطار جاءت كنسمة أمل بعد أشهر من الحر الشديد. تذكر هذه الأجواء بموسم 2008 الذي جلب الخير للمنطقة دون أضرار تُذكر، حين هطلت أمطار مماثلة وأنعشت الأرض العطشى. د. فاطمة الصبري، خبيرة الأرصاد، تؤكد: "هذا النوع من الأمطار نعمة للمنطقة لكن يحتاج حذر"، بينما تشير التقديرات إلى أن الغطاء السحابي يمتد لمساحة تفوق 500 كيلومتر مربع.
بين الفرح بالنعمة والحذر من المخاطر المحتملة، يتنوع رد فعل السكان على هذا التطور الجوي المفاجئ. المواطنون يستمتعون بالأجواء المنعشة والهواء النقي، بينما ينتظرون انتعاش الزراعة المحلية وتحسن جودة الهواء خلال الأيام القادمة. ناصر العدني، ساكن المناطق المنخفضة، يؤكد: "نحن متيقظين وجاهزين لأي طارئ"، في حين تشهد الأسواق المحلية حركة نشطة من السكان الذين يستعدون لاحتمالية استمرار الأمطار.
أمطار عدن اليوم: نعمة بلا خسائر حتى الآن، لكن الضرورة تقتضي البقاء متيقظين خلال الساعات الحرجة القادمة. على السكان توخي الحذر الشديد خاصة في المناطق المنخفضة ومجاري السيول، مع الاستفادة الحكيمة من هذه النعمة النادرة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستستمر السماء في عطائها أم أن عدن على موعد مع تحدٍ جديد؟