في تطور صادم يهز ضمير الأمة الإسلامية، كشفت الأرقام الموثقة أن 124 ألف مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى خلال عامين فقط - رقم يفوق تعداد سكان 20 مدينة فلسطينية، بينما يقف أكثر من 280 حارساً فلسطينياً عاجزين على مسافة 100 متر، في مشهد مؤلم يختصر واقع أقدس الأماكن الإسلامية. الحقيقة المرعبة: في كل يوم عيد يهودي، يجتاح 3000 مستوطن ساحات الأقصى بحماية إسرائيلية كاملة، بينما حارس واحد فقط يُمنع من الاقتراب لحماية كرامة المكان.
أبو محمد الحارس، 55 عاماً، يحرس الأقصى منذ ربع قرن، يكسر صمته بألم واضح: "شاهدت بعيني كيف تحولنا من حماة للأقصى إلى مجرد ديكور لا حول له ولا قوة". اعتُقل ثلاث مرات وفُرضت عليه غرامات تفوق راتبه، لكنه يرفض ترك موقعه. البيانات الرسمية تكشف زيادة مرعبة بنسبة 354% في الاقتحامات، من 13 ألف مستوطن في 2023 إلى 59 ألف في 2024، فيما وصل العدد حتى منتصف أغسطس وحده إلى 51 ألفاً. "أسوأ عملية هدم للوضع الديني والقانوني شهدها تاريخ المسجد الأقصى"، هكذا وصف مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية ما يجري.
قبل عام 2000، كان الحراس الفلسطينيون يرافقون أي زائر يهودي بمفردهم، يتحكمون في مساراتهم ويضعون القواعد. اليوم، المشهد انقلب رأساً على عقب. بدأت إسرائيل بفرض مرافقة شرطتها للحراس، ثم أجبرتهم على الوقوف على بُعد 50 متراً من المستوطنين، ليصل الأمر إلى 100 متر، وأخيراً منعتهم تماماً من التدخل. كما بدأ احتلال فلسطين بخطوات صغيرة "دونم تلو الدونم"، يتم ابتلاع الأقصى اليوم "متر تلو المتر". د. محمد الحسيني، خبير القانون الدولي، يحذر: "ما يحدث انتهاك صريح لاتفاقية جنيف، ونحن نشهد تغييراً للوضع القائم بالقوة".
في كل يوم، تشعر أم فادية من القدس بالألم وهي تُمنع من دخول الأقصى للصلاة، بينما تشاهد عشرات المستوطنين يمرون أمامها محاطين بالحماية الإسرائيلية. "أطفالي يسألونني: لماذا الغرباء يدخلون بيت الله وأنت لا تستطيعين؟"، تقول بدموع في عينيها. السيناريو الأكثر رعباً يتشكل أمام أعيننا: إذا استمرت الاقتحامات بهذا المعدل المتصاعد، فإن الأقصى سيشهد خلال 2025 أكثر من 100 ألف مقتحم، مما يعني تحويله فعلياً إلى مكان مشترك أو يهودي بالكامل. الخبراء يتفقون: نحن أمام اللحظات الأخيرة قبل فقدان السيطرة الإسلامية نهائياً على ثالث الحرمين الشريفين.
الأقصى يضيع من بين أيدينا قطرة قطرة، ساعة تلو الأخرى، بينما العالم الإسلامي يكتفي بالبيانات والإدانات. اليوم لدينا 280 حارساً مُهمشاً، غداً قد لا يكون لدينا أحد منهم. إما تحرك عاجل وحازم من الحكومات العربية والإسلامية، أو استعداد لتفسير ما حدث لأجيالنا القادمة. السؤال الذي سيطاردنا جميعاً: إذا فقدنا الأقصى اليوم، فبأي وجه سنواجه أطفالنا غداً؟